محافظ حلب في حديث خاص لـ«تشرين»: 730 منشأة نسيجية وغذائية وهندسية ودوائية تعود للإنتاج وحلب بأكملها تنهض من جديد
من يزور حلب الشهباء اليوم يلاحظ كوكبة من المتابعات والنشاطات والحركة تقوم بها المحافظة ومؤسساتها خدمياً واقتصادياً وصناعياً، بغية أن تعود المدينة كما كانت قبل تسلل الإرهاب إليها، وأن تحقق لأهلها وسكانها ما يلزمهم من أمور معيشية وخدمية تحقق لهم الراحة والأمان والاستقرار.
ولتسليط الضوء على تلك الأمور وحيثياتها التقت «تشرين» العميد حسين دياب محافظ حلب الذي قال: يعلم الجميع أن حلب كغيرها من المحافظات السورية تعرضت خلال سنوات الحرب الإرهابية إلى الكثير من الدمار والتخريب الممنهج في كل المجالات، حيث طال الإرهاب البشر والشجر والحجر، وكان لمدينة حلب خصوصية في الحصار والدمار لكونها تحتضن كل مقومات الاقتصاد السوري من الصناعة والتجارة والسياحة والزراعة، حيث عمد الإرهابيون ومن يقف خلفهم إلى استهداف المصانع وسرقتها أو تدميرها، خصوصاً في المدينة الصناعية في الشيخ نجار والمناطق الصناعية والحرفية داخل المدينة وعلى أطرافها.
وبفضل صمود أهل حلب والتفافهم حول الجيش العربي السوري بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد استطاعت حلب أن تواجه التحديات الجسام، وتم تطهيرها من دنس الإرهاب، وهنا كان لا بد أن يبدأ الجيش الخدمي بمعركة إعادة التأهيل والترميم وصيانة ما دمره الإرهاب، وكان من الضروري أيضاً إزالة الأنقاض والسواتر الترابية التي خلّفها الإرهابيون من أجل فتح الطرقات والبدء بمشاريع تأهيل البنى التحتية للنهوض بالخدمات الأساسية.
وفي سؤال عن الواقع الصناعي والاقتصادي لحلب وما تقوم به المحافظة من دور لإنجاح هذا الواقع أجاب السيد المحافظ: في حقيقة الأمر يعلم الجميع أن حلب عاصمة الاقتصاد السوري وكانت المدينة الصناعية في الشيخ نجار تشكل فرصة استثمارية متميزة، وقد ازدهرت بالصناعات المهمة التي كانت ترفد السوق المحلية بالصناعات والمنتجات، إضافة إلى التصدير للكثير من دول العالم، إلا أن يد الإرهاب طالت معظم منشآتها فتم تخريب المصانع وسرقتها من قبل العصابات الأردوغانية، وبعد تطهير المدينة من دنس الإرهاب بدأت محافظة حلب بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى لتنفيذ المشاريع الخدمية وأعمال البنى التحتية لتسهيل عودة الصناعيين إلى منشآتهم. واليوم وصل عدد المنشآت التي عادت إلى الإنتاج /730/ منشأة في المجالات النسيجية والغذائية والهندسية والأدوية وغيرها من الصناعات المهمة.
وأضاف: نحن في المحافظة نعقد اجتماعات دورية كل شهر لمجلس إدارة المدينة الصناعية لدراسة طلبات المستثمرين لاتخاذ القرارات اللازمة وتقديم التسهيلات للإخوة الصناعيين في سبيل عودتهم إلى مصانعهم وعودة الإنتاج فيها، واتخذنا العديد من القرارات لتبسيط الإجراءات وإعطاء المهل اللازمة للمستثمرين للقيام بإجراءات الترخيص والمباشرة بالبناء، ولا شك بأن حلب مازالت تحتاج الكثير لإعادة الإعمار وإعادة الإنتاج، وهي تحظى باهتمام حكومي كبير واهتمام شخصي من سيد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد.
وفي سؤال عن عودة الحرفيين ومشاريعهم للعمل بعد أن دمرها الإرهابيون خاصة أن محافظة حلب تشتهر بهم وبما يقومون به من إبداعات أجاب دياب: تتوزع المناطق الحرفية بحلب في العديد من المواقع والأحياء، وتعرضت هي الأخرى للكثير من الدمار خصوصاً في مناطق (القاطرجي – الراموسة – الشقيف – الليرمون)، وقد عملت المحافظة منذ البداية على تقييم واقع هذه المناطق واحتياجاتها الخدمية، وبدأت بتنفيذ المشاريع الخدمية كإزالة الأنقاض وفتح الطرقات وصيانتها تسهيلاً لعودة الحرفيين إلى هذه المناطق، كما عملت المحافظة بالتنسيق مع الوزارات المختصة لتأمين ما أمكن من الخدمات وإعادة تأهيل وصيانة البنى التحتية المدمرة في هذه المواقع خصوصاً شبكات مياه الشرب والهاتف والصرف الصحي والكهرباء، وقد ساهمت هذه الجهود بعودة الآلاف من الورش والحرف إلى الإنتاج، حيث وصل عددها حتى الآن إلى أكثر من /18500/ منشأة حرفية في المدينة.
وسألنا السيد محافظ حلب عن المدينة القديمة وأين وصلوا بترميمها فقال: حلب القديمة من أهم المعالم التاريخية والاجتماعية والسياحية والاقتصادية وهناك عدة مشاريع للترميم، وأبرز المشاريع في أسواق حلب، ولا شك بأن المدينة القديمة تشكل أحد أهم المعالم التاريخية والسياحية في سورية، نظراً لما تحتضنه من أسواق قديمة ومنشآت سياحية عريقة، وكانت قبل سنوات الحرب الظالمة قبلة للسياح والتسوّق، وهي مسجلة على لائحة التراث العالمي، إلا أن الإرهاب طال معظم المواقع والمباني والأسواق التاريخية المهمة في المدينة القديمة، حيث اعتمد الإرهابيون على تنفيذ التفجيرات وزرع المفخخات، ما أدى الى تخريب الأسواق والمنشآت وتدميرها ومن بينها الجامع الأموي، وهو ما يعكس فكرهم الظلامي واستهدافهم للتراث والهوية التاريخية والثقافية لهذه المدينة المهمة. وبعد دحر الإرهاب بدأت الحكومة بالتنسيق مع المجتمع الأهلي بتنفيذ مشاريع مهمة لترحيل الأنقاض وفتح الطرقات وإعادة تأهيل وترميم عدد المباني التاريخية والأسواق القديمة.. ومن بين هذه الأسواق (سوق السقطية – سوق الزهراوي – سوق الخابية) إلى جانب افتتاح سوق خان الحرير وسوق الفستق، وتوقيع اتفاقية ترميم سوق سوق الأحمدية وسوق الحبال إضافة إلى تأهيل مدرسة سيف الدولة ومحيط القلعة إلى جانب تأهيل عدد من الخانات والساحات إضافة الى إعادة تأهيل وترميم الجامع الأموي، حيث تتم هذه الأعمال وفق المواصفات والمعايير العالمية واستخدام المواد الخاصة بالترميم لإعادة الألق إلى المدينة القديمة كما كانت من قبل، وذلك ضمن الخطة الوطنية لإعادة الحياة إلى أسواق مدينة حلب القديمة.
وختم دياب حديثه بالقول: أقتبس من كلام سيد الوطن بأن «الدولة ستكون إلى جانب الصناعيين والحرفيين والتجار لأنهم يستحقون كل الدعم، فهم يخوضون الحرب على جبهة هي دائماً جبهة عمل وجبهة حرب اقتصادية والتأكيد على أولوية الاقتصاد في المرحلة المقبلة وكيفية تجاوز العقبات التي تواجه القطاع الإنتاجي والقدرات الحقيقية للصناعة السورية التي صمدت ولتجاوز الحصار وتخفيف تأثيره وخلق المزيد من فرص العمل، الدولة معكم بهدف أن نعكس هذه الجهود المشتركة التي تبذل أرقاماً في الاقتصاد وفرص عمل وازدهار الوطن».
وأوكد أن مدينة حلب لم تغب يوماً عن ذهن السيد الرئيس بشار الأسد، فمن حلب ينطلقُ التاريخ العريق وتتجسد حكاية أبناء المدينة مع العمل والإنتاج، وأبناؤها تحدّوا الإرهاب ونهضوا رغماً عن الحرب، مع كل ورشة ومعمل وسوق وحرفة، يمدون أياديهم البيضاء لدعم نهوض المدينة العصية على الموت، ولصون هويتها.