الصين والآسيان والإستراتيجيات المتبعة

شكلت دول جنوب شرق آسيا مؤخراً مساراً تنموياً خلاقاً، أفضى لنتائج عملية فعلية على أرض الواقع، لتكون لها دورها الإقليمي والدولي في السياسة الدولية. وما زاد من أهمية دورها في السياسة الدولية التي تشارك فيها القوى العظمى، هو طبيعة الارتباط الذي يوحد جميع هذه الدول في المنطقة.

وبالرغم من أهمية الاجتماع الذي انعقد مؤخراً، وضم وزراء خارجية الصين والدول المشاركة في مجموعة الآسيان، أصبح واضحاً أن الاجتماع الدوري  المذكور لم يعد المنصة الوحيدة لمناقشة العلاقات الثنائية المتبادلة بينهم، تحت عناوين التعاون والتنسيق على كافة الصعد والمجالات.

ويحتل بحر الصين الجنوبي أهميته الواسعة بالتزامن مع الاستهدافات التي تقودها واشنطن ضد الصين وشركائها، والتي تجلت مؤخراً بمواجهات بالقرب من سواحل الصين.

وتعود الأهمية الإستراتيجية لبحر الصين الجنوبي كونه طريقاً تجارياً مهماً للشحن ومرور ناقلات الطاقة الهيدروكربونية من الخليج العربي وإفريقيا إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية، إضافة لكونه موطئاً للعديد من الشعب المرجانية الضحلة التي توفر ثروة سمكية واسعة، وفرص عمل متعددة. بينما تتحدث مصادر متعددة عن وجود كميات هائلة من موارد الطاقة التي تضاهي أكبر حقول النفط والغاز في العالم.

وتسعى الصين لتأطير وتطوير العلاقات مع دول الآسيان، لاسيما الفلبين التي تتعايش معها، من خلال “الإيجابية الاقتصادية، و”السلبية السياسية” بطريقة متناقضة.

فتعتبر آسيان الشريك التجاري الأول للصين ضمن مسارات متعددة بالاستثمار والتعاون الثقافي والإنساني. ففي نهاية عام 2020، بلغ إجمالي التجارة أكثر من 750 مليار دولار. واحتلت فيتنام المركز الرابع في العلاقات مع الصين، والتي تعتبر العلاقة الثنائية الأكثر توتراً.

وكان التحول المذكور أعلاه في إستراتيجية السياسة الخارجية للصين ذات تأثير إيجابي على علاقاتها مع دول الآسيان، ومن أحد التطورات المهمة في نهاية العام الماضي، توقيع الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، بعد سنوات من المفاوضات التي شملت اليابان والصين أيضاً.

بطبيعة الحال، لا تخلو العلاقات بين الصين ودول الآسيان من بعض الصعوبات. فمازالت النزاعات الإقليمية موضوعاً ساخناً، تستغله  واشنطن بشكل شبه كامل، وتسعى لاستغلاله في تأجيج الخلافات.  فبعد تدهور الأوضاع في بلدان آسيوية، لاسيما بعد المتغيرات الأكثر خطورة لفيروس كوفيد – 19. أعربت بكين عن استعدادها لمساعدة الدول داخل الرابطة لمكافحة الوباء، فقضية الفيروس كانت منذ البداية مكوناً أساسياً في السياسة الدولية. وأصبحت العلاقات المعقدة بين الصين وبعض دول الجوار موضوعاً هاماً للنقاش وطرح الحلول.

وبعد المشاورات وانتهاء جولات الاجتماع الأخير، اتفقت جميع الأطراف على وجوب استثمار مساحات التنمية وآفاق تحويل العلاقات الثنائية لشراكات إستراتيجية، والهدف الأساسي مواجهة المحاولات المتزايدة من الغرب الاستعماري لزعزعة استقرار المنطقة، ومنع الخطط التي وضعتها واشنطن في سياق ذلك.

 

نيو إيسترن آوت لوك

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار