“كذبة نيسان”.. مقالب طريفة ينتهي بعضها بوعكة صحية ..!
يعتبر الأول من نيسان أو ما يطلق عليه “كذبة نيسان” يوماً لنشر جو من المرح بين الأصدقاء، فالبعض يعتبره يوم الحيل والأكاذيب التي يطلقها بعض الأشخاص لإيقاع أصدقائهم ومعارفهم بمواقف طريفة ومضحكة.
سلوى لا تفوت هذه المناسبة من دون أن تعمل مقالب مع صديقاتها في الجامعة، فبين المرض والرسوب وحالات الاكتئاب التي تبدع في تمثيلها يقع من حولها في فخها كل عام، والمضحك في الموضوع أن لا أحد يكشفها أو حتى يربط هذا اليوم بما تقول، واصفة هذا الجو الذي تضفيه على من حولها في هذا اليوم بالمرح خصوصاً بعد أن تنهي مقلبها بمقولة “كذبة نيسان”.
غير أن الحال مختلف مع عماد، الذي لم يكن يعتقد بأن هذه الدعابة أو “كذبة نيسان” التي مازح بها والدته ستدخلها العناية المركزة لمدة عشرة أيام فقد أتقن كذبته عندما دخل إلى المنزل وهو يهاتف صديقه غاضباً يشتم حظه السيئ، ومن ثم صدم والدته بخبر رسوبه بمادتين، وبأنه لن يتمكن من التخرج والانتظار فصلاً جديداً في الجامعة.
وفي هذا الصدد يقول: لم أكن أعلم أن تخرجي أمر في غاية الأهمية بالنسبة لأمي خصوصاً وأنها تعلم أن دراستي صعبة وكثير من الطلبة يتعرضون لهذا الموقف، وهو ما جعله يندم على ما أقدم عليه من مقلب “دسم” وفق وصفه، ولم يعد يكرر هذه المقالب في حياته.
خبير التنمية البشرية محمد خير لبابيدي يرى أن كذبة نيسان هي خدعة ومزحة يمارسها البعض في اليوم الأول من شهر نيسان في كل عام.
وحذر لبابيدي أفراد المجتمع من المبالغة في هذا المزاح أو زيادة العيار مع الأصدقاء أو الأقارب أو مع زملاء العمل والبعد عن المزاح المحزن، أو الذي يسبب القلق والألم مثل الإبلاغ عن مريض أو وفاة أو حادث سير، وبما أنه موروث اجتماعي وثقافي ولا نستطيع التخلص منه بسهولة فمن الأفضل تبادل المزاح بأخبار سارة ومفرحة ينتظرها الجميع زواج، مولود، ترقيه في العمل، بعثة دراسية، شراء منزل أو سيارة.. إلخ.
ونتيجة لميل الإنسان بفطرته إلى الفكاهة والأحلام بتحقيق الأمنيات وخاصة المستحيلة منها، وغير المعقولة انتشرت هذه الكذبة وهذه الدعابة في كافة أصقاع العالم.. وكذبة نيسان قد تكون مقبولة إذا كان القصد منها الدعابة والتبشير بحصول وتحقيق الأمنيات، وهي مرفوضة تماماً إذا كانت غايتها نشر الرعب والخوف والقلق، والمبالغة في السوء، وخاصة في ظروف بلادنا الحالية، ومخاوف الجميع من زيادة انتشار جائحة كوفيد 19 لذا فنحن نذكر أنه من غير المقبول تخويف الناس وبث الرعب في قلوبهم، والتلاعب بمشاعرهم وأحاسيسهم تحت ستار دعابة كذبة نيسان، فالتسلية والترويح عن النفس شيء مطلوب، ولكن ليس بطريقة الضحك على مشاعر وأحاسيس وعواطف الناس وردود أفعالهم، أمام كذبة حيكت بإتقان لا لشيء إلا لإضحاك البعض على حزن وألم ورعب البعض الآخر.
بدورها أخصائية الصحة النفسية د. غالية أسعيد قالت: بين الحقيقة والجد يدور محور القصة، فالمزاح والمقالب طالما كانت من الأسباب التي غالباً ما تدعونا إلى الضحك والهزار، وفتح حدود علاقتنا مع الآخرين إلى حد قد يكون مزعجاً لأشخاص آخرين تاركاً لديهم آثراً نفسياً مؤلماً.
وعن تأثير المقالب على كبار السن نفسياً فهي غالباً لا تكون سبباً لسعادتهم ولا لفرحهم حتى، بل تترك لديهم شعوراً غير مستحب من الاستياء والحزن والإحساس بأقلية وعدم الاحترام ، فهي تعطيهم إحساساً بأنهم أصبحوا محط سخرية لمن هم أصغر منهم، خاصة عندما يكونوا قد خرجوا عن سن العمل والعطاء، وأصبحوا من الفئات المستهلكة في الحياة.
كثير من كبار السن يقعون ضحية المقالب بهدف التسلية أو الضحك، متناسياً صاحب المقلب أو المزحة ما قد يتركه من آثار سلبية ومزعجة التي سوف يتركها في نفس كبير السن.
وللآخذ بعين الاعتبار أن هناك الكثير من كبار السن يدخلون في موجة من الحزن والاكتئاب، وشعور بالدونية وعدم التقدير والاحترام، وتالياً تتراجع حالتهم النفسية جداً ويدخلون في موجة من التعاسة.
لذا كان من الأجدر الانتباه كثيراً لموضوع المزاح والمقالب مع كل فئات الناس لما لها من آثار نفسية عميقة لدى معظمهم وخاصة كبار السن.