الحرب الباردة تطرق الأبواب

لم يَطُل الأمر كثيراً أمام العالم حتى أوضحت إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن سياسة أمريكا الجديدة في العالم، والتي تتلخص بـ”المواجهة هي الأجدى لإبقاء الهيمنة الأحادية على العالم”.

الحرب الباردة تعود تدريجياً بألفاظها -وصف رئيس دولة عظمى “بالقاتل”- وبتهديداتها ومعاركها وأدواتها.

شبح الحرب يعود بالقواعد والأشكال القديمة، البوارج وحاملات الطائرات، وبالترتيب القديم للأطراف، الشركاء الذين يستفاد منهم على الطاولة، الأتباع في الخلف، الأعداء هم الأعداء، مع توسيع الدائرة من العداء الأيديولوجي والعسكري إلى العداء الاقتصادي، وكأن القاعدة الأمريكية الجديدة تقول: من لا يعمل معنا ولمصالحنا هو في إطار الأعداء، أو حتى من يستثمر قواعد العولمة ضدنا، فهو في إطار الأعداء- التجربة مع العولمة مؤذية لمبتكرها وفارضها الأمريكي مع وجود الصين.

الأجواء مشحونة والهدف المعلن برنامج إيران النووي.. مناورات كبيرة جديدة للبحرية الأمريكية في منطقة بحر العرب وخليج عمان إلى جانب بلجيكا وفرنسا واليابان، وجميع هذه الدول من بقاع مختلفة من العالم، والزعم برنامج إيران النووي!.

مغزى المناورات الجديدة ودولها التي تتوزع على جغرافية واسعة وبعيدة عن إيران، من أقصى الغرب أمريكا إلى أقصى الشرق اليابان وفي الوسط بلجيكا وفرنسا، يؤكد أن روسيا والصين هما المعنيتان بالرسالة، والمراد إفهامهما بأن أمريكا لا تزال في كل مكان، فالحلف الغربي زمن الحرب الباردة لم يتفكك بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

روسيا والصين بدورهما غير بعيدتين وتراقبان بحذر ما يجري، وما تقوم به روسيا من نزع بعض الصواعق الساخنة من بعض الملفات الدولية يحسب لها، بينما الصين التي تتقدم بتحالفات اقتصادية مع الدول يسجل لها في معارك الوكالة هذه.

التفاؤل الروسي في مرحلة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب انقلب إلى اتصالات الضرورة مع واشنطن، الصين التي تكيفت مع الحرب التجارية التي فرضتها إدارة ترامب وحافظت على أن تبقي الصراع في إطار التجارة، تذهب إلى مناطق بعيدة بتحالفات لها واجهة اقتصادية وتكشف عن أسلحة إستراتيجية، لن يطول الأمر كثيراً حتى تنقل المعركة بعيداً عن بحر الصين الجنوبي.

المرحلة التي يمر بها العالم اليوم غير عادية، فالغموض عن سياسة أمريكا قد زال، والعالم في مواجهة خيارين، أما الانفجار ومن ثم التفاوض على صفيح ساخن أو الجلوس والتفاهم قبل فوات الأوان، ومع مصاعب الخيار الثاني، يبدو العالم أمام خسارة كبيرة، لكن الجلوس على الأطلال سيكون بعد خسارة لا تعوض، فالحرب الباردة بنسختها الجديدة تطرق الأبواب بأقدام من صواريخ وحاملات طائرات.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار