ظلت مقدرة المواطن العجيبة على المواءمة بين راتبه القليل واحتياجات معيشته المتزايدة بعد استعار كابوس الغلاء إلى حدودٍ تخطت المعقول بأشواط، “أحجية” أعجزت أهل الخبرة والاختصاص، الذين سلموا بعد “تفحيص وتمحيص” بأن هذا الامتياز السوري ينفذ “بقدرة قادر” وإن كان لسياسة التدبير الذاتية مفاعليها أيضاً وخاصة بعد أن تركه صناع القرار يقلع شوكه بيده ويحارب حيتان السوق بجيوبه الفارغة.
اليوم يشتد داء الغلاء ويطوق معيشة الفقراء، لدرجة أصبح اتكال المعنيين على صبر المواطن ضرباً من المستحيل ولاسيما أن شدّ البطون بلغ ذروته جراء العجز عن إيقاف صعود أسعار السلع المتواصل حتى أصبح “الراتب” قروشاً بفعل سطوة بعض تجار ومهربين يحركون دفة السوق حسب مصالحهم بلا محاسبة إلا عند وقوع الفأس بالرأس، وقتها يكون يلي “ضرب ضرب…” لعبة تتكرر كل فترة بلا حراك حكومي موازٍ يسد الثغرات ويقطع الطريق على سارقي المال العام، ما يستدعى تدخلاً من العيار الثقيل تتغير فيه آليات العمل وتكتيكاته على السوق وخاصة من خلال التزود بقوانين مرنة مدعمة بعقوبات مشددة، وهذا يتطلب وجود مسؤولين كفوئين قادرين على استنباط الحلول وتفادي الضربات قبل وقوعها وإدارتها بطريقة تقي المواطنين من نتائجها المهولة، الظاهرة اليوم بأقسى حالاتها من دون القدرة على استقاء الدروس واستثمار الموارد المتاحة لوقف النزف المتواصل ,المستفيد منه قلة قليلة من المتنفعين بالتعاون مع بعض الفاسدين ..
الحصار الاقتصادي ترك ندبات ثقيلة على معيشة المواطن، وهذا لا يمكن لعاقل تجاهله، لكن هل كان يجب علينا الوقوف متفرجين ووضع اليد على الخد لحين وقوع المحظور؟ ولماذا لم تُتخذ إجراءات معينة لمواجهة قانون قيصر الذي يحرك بعبعه في وجه السوريين منذ العام الفائت للحد من سطوته وتحويله إلى ورقة رابحة عبر استثمار خيرات البلاد وكفاءاتها، إذ يكفي إصدار قرار فعلي بدعم الزراعة والصناعة حتى يصبح قانون قيصر والدولار الملعون في خانة “اليك”.
rihabalebrahim@yahoo.com