طبّاخ السم فليتذوقه!
على الرغم من أزمات الحصار الاقتصادي السابقة والهزات المتلاحقة التي مرت على بلدنا لم نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم من تأزم في الواقع المعيشي الذي طال كل شيء حتى وصلنا إلى مرحلة لم نعد عاجزين بل مشلولين لانقوى على الحراك وهذه المرحلة تصنف من أصعب المراحل التي مرت وتمر علينا منذ سنوات . إذ بات المواطن يبحث عما بقي لديه ليبيعه بأثمان بخسة لعلها تسد ولو جزءاً بسيطاً من رمق أطفاله كي لا يقف مكسوراً وعاجزاً أمام أفواه تنتظر أن يطعمها ولو بأدنى الحدود.
فمن الغلاء الذي استشرى كالوباء المستفحل إلى ندرة المواد بسبب إغلاق الكثير من المحال التجارية أبوابها طمعاً برفع الأسعار ليغتني أصحابها على حساب لقمة المواطن وكسائه وحتى صحته التي استثمرها البعض ولاسيما من أغلقوا صيدلياتهم متجاهلين ما قد يسببه هذا الإغلاق من آلام ومواجع للناس وحتى المجازفة بأرواحهم.
ولذلك بات الواقع يستدعي التدخل وبات لزاماً على الجهات المعنية فرملة رموز الفساد الذين تغلغلوا في مفاصل حياتنا وسط استسهال بعض الجهات التي يفترض أنها معنية بتأمين معيشة المواطن والتي لاتزال تقرر وتخطط وتدرس الحلول , بينما الوضع يتأزم والمواطن يغرق أكثر من اللازم ولابد من وضع حد لهم بما يعيد الأمور إلى نصابها ولو بالحد الأدنى, وحان الوقت لتدخل الأيادي البيضاء الشريفة وعلى وجه السرعة لإنقاذ ما تبقى من الوضع الذي أمسينا عليه اليوم , كما لابد من مصادرة أموال أثرياء الحرب محدثي النعمة الذين اغتنوا أثناء سنوات الحرب ولم يعد يشبع نهمهم للثروة شيء وإعادة هذه الأموال لإنعاش الاقتصاد ليذوقوا ما أذاقوه للمواطن, فطباخ السم يجب أن يتذوقه ليكونوا عبرة لغيرهم بما يعيد الأمور إلى نصابها ولو بأقل الإمكانات , وبغير ذلك لن نخرج من تلك الدوامة, فهل نرى إجراءات كهذه أم إننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة من تقاذف المسؤوليات !