الظروف الاقتصادية التي نعاصرها منذ تسع سنوات في ظل حرب ضروس تكالب فيها عددٌ من أعداء سورية على شعبها لدرجة أنها باتت تطول رغيف خبزهم…. يحتم علينا جميعاً مواطنين وحكومة وقيادة أن نعيد جدولة أولوياتنا الاقتصادية بما يجعلنا صامدين متماسكين أمام هذه الهجمات العدوانية الشرسة.
وعلى سبيل المثال، بناء مصنع منتج جديد أفضل بألف مرة من بناء مركز ثقافي أو روضة أطفال، وسائح واحد يدخل إلى سورية أفضل من الخطب والخطط، وإعادة تأهيل مخبز أكثر جدوى في ظل هذه الظروف من إعادة تأهيل حديقة، وزراعة هكتار من القمح أكثر جدوى من إعادة تأهيل الأرصفة والمنصفات وزراعة الأزهار فيها، وهكذا.
لذلك لابد على الحكومة وأجهزتها أن تأخذ كل ذلك في الحسبان لأننا نعيش ظروفاً تحتاج منا جميعاً أن نكون مواطنين منتجين لا مواطنين مستهلكين، وعملية الإنتاج عند المواطنين تتراوح من كبار الصناعيين والمزارعين ورجال السياحة والاقتصاد بشكل عام إلى أصغر مواطن.
فالمواطن الذي يلتزم بالأنظمة والقوانين هو مواطن منتج، والمواطن الذي يقوم برعاية شجرة على الرصيف هو مواطن منتج أيضاً، والمواطن الذي يحرص على التيار الكهربائي ويقتصد في استهلاكه كذلك هو مواطن منتج، ونحن بحاجة إلى كل يد منتجة مهما كانت نوعية هذا الإنتاج كبيرة أو صغيرة، ولابد من إعادة بناء ثقافة التكافل والتعاضد الاجتماعي حتى تبقى الصفوف الاجتماعية متراصة أمام هذه الهجمات التي تحاك ضد سورية وخاصة بعد أن فشلت الحروب العسكرية بالوصول إلى بغيتها وأهدافها، فحالياً يتم استخدام حروب أكثر شراسة وعنف وهي الظروف الاقتصادية حيث يحارب المواطن في رغيف خبزه وأسطوانة غازه وليتر مازوته ولقمة عيشه، لذلك لابد من توفير كل ليرة نستطيع من خلالها الصمود بحيث تذهب هذه الليرة في مسارها الصحيح وتلعب الدور المطلوب منها.
كان والدي- رحمه الله- يكره زراعة الورود والأشجار غير المثمرة ويقول لنا دائماً بأن القليل من البقدونس أو السبانخ والخبيزة أفضل بكثير مما تزرعونه، لأن هذه المنتجات تؤكل وترمم الجسد وتقي من الجوع، فما أحوجنا لمثل هذه النظريات البسيطة في ظل ظروفنا القاهرة.