استقرار سعر الصرف له الأولوية… خبير يحذر من المضاربة على “الليرة”
الحرية- مركزان الخليل:
ما يحدث في الأسواق المحلية من انخفاض في الأسعار لأغلبية السلع، وخاصة المرتبطة بمعيشة المواطن اليومية، يعكس صورة إيجابية، وحالة ارتياح عامة في الأوساط الشعبية، وحتى الفعاليات الاقتصادية والمحلية، التي تعمل لتوفير هذه الحالة المترافقة مع العهد الجديد للدولة السورية، وهذا مرده لأسباب كثيرة، أهمها تحسن صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، وتوفير السلع والمواد بصورة متتابعة، وبكثرة مع بداية عهد سورية الجديد، وهنا يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان خلال لقائه مع صحيفة “الحرية” أن هذا التحسن والذي بلغت نسبته ما يقارب 37% أي انخفاض من 15 ألف ليرة إلى 11 ألف أمام الدولار يعود لمجموعة من الأسباب مرتبطة مع بعضها في مقدمتها: استمرار المصرف المركزي بالعمل على تجفيف منابع السيولة، من حيث عدم السماح للأفراد والشركات السحب من ودائعهم المصرفية بأكثر من مليون ليرة إلى خمسة ملايين أسبوعياً، “بل ذهب المركزي بأكثر من ذلك، إلى تنشيف منابع السيولة، إلى جانب قيام الأفراد داخل سورية، بالإنفاق من ودائعهم الادخارية بالدولار، الأمر لذي زاد عرض الدولار مقابل عرض نقدي سوري متدنٍ.
والجانب المهم في ذلك قدوم كميات كبيرة من القطع الأجنبي مع العائدين إلى سورية، ومع الثوار وقيادة الثورة السورية، ولا سيما أن أموالهم بالقطع الأجنبي، وقدوم مساعدات غذائية ومحروقات منذ سقوط النظام، ومنها كميات بالدولار، وإن كانت قليلة.
والأمر الذي يجب ألا نتجاهله يكمن في تجمع كميات النقد السوري لدى أشخاص، أو شركات داخل سورية وهي مخبأة، ووجود كميات كبيرة أيضاً مع قسد في شمال سورية لأنها كانت تتعامل مع النظام المخلوع وتبدل لبعض التجار”الليرات بالدولارات” ما زالت مدخرة في الشمال..
وأضاف كنعان: إن مجمل هذه الأسباب أدت الى تحسن ملحوظ في سعر صرف الليرة السورية، وانعكس ذلك على المستوى العام للأسعار، فانخفضت أسعار السلع، وخاصة الغذائي منها، ومواد الطاقة والسلع الهندسية، والسيارات والآلات وغيرها، لكن هذا الانخفاض لن يستمر طويلاً، لأن سعر الصرف سوف يعود للارتفاع بسبب زيادة حجم الاستيراد لاحقاً، لأن سورية بحاجة إلى سلع أكثر ومواد بناء وسلع غذائية وغيرها.
وبالتالي فإن المؤشر الأساسي لاستقرار سعر الصرف، يتوقف على توفر النفط والغاز اللازم لتوليد الكهرباء والنقل وغيرها، فإذا عادت منابع النفط قريباً، ربما يستقر السعر، وعلى كل حال فإن السعر الحقيقي لليرة السورية أكثر من 11 ألف ليرة للدولار، علماً أن المصرف المركزي ما زال يعتمد 13 ألف ليرة سورية، وأعتقد أن السعر سيبدأ بالارتفاع بعد فترة من الزمن، لأن المضاربين سوف يربحون برفع السعر الآن، بينما في البداية ربحوا بالتخفيض، وهذه المضاربات غير صحيحة.
وهنا ينبغي على المصرف المركزي اتخاذ مجموعة من الإجراءات لقمع هذه الظاهرة والتي حددها “كنعان” بمجموعة خطوات اعتبرها حلاً لإنهاء المضاربة على “الليرة” في مقدمتها: عدم السماح للأفراد المضاربة بالليرة السورية، خاصة على الطرقات، والسماح لشركات الصرافة والمصارف ببيع وشراء الدولار عند سعر 13 ألف ليرة للدولار الواحد، وشراء كل المبالغ في آخر النهار، ودفع ثمنها للمصارف وشركات الصرافة بهدف الحفاظ على استقرار السعر، مع التدخل لدعم استقرار السعر، وليس تخفيض السعر، لأن استقرار سعر الصرف أفضل بكثير من تقلباته التي تؤثر على التجار من جهة، وعلى المستهلكين من جهة أخرى..
والجانب الأكثر أهمية أن سعر الصرف يؤثر على الصناعة، لذلك يجب دعم الصناعة الوطنية برسوم جمركية منخفضة للمواد الأولية، ورسوم مرتفعة على السلع الجاهزة، لكي تستمر الصناعة الوطنية بالعمل والإنتاج، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على استقرار الأسعار في سورية، دون تجاهل إجراء لا يقل أهمية عما سبق يكمن في ضرورة التنسيق بين المصرف المركزي ووزارة الاقتصاد والصناعة والتجارة حول التسعير، وذلك بهدف انعكاس سعر الصرف على المستوى العام للأسعار بصورة إيجابية عامة يشعر بها الجميع مواطنون وفعاليات اقتصادية وخدمية وغيرها.
وأضاف “كنعان” بهذه الصورة نحافظ على استقرار السوق من حيث “الصرف” واستقرار الأسعار التي تنتهي بحالة اقتصادية ومعيشية مريحة ومستقرة.