تطوير تقنية لعلاج أمراض الدماغ المستعصية
تشرين:
يصاب الدماغ بأمراض مختلفة وإصابات عديدة تشكل خطراً على حياة الإنسان، منها ما يحدث بسبب العدوى، ومنها ما يحدث بسبب الأورام أو أمراض المناعة الذاتية أو تلف الأعصاب والأوعية الدموية.
وفي هذا السياق، تمكَّن باحثون في كلية إيكان للطب في «ماونت سايناي» من تطوير تقنية مبتكرة، تتيح توصيل العلاجات إلى الدماغ بشكلٍ آمنٍ وفعّال.
وتمثل هذه التقنية، التي أُجريت دراستها على نماذج الفئران وأنسجة الدماغ البشري المعزولة، تقدماً كبيراً في علاج مجموعة واسعة من الأمراض العصبية والنفسية.
وتقيِّم الدراسة، المنشورة في دورية «نيتشر بايوتكنولوجي» «Nature Biotechnology»، فعالية نظام جديد، يُعرف بنظام المركبات العابرة للحاجز الدموي الدماغي، وهو الأول من نوعه في التغلب على ذلك الحاجز الذي يمنع الجزيئات الكبيرة من الوصول إلى الجهاز العصبي المركزي.
وتقول الدراسة: تعتمد التقنية الجديدة على عملية بيولوجية متخصصة تُسمى النقل عبر الخلايا بوساطة الإنزيمات، ما يتيح إيصال الجزيئات العلاجية الكبيرة، مثل البروتينات، إلى الدماغ من خلال حقن وريدي بسيط.
وأضافت الدراسة: الحاجز الدموي الدماغي هيكل فسيولوجي معقد، يتكون من شبكة من الخلايا المتصلة بإحكام في جدران الأوعية الدموية التي تغذي الدماغ، ويعمل هذا الحاجز كدرع طبيعي يمنع دخول المواد الضارة والسموم من الدم إلى أنسجة الدماغ، ما يحافظ على بيئة مستقرة وملائمة لوظائف الجهاز العصبي المركزي، لكنه يسمح بمرور العناصر الغذائية الأساسية مثل الغلوكوز، والأحماض الأمينية، بينما يحد من دخول المركبات غير المرغوب فيها.
في السياق، يقول المؤلف الرئيسي للدراسة ييتشو دونغ وهو أستاذ علم المناعة والعلاج المناعي في «ماونت سايناي»: إن الحاجز الدموي الدماغي آلية دفاع أساسية، ولكنه أيضاً يمثل عقبة كبيرة أمام توصيل الأدوية إلى الدماغ، مضيفاً: إن نظامنا يكسر هذا الحاجز، ما يتيح إيصال العلاجات الجزيئية الكبيرة إلى الجهاز العصبي المركزي بشكل آمن وفعّال.
وأضاف دونغ، تعمل التقنية الجديدة عبر استخدام عملية بيولوجية طبيعية تسمى النقل عبر الغشاء، بوساطة إنزيم غاما سيكرتيز ، لنقل الجزيئات الكبيرة عبر الحواجز البيولوجية، مثل الحاجز الدموي الدماغي من دون تعطيل وظيفته، أو التسبب في تلفه، مؤكداً أن النقل عبر ذلك الإنزيم يُبقي الحاجز سليماً، ما يقلل من مخاطر الالتهابات، أو الآثار الجانبية.
هذه الآلية تستغل إنزيم غاما سيكرتيز الموجود في أغشية الخلايا والمعروف بدوره الرئيسي في معالجة بروتينات الغشاء، لإيصال جزيئات علاجية إلى الأنسجة المحمية مثل الدماغ، كما يمكن استخدام هذه الآلية لإيصال الأدوية الجينية التي تستهدف جينات معينة مرتبطة بالأمراض.
ويؤكد الباحثون أن نظام BCC10 أثبت فعاليته العالية في إيصال الأدوات الجينية إلى الدماغ، إذ عزز قدرتها على إخماد الجينات الضارة في نماذج متعددة، والأهم من ذلك، أن العلاج كان جيد التحمل لدى الفئران، ولم يُظهر أي أضرار كبيرة على الأعضاء الرئيسية عند الجرعات المختبرة.
ويقول الباحثون: إن التقنية الجديدة يمكن أن تحل واحدة من أكبر العقبات في أبحاث الدماغ، وهي إيصال الجزيئات العلاجية الكبيرة إلى الدماغ بأمان وفعالية. ويفتح هذا التطور آفاقاً جديدة لعلاج مجموعة واسعة من أمراض الدماغ.