يقظة متأخرة.. مخاوف من المخصبات الزراعية في سورية وتأثيرها على صحة المستهلك

تشرين- رشا عيسى:
برز مؤخراً دور لعدد لا بأس به من المخصبات الزراعية من مصدر عضوي، كمحفزات زراعية أكثر من كونها أسمدة تقليدية ونجحت زراعياً واقتصادياً، إلا أن بعض الباحثين في الحقل الزراعي طالبوا بالمزيد من الأبحاث حول الأثر المتبقي لها وتأثيرها على صحة المستهلك في المدى المنظور، مع إعادة تقييم استخدام هذا النوع من المخصبات في المستقبل القريب.
الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش بيّن لـ(تشرين) أن هذه المخصبات الزراعية قادمة من مصدر عضوي منها مستخلصات الطحالب البحرية، المخصبات العضوية الدبالية والحاوية منها على الأحماض الأمينية إضافة للمخصبات الحيوية، كمحفزات زراعية أكثر من كونها أسمدة تقليدية، ولوحظ أن استخدام هذا النوع من المخصبات الزراعية قد أحدث قفزة في الواقع الزراعي المحلي، ولاسيما فيما يتعلق بمحاصيل الخضر المزروعة في الحقول المفتوحة أو في ظروف الزراعة المحمية، وذلك لكونها تمتاز في تحسين خصائص النمو والتطور والإنتاجية للنبات، فضلاً عن النتائج الملموسة والريعية الاقتصادية العالية التي حققتها لرخص ثمنها مقارنة مع طرق تغذية النبات التقليدية بالأسمدة المعدنية الكيميائية ولاسيما الذوابة منها.
لكن ووفقاً لدرويش أن أغلبية هذه المخصبات المستخدمة محلياً، تستورد من الخارج، وما يسوق من مستحضرات عضوية منتجة محلياً ذي أثر مخصب والتي هي نواتج ثانوية لبعض المشاريع المحدودة في إنتاج الغاز الحيوي أو حتى مشاريع إنتاج “الكومبوست والفيرمي كومبوست”، هذه المخصبات وإن ساهمت بتحقيق ريعية اقتصادية مربحة للمزارع، إلا أن الأثر المتبقي لها وتأثيرها في صحة المستهلك على المدى المنظور، لا يزال هاجساً يسوده شيء من الضبابية والغموض ويمكن أن يتطلب دراسات أكبر وأعمق لإعادة تقييم استخدام هذا النوع من المخصبات في المستقبل القريب.
هذا إضافة إلى العادات الزراعية المطبقة من قبل كثير من المزارعين حول طريقة استعمال هكذا نوع من المخصبات الزراعية كرديف للإضافات السمادية المعدنية الكيميائية ذات الاستجابة السريعة والعالية من قبل نباتات المحاصيل، ما قد يترك أثره السلبي على صحة المستهلك وعاداته الغذائية.
ورأى درويش أن الكميات المفرطة من الأسمدة المضافة والمصحوبة باستخدام هذا النوع من المخصبات العضوية والحيوية وذلك بغرض زيادة الإنتاج وتسريع النصج، قد يسبب الأثر المتبقي لهذه المركبات تلوثاً للتربة في المدى المنظور، فضلاً عن زيادة تركيز العناصر المعدنية في المنتجات الزراعية وهكذا ارتفاع نسبة السميات.
وتبرز هنا كما يؤكد درويش أهمية العمل على تسريع الاعتمادية للمنتجات الزراعية المحلية والاستناد لمعايير صحية عالية لهذه المنتجات، والإسهام في نشر الوعي الزراعي حول أهمية هذا الموضوع وخطورته على المستوى الصحي والبيئي للمجتمع ككل، حيث إن السعي لإصدار شهادات المنشأ يمكن اعتباره مطلباً ذا أهمية في تحسين الوعي الصحي المحلي والاقتصادي في المستقبل الواعد، كما يمكن أن يلعب دوراً بارزاً في تشجيع تسويق المنتج الزراعي المحلي، وإيجاد أسواق تصديرية له في الخارج، لاسيما في ظل الاتجاه العالمي نحو المنتج الزراعي العضوي الخالي من المتبقيات وذي القيمة الغذائية والصحية العالية.
ولفت درويش إلى ضرورة الوعي الزراعي لأنه الأساس لعجلة الإنتاج وعامل الأمان الصحي، حيث إن وفرة هذه المستحضرات الزراعية التجارية في متناول المزارع يمكن أن يعد سلاحاً ذا حدين، لذا لا بد من الحذر عند استخدامها وتطبيقها بالكميات والجرعات المناسبة، كما لا بد أن تكون من مصدر موثوق وبخصائص مطابقة للمعايير المعتمدة عالمياً من حيث السلامة الغذائية الصحية والبيئية.
وشرح درويش التركيز على استخدام مستخلصات الطحالب على اعتبار أن هذه الخلائط المعقدة التركيب تمتلك تحفيزاً حيوياً متنوعاً عبر احتوائها على أشكال مختلفة من المركبات ذات الأثر الفيزيولوجي في نمو وتطور النباتات ومنها نباتات الخضر والفاكهة، كالكربوهيدرات والأحماض الأمينية والهرمونات النباتية، ومنظمات الإجهاد الحلولي والبروتينات. أما المخصبات العضوية الدبالية والتي هي مركبات عضوية معقدة تنتج عن تحلل المواد النباتية والحيوانية وتتألف أساساً من أحماض الهيوميك والفولفيك والهيومين، المهمة لتغذية النبات وتحفيز التفاعلات الإنزيمية وتحسين الانقسام الخلوي واستطالة الخلايا وزيادة إنتاج الإنزيمات النباتية وتحفيز عمل الفيتامينات، فقد شاع استخدامها وانتشرت على نطاق واسع وتم استعمالها عبر إضافتها للتربة أو عن طريق الرش على النبات، وذلك بمؤازرة الأسمدة الكيميائية المعدنية، إن هذه المخصبات وبالإضافة لكونها رخيصة الثمن، فهي ذات مصدر عضوي طبيعي.

للعلم
يعد الهيومات أكثر الأنواع الدبالية انتشاراً واستخداماً في المجال الزراعي محلياً، فهي منتجات تجارية تم تحضيرها من الليونارديت (مادة مستخرجة من المخلفات النباتية)، وتحتوي مزيجاً من الهيومات والفولفات والهيومين وبعض العناصر التي يمكن وجودها في مناجم الليونارديت. تمتلك هذه الأحماض الهيومية أثراً مشابهاً لتأثير الهرمونات النباتية كالأوكسينات والسايتوكيننيات، ولا يزال الأثر المنشط وآلية التأثير لهذه المواد في تحفيز نمو وتطور وإنتاجية النبات غير معروف وغير محدد بدقة، كما أن هيومات البوتاسيوم كشكل تجاري آخر من هذه المخصبات والذي تم الحصول عليه من اللغنيت المؤكسد، وهي مادة من الفحم البني، تحتوي على نسبة مرتفعة من الأحماض الدبالية (٣٠-٦٠%) ويتم تسويقها على أنها مدعمة بالأسمدة التجارية، أو كمنتج قابل للذوبان يحتوي على العناصر الغذائية والمعدنية الأخرى كالآزوت والفوسفور والبوتاسيوم وفقاً لدرويش.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار