يدق ناقوس الخطر على مسألة أمننا الغذائي ..ازدهار الزراعات العطرية وتراجع الزراعات الاستراتيجية

حماة- محمد فرحة:
كنا نتوقع أن يتحرك المعنيون بقطاعنا الزراعي أكثر، وأن يجعلوا من الأزمة فرصة للتركيز على قطاع حيوي ومهم، كل شعوب العالم تجعله أولوية، ألا وهو القطاع الزراعي من أجل أمن غذائي مستدام.
لكن ثمة إشارات تومئ بأن المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والقطن والشوندر انتهت فترة ازدهارها وحضورها القوي لدينا، في الوقت الذي كنا نتوقع فيه التركيز على عودتها بقوة، لكن كما قال الفرنسي “أندريه موروا”: أكثر الأشياء توقعاً تلك التي لا تحدث.
فمن يلاحظ توجهات وزارة الزراعة، يدرك أنها تطلق بين الحين والآخر إشارات نحو المزيد من الزراعات العطرية والبقولية، كالكمون واليانسون والكزبرة و”الحبة السوداء” وغيرها مثل الذرة الصفراء.
ورغم أن مثل هذه الزراعات يمكن زراعتها تكثيفياً، أي بعد زراعات القمح والشعير أو القطن وغير ذلك، لكن يبدو أن المعنيين أدركوا أن المزارعين بدؤوا بنفض أيديهم من زراعة المحاصيل الاستراتيجية نظراً لارتفاع تكلفتها وعدم تمويلها ورفع الدعم عنها.
فقد راقت تصريحات وزارة الزراعة للمزارعين، فزرعوا مساحات هائلة وكبيرة من محصول الذرة الصفراء، ولاسيما أن سعر شرائها محفز ومغرٍ يفوق الخمسة آلاف ليرة، فسعر شراء بذار القمح كان هذا العام بـ٣٧٥٠ ليرة، فهل يعقل أن يكون سعر الشراء عند التسويق ٤٢٠٠ ليرة أو ٤٨٠٠ ليرة، وتكلفة حراثة الدونم تتعدى الـ١٣٥ ألف ليرة، تتبعها أجور نقل وأسمدة وغير ذلك.
وبالعودة إلى محصول الذرة الصفراء، فقد كان الإنتاج هذا العام وفيراً جداً، ومع ذلك لم تستلم المؤسسة العامة للأعلاف حتى الأسبوع الأول من هذا الشهر أكثر من عشرة آلاف طن، في حين استلمت /٢٥/ ألف طن مستورد، وفقاً لتصريح المهندس عبد الكريم شباط للإعلام الزراعي.. ما يشي بأن المعنيين يفضلون استيراد المادة على استلام منتجها محلياً، فلو أراد المعنيون بذلك لوفروا المجففات أو القطع اللازم لمؤسسة الأعلاف لشراء المجففات، بدلاً من دفع مزارعي الذرة لاستئجار مجففات القطاع الخاص المكلفة، أو تجفيف إنتاجهم على الطرقات، وبالتالي لم يحقق ذلك شروط شراء مؤسسة الأعلاف لجهة الشرط المحدد للرطوبة، وبالتالي ألقي فائض الإنتاج في غياهب النسيان والإهمال.
خبير اقتصادي قال لـ”تشرين”: بما أن الربح هو الدافع الرئيسي للمزارعين لاستثمار أراضيهم، فسوف تكون أولوياتهم حيث يمكنهم تحقيق أهدافهم هذه، مشدداً على ضرورة التركيز على مسألة أمننا الغذائي، فهو قضية محورية لا يمكن تركها للظروف المتغيرة.
باختصار شديد: المطلوب رئيسياً اليوم لاستدامة التنمية الزراعية، هو أن يكون في حسباننا العمل على تحقيق تنمية زراعية شاملة ومتسارعة لتحقيق الأمن الغذائي على المديين القريب والقصير جداً، وهذا يستلزم اهتماماً نشطاً وقوياً في إطار برنامج زراعي وطني طويل المدى، مع التركيز على كل صنوف الزراعات الأخرى كالعطرية والبقولية، فها هي هولندا صدّرت العام الفائت ٦٠ ألف طن من زهرة التوليب، حيث يشتغل بها أكثر من ١٥٠ ألف مزارع، فإلى متى نبقى نرمي بعض إنتاجنا بعيداً وفي الوقت ذاته نستورد مثيله بالقطع الأجنبي؟ أسئلة عديدة تدور.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في ‏بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟