لعبة تخفي وراءها المستفيدين.. من يعبث بعقول المستهلكين في ظل فوضى المعلومات؟

تشرين- إلهام عثمان:

في كل مرة نلمس شاشات هواتفنا المحمولة، تتسلل الأخبار والشائعات إلينا من خلال نوافذ وسائل التواصل الاجتماعي، مثل كوابيس تزعج ما تبقى من يومنا، ويؤدي ذلك إلى حالة من القلق حول تذبذب الأسعار ونوعيات السلع، حيث يعيش البعض في فوضى المعلومات الخاطئة، ويسعى بعض المستفيدين إلى تضخيم ارتفاع الأسعار من خلال منشورات زائفة لتحقيق مكاسب أعلى، بينما يتحول المستهلكون إلى ناقلين لمعلومات قد تكون مضللة، وهنا يطرح السؤال: من المستفيد من هذا التضليل؟

آراء
يوضح عامر.م (٥٣ عاماً)، وهو مالك لأحد المحال التجارية، أنه كلما قرأ أحد «البوستات» حول غلاء مادة ما، يذهب مهرولاً لشراء كمية منها، قبل ارتفاع سعرها، ويتمنى وجود مصادر موثوقة للمعلومات والأسعار، خاصة أن الشائعات تؤثر سلباً في استقرار السوق.
من ناحية أخرى، تعبر ربة المنزل ر. ق (٣٩ عاماً) عن قلقها من الشائعات، وخاصة فيما يتعلق بالمواد التموينية، التي قد لا تتناسب مع ميزانيتها المضطربة، مضيفة: إن الشائعات تزيد من توتر الأسر في ظل ارتفاع تكاليف المواد الأساسية.

تحديد الأسعار
أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة، بيّن من خلال حديثه لـ”تشرين” أن هناك نوعين لأسعار المواد التموينية، “المواد المستوردة”، مثل السكر والشاي والرز، التي يتم تحديدها بناءً على دراسات تعتمد على التكلفة الحقيقية، والتي تقدم من التجار، إلا أن الكثير منهم لا يقدمون أسعارهم الحقيقية، ما يؤدي إلى تباين الأسعار في السوق المحلية.
أما فيما يتعلق بـ”المنتجات المحلية”، فيتم تحديد أسعارها وفقاً لتكاليف يقدمها التجار، وبالتعاون مع جهات رقابية لضمان دقة الأسعار، لافتاً إلى أن أسعار الخضار والفواكه تحدد من سوق الهال، بـ”التقاص” ما بين التجار، وعليه تحدد التسعيرة، ومع ذلك لا تعكس هذه الأسعار دائماً الواقع بسبب عدم التزام البائعين بها.

عوامل مؤثرة
كما أشار حبزة إلى أن هناك عدة عوامل تؤثر في تحديد الأسعار، مثل “دقة الفواتير” ووفرة السلع في الأسواق، فوجود تنافس بين التجار يؤثر في الأسعار بشكل إيجابي، حيث تؤدي زيادة العرض إلى انخفاض أسعار السلع، بينما ندرة السلع تؤدي إلى ارتفاع أسعارها، كما تؤثر تكاليف المواد الأولية من ضرائب ورسوم ونقل وحوامل الطاقة فيها بشكل كبير.

كما أكد حبزة أن الحكومة تلعب دوراً فاعلاً في مراقبة الأسعار، لكنها بحاجة إلى متابعة مستمرة، لأن ارتفاع الأسعار قد يحدث فجأة، لذا يتطلب الأمر تنسيقاً أكبر بين حركة السوق والواقع الاقتصادي للحفاظ على استقرار الأسعار، مشدداً على ضرورة أن تكون المعلومات المتعلقة بالأسعار مستندة إلى واقع السوق، مع أهمية متابعة القرارات الحكومية بشكل دوري لضمان فاعليتها، وأن القرارات التي لا يتابع تنفيذها قد تؤدي إلى نشر الشائعات وزعزعة الثقة بالسوق.

تأثير الشائعات
ونوه حبزة إلى أن استقرار سعر الصرف ساهم في تحسين استيراد السلع، لكنه حذر من أن هذا الاستقرار قد يكون هشاً، ما لم تتم معالجة التحديات القائمة، وسط توقعات بارتفاع الأسعار إذا استمرت هذه الصعوبات.
من جهته يرى الخبير الاقتصادي عمر عوف أن الشائعات تؤثر بشكل كبير في أسعار السوق، حيث تسبب تذبذبات غير مبررة، ويؤكد على ضرورة توفر معلومات دقيقة وشفافة من الجهات الرسمية لتقليل تأثير هذه الشائعات.
ويضيف: إن لوسائل الإعلام دوراً مهماً في تصحيح المفاهيم الخاطئة وتوفر المعلومات الدقيقة للأفراد بشأن سبب الارتفاعات في الأسعار.

خطط مستقبلية
من المهم وضع خطط مستقبلية من الحكومة، خاصة خلال فترات الأعياد والعطل الدراسية، هذا ما بينه حبزة، حيث تحتاج هذه الأوقات إلى استراتيجيات متكاملة لتفادي الأزمات المتعلقة بالأسعار، مشيراً إلى أن الخطط الخمسية لم تعد فاعلة كما كانت، وأنه يجب إعداد خطط أكثر مرونة تتناسب مع التغيرات السريعة في الواقع الاقتصادي، تشمل تخطيطاً يومياً وأسبوعياً وشهرياً ونصف سنوي وسنوياً.

حبزة: تحتاج هذه الأوقات إلى استراتيجيات متكاملة لتفادي الأزمات المتعلقة بالأسعار

آليات مكافحة الشائعات
أما بشأن الشائعات التي قد تؤثر في سلوك المستهلكين، فيرى حبزة أن المعلومات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي تعد مؤشراً، إلا أن الجمعية لا تعتمد عليها بشكل حصري، بسبب ما تحويه من مبالغات وأخبار مغلوطة تهم المستفيدين من الشائعات، مشيراً إلى أهمية توفير المواد والسلع في الأسواق لمواجهة مثل هذه الشائعات، حيث إن توفر عروض على السلع يمكن أن يبدد الشائعات حول شحها ما يعطي مساحة أمان للمستهلك وتكذيب ما يتم تداوله.

حبزة: وسائل التواصل الاجتماعي تعد مؤشراً إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها بسبب ما تحويه من مبالغات وأخبار مغلوطة

الإعلام النزيه
وهنا نجد أهمية دور الإعلام النزيه في نقل الوقائع بدقة وموضوعية، هذا ما شدد عليه حبزة، لافتاً إلى أهمية الحيادية في دور الجمعية وضرورة تقديم المعلومات الصحيحة للمستهلكين، وكذلك ضرورة اختيار الكوادر الإدارية لأصحاب الكفاءات، وتمكين المجتمع الأهلي والمتقاعدين من تقديم خبراتهم التراكمية، بدلاً من الاعتماد على تعيينات تتم بشكل عشوائي أو بسبب العلاقات الشخصية، وهو ما يؤدي غالباً إلى تهميش الكفاءات الحقيقية.

ثقافة الشراء
وهنا ينوه حبزة إلى أهمية ثقافة الشراء وضرورة تحصّن المستهلك بها، فإذا ما أراد حماية نفسه فعليه شراء حاجته فقط من المواد وعدم المبالغة، لافتاً إلى أن التوضيح للمواطن” مهم”، فكل ثلاثاء نقوم بتسعير الفواتير التي يتم إرسالها، ويصدر بها صك سار وتطرح فور صدورها في الأسواق، لكن بعد تسعيرتها طبعاً من الوزارة، كما أن النشرات الدورية تصدر بشكل مستمر كل أسبوع أو يومياً.

التعامل مع الشائعات
ويؤكد حبزة أهمية التعامل مع الشائعات وتعزيز الشفافية، ما يتطلب جهداً مشتركاً من المجتمع المدني والإعلام والجهات الحكومية، لضمان توفير معلومات دقيقة وموثوقة.
وختم حبزة بضرورة وجود خطط واضحة من الحكومة للتعامل مع الارتفاعات الموسمية في الطلب، لتجنب الاحتكار وضمان تقديم منتجات بأسعار مناسبة، كما شدد على دور الحكومة في مراقبة الأسواق ووضع استراتيجيات لتحقيق التوازن بين الطلب والعرض، معتبراً أن التعاون بين المستهلكين والتجار والجهات الحكومية أمر أساسي للحفاظ على استقرار السوق وتلبية احتياجات الجميع لمنع الشائعات.

عوف: الشفافية والدقة في المعلومات المتعلقة بالأسعار مهمتان للحفاظ على استقرار السوق

من جهته أوضح عوف أن الشفافية والدقة في المعلومات المتعلقة بالأسعار الحيوية أمران مهمان للحفاظ على استقرار السوق وبناء الثقة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
‏«طريقنا الواحد» مجموعة شعرية جديدة لأطفال الوطن.. الشاعر زياد السودة: اخترت أن ‏يكون عملي الأول عن الوطن الاكتئاب العاطفي الموسمي يبلغ ذروته في الشتاء..وخبراء يؤكدون أن تناول نظام غذائي صحي يخفف الأعراض "شتاء دافئ بأسعار رمزية".. مبادرة مجتمعية تحطم أسعار الألبسة الشتوية في باحة الكنيسة الإنجيلية العربية بحلب بوتين يعد بتحرير كورسك من القوات الأوكرانية بانتظار الرئيس الأميركي الـ47.. مصير الصراعات حول العالم بين الاستمرار والتوسيع.. احتياجات الوافدين كبيرة.. فأين دور المنظمات الدولية؟ الميرنغي يستقبل ميلان الإيطالي في رابع جولات دوري الأبطال الشعلة يفتتح مشواره الكروي مع الفتوة في ملعب السويداء.. ورئيس النادي يراسل اتحاد الكرة بشأن المنسق الإعلامي المؤتمر العلمي الأول للتقانات الحيوية يطالب بتشكيل لجنة أو هيئة أو فريق وطني يعنى بالنباتات الطبية والعطرية في سورية اضطراب الأكل الانتقائي لدى الأطفال وكيفية التعامل معه