استهداف المزّة شاهد على مبتدأ العدوان وخبره
تشرين- ادريس هاني:
جريمة أخرى غير قابلة للتبرير، لكن تكرار الجريمة وفّر القابلية للتصالح معها. استهدف الاحتلال الثلاثاء الماضي حيّاً سكنيّاً بمنطقة المزّة المعروفة بكونها آهلة بالسّكان، تحت ذريعة استهداف شخصيات من الحرس أو الحزب، تأكد عدم وجود أحد من هؤلاء في منطقة الاستهداف.
من سيصدق الاحتلال اليوم بعد ما فعله في غزّة وبيروت؟ المزة منطقة تتوفّر على مباني شاهقة ومتقاربة وآهلة جدّاً بالسكان، وهي ليست ثكنة عسكرية. فمن قصفها يعرف أنّه سيبيد عدداً من المدنيين، هذه ليست حرباً بل عملية اغتيال سياسي بوسائل حربية تدميرية، وهي أيضاً عملية تخريبية وإرهابية هدفها إنهاء ما ليس قابلاً للإنهاء؛ المقاومة.
هل يعتقد الاحتلال، والإمبريالية التي تسنده، والمحاور التي ترى فيما يفعل فرصة تاريخية، هل يعتقد كل هؤلاء بأنّ أطفال غزّة والعالم الذين يتابعون مشاهد الإبادة في حقّهم وحق نظرائهم، هل سينشؤون على مشاعر غير الثّأر الثوري ضدّ قاتل آبائهم؟ إنّهم يصنعون مستقبلاً لا هوادة فيه، إنّ الاحتلال عاجز عن أن يستمر في مزاعمه وشعاراته، إنّه يعيش ذروة الذُّهان الحربي.
استهداف المزة عدوان جديد على سورية التي ما زالت علامة فارقة في إحباط المؤامرة، وهي تواجه تحدّياً موصولاً، فلا نستطيع القول إنّ ما يحدث اليوم هو مفصول عما حدث بالأمس، إنّ نشاط المسلحين المحميين شرق الفرات يتكامل مع القصف الجويّ الذي سقوم به الاحتلال.
المؤسف أن هناك صمتاً مطبقاً من مجلس الأمن تجاه هذا العدوان الذي يستهدف دولة عضو في الأمم المتحدة، وكأنّ قصف هذا القطر العربي الشقيق بات أمراً طبيعيّاً لا تهتزّ له فرائص أرباب القانون الدّولي، فلا شيء يبرر استهداف المدنيين لأسباب تتعلّق بجرائم تخالف القانون الإنساني الدّولي، لقد تجاوز الاحتلال كل الحدود، وطبيعي أن يتجاوز كل الحدود ليحقق أهدافاً جباناً، كالسبعة شهداء من الأطفال وعموم المدنيين الذين قضوا في قصف حيّ بالمزّة، كإبادته الجماعية للمدنيين في غزة من دون بلوغ عناصر المقاومة، وكاغتيالاته السياسية في بيروت وتدميره للضاحية من دون إيقاف نشاط المقاومة, وواضح وضوح الشمس بأنه سيفشل في مخططه الإِبادي، لأنّه صبّ الزيت على النّار، وقد عجز عن استنقاذ أسراه وآثر الاغتيال السياسي على المعارك الميدانية، فما هو أفق الاحتلال وما هي إنجازاته.