المزارعون والأرض.. هل تتعمق فجوة الابتعاد؟.. القطن هذا العام بين الماضي الجميل والإنتاج الضئيل؟
تشرين – محمد فرحة :
بدأت منذ حوالي الشهر تقريباً عملية جني محصول القطن في أماكن زراعته في كل من المحافظات الشرقية الحسكة والرقة ودير الزور ومحافظة حماة في سهل الغاب، وهو المحصول الذي بدأت زراعته بالتراجع بشكل لافت منذ سنوات نظراً لتكلفة زراعته الباهظة، وطول مكوثه في الأرض والذي يستغرق حوالي خمسة أشهر، زد على ذلك حاجته الكبيرة للمياه وتدني سعر الشراء.
وبالعودة إلى كميات الإنتاج التي قدرتها الهيئة العامة لتطوير الغاب على لسان مديرها العام المهندس أوفى وسوف وهي ٤٥٠ طناً، تم تسويق ١٣٠ طناً منها إلى محلج محردة، ولا تزال عملية القطاف مستمرة.
في لغة الأرقام فقد قدر إجمالي الإنتاج في محافظة الحسكة هذا العام بـ١٨٥٠٠ طن من مساحة بلغت ٤٧٧٥ هكتاراً، تم تسويق ٧٢٧٠ طناً، وهذه الأرقام هزيلة جداً إذا ما قورنت بإنتاج السنوات الماضية وما قبلها والتي كان يتعدى فيها إنتاج الحسكة لوحدها الـ ٢٥٠ ألف طن.
هنا العديد من الأسئلة تطرح نفسها، مؤداها: هل تراجع زراعة القطن سببه غياب المستلزمات من أسمدة ومحروقات أم سوء البذار المعتمد أم ارتفاع تكلفة المحصول وتدني سعر شراء الطن ؟
عدد من المزارعين أجمعوا على أن هذه الأسباب مجتمعة هي السبب، وزادوا بأن أجرة اليد العاملة في القطاف وصلت للساعة إلى أكثر من ٦ – ٧ آلاف ليرة وأحياناً أكثر.
مدير محلج العاصي ياسر حلبية أوضح لـ”تشرين” أن الكميات التي تم استلامها حتى تاريخه بلغت ٧٧٠ طناً من محافظة الرقة تحديداً، في حين إنتاج محافظة الحسكة كيف يباع ويسوق هناك، فهذا موضوع لست مطلعاً عليه، فقد يكون يباع للتجار إن لم يستطع المزارعون إيصاله إلى محلج تشرين في حلب.
مشيراً إلى أن الكميات الواردة من محافظة الرقة تكفي المحلج للعمل بوردية واحدة فقط، وأن ثلاثة محالج فقط تعمل في حلج القطن لدينا، وهي محلج العاصي ومحردة في حماة ومحلج تشرين في حلب.
خاتماً حديثه بأن جني المحصول هذا العام بدأ مبكراً، حيث قمنا باستلام أول شحنة من محافظة الرقة في ٢٧/ ٩ في حين كانت العام الماضي في ٨/ ١٠.
بالمختصر المفيد: بدأت الفجوة تكبر بين المزارعين والزراعة، وأن كل ما يطالب به اتحاد الفلاحين لعودة هذا القطاع الحيوي المهم هو من باب تبرئة الذمة، ولذلك بدأت زراعتنا حامل اقتصادنا بالتراجع، وخاصة المتعلق منها بالمحاصيل الاستراتيجية مصدر أمننا الغذائي وقوة اقتصادنا المحلي.
فعلى صعيد القطن قد لا يتعدى مجمل إنتاجنا هذا العام عن الـ١٩ ألف طن، وفي أحسن الأحوال ٢٠ ألف طن، في حين كان إنتاج سهل الغاب لوحده عام ١٩٩٦ / ٦٥ / ألف طن وإجمالي إنتاجنا عام ١٩٩٨ بلغ مليون طن، وقدرت قيمته التصديرية للخيوط القطنية والألبسة بـ ٦٠٠ مليون دولار حسب سعر الصرف في تلك الحقبة.
وبالتالي زراعتنا ينطبق عليها القول اليوم من الانتعاش إلى الانكماش، فهل تتحرك الجهات المعنية لتدارك المزيد من التدهور ؟.