بايدن يبتلع «صفقته النهائية» لا تفاوض ولا اتفاق.. الضفة الغربية وتداعياتها الأردنية.. الكيان يريدها «حرباً» مع مصر وحكومة نتنياهو تريد دقّ «ساعة الشمال» باتجاه إيران
تشرين – مها سلطان:
لن يكون هناك اتفاق، وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أجّلت أحدث نسخ «الفرص الأخيرة» التي سمتها الصفقة النهائية، إلى أجل غير مسمى، أو بالأحرى ألغتها إذا ما أخذنا بالاعتبار تصريحات وليم بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» بأن واشنطن تعمل على مقترح جديد بخصوص وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والمحتجزين، هذا من جهة.. ومن جهة ثانية، إذا ما أخذنا بالاعتبار أن الميدان ازداد تعقيداً وتشابكاً، وهو ما عملت عليه حكومة الكيان الإسرائيلي التي يتزعمها بنيامين نتنياهو طوال الفترة الماضية بشكل متعمد، خصوصاً لناحية توسيع ميدان غزة باتجاه الضفة الغربية بعدوان متواصل «وتهديد بتحطيم السلطة الفلسطينية وفق وزير خارجية الكيان يسرائيل كاتس أمس» وباتجاه مصر «محور فيلادلفيا/صلاح الدين»، حيث يشهد هذا المحور تصعيداً ميدانياً وسياسياً يكاد يشكل أزمة أخرى لا تقل عن أزمة غزة لناحية التداعيات الإقليمية.
تداعيات ميدان غزة ستتسع بصورة أكبر وأخطر باتجاه الأردن في المرحلة المقبلة وفقاً لتطورات الضفة الغربية من جهة ومفرزات عملية «معبر الكرامة» من جهة ثانية
هذه التداعيات التي ستتسع بصورة أكبر وأخطر باتجاه الأردن في المرحلة المقبلة، حسب التطورات المتواترة في الأيام الأخيرة سواء في الضفة الغربية أو فيما يخص العملية التي شهدها معبر الكرامة /جسر الملك حسين (شرق الضفة) والتي نفذها مواطن أردني قتل خلالها ثلاثة إسرائيليين، ليوسع حالة الهستيريا داخل الكيان خصوصاً بين مسؤولي حكومة نتنياهو الذين كثفوا تهديداتهم، طولاً وعرضاً، إلى حد التهديد بقرب شن حرب ضد لبنان/ حزب الله/ باعتبارها المنقذ الوحيد أمام الكيان لإغلاق ملف غزة «وإيران باعتبارها الطرف الأصيل في دعم حزب الله حسب تصريحات بيني غانتس – العضو السابق في مجلس الحرب الإسرائيلي المصغر- خلال مشاركته في منتدى نقاش حول الشرق الأوسط في واشنطن».
«ساعة» الشمال
واعتبر غانتس أن على «إسرائيل» أن تحول كامل تركيزها باتجاه حزب الله، محذراً من أنها تأخرت كثيراً في هذا الأمر.
وقال: «دقت ساعة الشمال وفي الواقع أعتقد أننا تأخرنا في هذه النقطة».
وزعم غانتس أن «إسرائيل لديها قوات كافية للتعامل مع غزة ويجب أن نركز على ما يحدث في الشمال»، وقال: إذا لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في الأيام أو الأسابيع المقبلة، فعلينا أن نذهب إلى الشمال.
إقرار بأن مسار التفاوض لم يتقدم ولا خطوة واحدة باتجاه الاتفاق والكيان يعتبر أن الحرب هي الأساس لاستعادة الرهائن ويهدد بعدوان ضد لبنان للضغط على إيران
وأضاف: لا أعتقد أننا بحاجة إلى الانتظار أكثر.. لدينا القدرة على القيام بذلك، بما في ذلك «من خلال ضرب لبنان إذا لزم الأمر».
واعتبر غانتس «حماس قصة قديمة»، وأن « إيران هي القضية الحقيقية».
وعلى المنوال نفسه نسج وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتس، الذي قال: إن الحرب لن تنتهي قبل سحق «حماس» و«حزب الله»، زاعماً أن «الحرب الحالية هي نتاج 30 عاماً اختارت فيها إسرائيل عدم العمل بشكل فعّال» ضد حماس وحزب الله.
الضفة الغربية
وفي وقت سابق، هدد وزير خارجية الكيان، يسرائيل كاتس، بـ«تحطيم» السلطة الفلسطينية رداً على تحركاتها في الأمم المتحدة، في أعقاب الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن إنهاء الوجود (الاحتلال) الإسرائيلي في الضفة الغربية.
وقال كاتس: إذا كسر الفلسطينيون الأدوات في الجمعية العامة، فسنكسر السلطة الفلسطينية ونفككها.
وكان الوفد الفلسطيني لدى الأمم المتحدة قدم مشروع قرار سيطرح للتصويت في الجمعية العامة الأسبوع المقبل، ويدعو إلى تنفيذ حكم محكمة العدل الدولية بشأن إنهاء الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية.
ويتضمن القرار جدولاً زمنياً للانسحاب مدته 6 أشهر، والدعوة إلى حظر الأسلحة الذي تصل إلى المستوطنات وعودة الفلسطينيين إلى أراضيهم، وعقوبات ضد مسؤولين إسرائيليين.
ويأتي هذا التحرك الفلسطيني فيما يواصل الكيان الإسرائيلي عملياته العدوانية في الضفة الغربية موقعاً عشرات الضحايا والجرحى، مهدداً بأن هذه العمليات مستمرة «حتى تحقيق أهدافها»، هذا قبل أن تشقها عملية «معبر الكرامة» وتصيب منها مقتلاً، حيث تبحث حكومة نتنياهو ما بعد هذه العملية والتصعيد الذي ستتخذه في أعقابها، خصوصاً في ظل الحملة الإسرائيلية المتواصلة لزج إيران في ميدان الضفة الغربية وتحميلها مسؤولية توسيع ميدان غزة بسبب دعمها لحركة حماس، حسب تصريحات المسؤولين الإسرائيليين.
«.. ولا حتى خطوة واحدة»
في الأثناء، رسمت وسائل الإعلام الإسرائيلية مساراً متشائماً للمرحلة المقبلة فيما يخص الميدان والرهائن واتفاق وقف إطلاق النار، ونقلت القناة الـ12 عن مصدر بارز في فريق التفاوض إعرابه عن تشاؤمه بشأن مستقبل الاتفاق، ولم تكشف القناة الإسرائيلية عن هوية المصدر ولا جنسيته.
وقال المصدر: لن يكون هناك اتفاق قريباً، ولا حتى خطوة أولى، لأن الطريقة الوحيدة للاتفاق هي وقف الحرب.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال نتنياهو: إن «قضية السيطرة على محور فيلادلفيا بعيدة كل البعد عن كونها العقبة الوحيدة أمام التوصل إلى اتفاق»، مضيفاً: إنه «لم يتم الاتفاق على أي من النقاط الرئيسية حرفياً».
وفيما كانت واشنطن تتحدث عن إنجاز الاتفاق بنسبة 90%، عادت أمس لتنقض هذا الحديث، حيث نقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم: «وسط عدم إحراز تقدم في المفاوضات، يعمل الجانب الأميركي على مقترح جديد يستند إلى خطة بايدن في أيار الماضي، لكنها تتطلب من إسرائيل وحماس تقديم تنازلات».
الكيان يتعمد التصعيد وفق خطة معتمدة لخلط الأوراق بصورة جذرية ووضع واشنطن (والمنطقة) أمام حتمية الحرب.. والبداية من التصعيد الخطر ضد مصر
ومجرد أن يقول الجانب الأميركي بوجود تنازلات من الكيان الإسرائيلي فهذا يعني أن المقترح الجديد المرتقب، وأي مقترح آخر، لن يكتب له النجاح، في ظل وضوح الإعلان الإسرائيلي لناحية عدم تقديم تنازلات في أي مسألة، وأنه سيواصل التصعيد أياً تكن العواقب والتداعيات.
وهنا اتفاق بين المراقبين والمحللين على أن الكيان الإسرائيلي يتعمد التصعيد، وفق خطة معتمدة، بخطوات ثابتة باتجاه خلط الأوراق بصورة جذرية ووضع واشنطن (والمنطقة) أمام حتمية الحرب الموسعة، باعتبارها المنقذ الوحيد للكيان.. وإذا أخذنا تصعيد الكيان تجاه مصر فيما يخص محور فيلادلفيا/صلاح الدين، فإن الصورة يمكن أن تصبح أوضح، لكن ما هو غير واضح هو موقف واشنطن وهل هي تدعم سراً هذا التصعيد، فيما هي في العلن تتحدث عن مقترحات وخطط وتكثيف المساعي للتوصل إلى اتفاق.
الرد الإيراني
بعد انحسار مسألة الرد الإيراني عن المشهد خلال الأيام الماضية، عادت إيران لتؤكد أن ردها قادم لا محالة، وقال سفيرها لدی العراق، محمد کاظم آل صادق إن إيران سترد على مقتل ضيفها هنية، مؤكدًا أن «العمليات المقبلة ستكون تنفيذاً للقوة».
وأوضح آل صادق، في تصریحات لقناة «الرشید» العراقية، نقلته وكالة «إنسا» الإيرانية أمس الاثنين، أن الرد الإيراني قادم لا محالة، لأن ضيفنا قُتل في دارنا وسنثأر له، مؤكداً أن «فصائل المقاومة لها حريتها واستقلالها ومن المعيب وصفها بوكلاء إيران».
وفي وقت سابق صرح القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، بأن «الاحتلال الإسرائيلي سيذوق طعم الانتقام المرير على أفعاله الشريرة»، وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة «تسنيم» أمس الإثنين: متى وأين وكيف؟.. «الرد الإيراني» بالتأكيد سيتم القيام بذلك بشكل مختلف وسيتم حل هذا اللغز للجميع.
وأكد سلامي أن «كابوس الرد المؤكد من إيران يقلقهم ليلاً ونهاراً»، مضيفاً: «ينبغي ألا تعتقد إسرائيل الغاصبة وحلفاؤها أنهم سيضربون ويهربون، بل يجب أن يعلموا أنهم سيتلقون الرد ولا يستطيعون الهروب.. سيأخذون العبر، ويستخلصون الدروس الكبيرة بأن يكفوا عن اللعب بذيل الأسد.. الشعب «الإيراني» صامد».