من فيلادلفيا إلى رفح.. واشنطن والكيان يفخخان وقف إطلاق النار في غزة ونتنياهو يُحصّن ‏تحالفه مع اليمين المتطرف إلى حين عودة ترامب

تشرين- هبا علي أحمد:‏

تتلاقى الأكاذيب الإسرائيلية- الأميركية، وتطغى على كل الأحداث والقضايا، وإن كان العدوان ‏على غزة وامتداداته الإقليمية أظهر بعض التمايز في الموقف بين الجانبين، فهو تمايز ‏مرحلي خادع ومنافق فرضته الانتخابات الأميركية، التي اتخذت من وقف إطلاق النار في ‏غزة ذريعة لإظهاره، وبين ما تريده واشنطن وتدعيه حول ضرورة وقف إطلاق النار، وبين ‏الإصرار الإسرائيلي باستمرار العدوان، تبرز الحقيقة وتتلاقى الرغبات الأميركية- الإسرائيلية في مواصلة العدوان بما يمكن أن يساعد واشنطن على رسم خرائط المنطقة وتموضعات القوى ‏من جديد، مع تشكيل تحالفات جديدة تخدم الكيان الإسرائيلي في نهاية المطاف، فلا يمكن فهم ‏السياق العبثي للمفاوضات إلا في هذا الإطار، ولا يمكن التصديق أن واشنطن لا تملك أي ‏سلطة على الكيان وعلى عدوانه وتحركاته، بما فيها الإصرار على البقاء في محور فيلادلفيا.‏

الرغبات الأميركية- الإسرائيلية تتلاقى في مواصلة العدوان على غزة لرسم خرائط المنطقة ‏وتشكيل تحالفات جديدة تخدم الكيان ‏

من فيلادلفيا إلى رفح
في الواقع تفصل واشنطن بين وقف إطلاق النار في غزة والمرحلة التي تتبعه، إذ يدور ‏الحديث فقط عن ضرورة التوصل إلى اتفاق من دون إلزام الكيان بأي التزامات في المرحلة ‏التالية، ومن دون معرفة حيثياتها، والحقيقة أن واشنطن تعمد إلى خطوات تضمن سيطرتها في ‏المشهد وبالتالي سيطرة الاحتلال، لكنها خطوات تكتيكية بخلاف ما يعمد إليه نتنياهو، كما ‏تعمد إلى إشاعة أجواء إيجابية حول المفاوضات وتدلل بذلك على عدم الانسحاب منها أو ‏توقفها، في حين يعود الحديث عن معبر رفح وإدارته من قوة فلسطينية مُدربة أميركياً، أي ‏إن الإشراف والتنفيذ أميركيان وكل التفاصيل المتعلقة بإدارة المعبر وبالتالي إشراف ‏إسرائيلي، ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي كبير ترجيحه «قيام قوة فلسطينية ‏مدربة من الولايات المتحدة بتأمين معبر رفح»، وسط استعداد الاتحاد الأوروبي لمراقبة ‏المعبر، بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، مع تزايد الإحباط بشأن التوصل إلى اتفاق يوقف ‏إطلاق النار في غزة.‏

«حماس» تصر على انسحاب قوات الاحتلال من فيلادلفيا في المرحلة الأولى لأنه لا توجد ‏ضمانات أكيدة للوصول إلى المرحلة الثانية

وتحدثت الصحيفة مع 9 مسؤولين حاليين وسابقين من دول مشاركة في محادثات وقف إطلاق ‏النار في قطاع غزة، اتفقوا على أنّ النقطة الشائكة الرئيسة، التي تحول دون التوصل إلى ‏اتفاق، هي مطلب نتنياهو بالسماح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في محور فيلادلفيا، حيث‏ يعود نتنياهو للالتفاف حول موضوع الانسحاب من فيلادلفيا، ورغم الإدراك بأنه متمسك ‏بالبقاء في المحور أشيع أن الانسحاب ممكن لكن في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق ‏النار، وهو التفاف فج ومماطل، إذ إلى الآن تشير الأمور إلى صعوبة التوصل إلى اتفاق، وبالتالي فإن ‏أياً من المراحل لن تُبصر النور، وإن تم الاتفاق فلا يوجد ما يؤكد أن سيحقق كل المراحل ‏المتفق عليها.‏

وردّ مصدر قيادي في المقاومة الفلسطينية، عبر «الميادين»، على ما قاله رئيس «الموساد» ‏الإسرائيلي دافيد برنياع للوسطاء، بشأن محور فيلادلفيا بأنّ الجيش الإسرائيلي سينسحب من ‏محور فيلادلفيا في المرحلة الثانية من الاتفاق، مؤكّداً أنّ ذلك غير مقبول من جانب المقاومة، ‏مشيراً إلى أن «حماس» تصر على انسحاب قوات الاحتلال من محور فيلادلفيا في المرحلة ‏الأولى، لأنّه لا توجد ضمانات أكيدة للوصول إلى المرحلة الثانية.‏

يأتي ذلك فيما تعمل الولايات المتحدة ومصر وقطر على صياغة مخطط تفصيلي سيتم تقديمه ‏علناً، على الأرجح من جانب الرئيس الأميركي جو بايدن، في وقت لاحق من هذا الأسبوع، ‏حسبما ذكر موقع قناة «مكان».‏

عقيدتا بايدن و«بيبي»‏
يكثر الحديث راهناً عن انتظار نتنياهو لترامب مع قرب الانتخابات الأميركية، ما يعني أن ‏المراوحة في المكان بما يرتبط بالعدوان على المشهد ستبقى على حالها إلى حين تبيّن نتيجة ‏الانتخابات، كما يعني استمرار العدوان والإبادة والمجازر في غزة والضفة الغربية المحتلة، ‏وتحدث الصحفي الأميركي توماس فريدمان عن سعي نتنياهو إلى إنقاذ نفسه وسط تصاعد ‏المطالبات بخروجه من الحكم، بالتوازي مع عمله على فوز المرشح الجمهوري للانتخابات ‏الرئاسية الأميركية دونالد ترامب، وهزيمة منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، رغم أن كلاً ‏من ترامب وهاريس سيخدمان في نهاية المطاف الأجندة الإسرائيلية، لكن ترامب الأقرب ‏إلى نتنياهو باعتباره عراب «صفقة القرن».‏

نتنياهو يسعى إلى إنقاذ نفسه بالتوازي مع عمله على فوز ترامب وهزيمة هاريس

ولدى شرحه ما سماه «عقيدة بايدن» ذكر فريدمان أنّ الإدارة الأميركية الحالية نجحت في ‏بناء مجموعة من التحالفات الإقليمية المصممة لمحاولات مواجهة روسيا في أوروبا، ‏واحتواء الصين في المحيط الهادئ، وعزل إيران في الشرق الأوسط، أما حجر الزاوية لكل ‏هذه التحالفات، التي كان من المفترض أن تربط آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، فهو التحالف ‏الدفاعي الذي اقترحه بايدن مع السعودية، والمفتاح للحصول على مثل هذه الصفقة من خلال ‏الكونغرس هو موافقة السعودية على تطبيع العلاقات مع «إسرائيل»، بينما المفتاح لدفع ‏السعوديين إلى القيام بذلك هو موافقة نتنياهو على مجرد مناقشة إمكان تطبيق حل الدولتين.‏

لكن «عقيدة بايدن» اصطدمت مباشرةً بما يريده نتنياهو، وما سماه فريدمان «عقيدة بيبي»، ‏موضحاً أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية “يركز على بذل كل ما هو ممكن ليتجنّب أي عملية ‏سياسية مع الفلسطينيين قد تتطلب تسويةً إقليميةً في الضفة الغربية، من شأنها أن تكسر ‏التحالف السياسي بين نتنياهو واليمين المتطرف.‏

نتنياهو يتجنّب أي عملية سياسية مع الفلسطينيين قد تتطلب تسويةً إقليميةً في الضفة من ‏شأنها أن تكسر تحالفه السياسي مع اليمين المتطرف

وبالعودة إلى الانتخابات الأميركية، أوضح الصحفي الأميركي أنّ استمرار الحرب في قطاع ‏غزة، حتى «تحقيق النصر الكامل» مع مزيد من الضحايا المدنيين، يعني أنّ هاريس ‏ستضطر لانتقاد نتنياهو علناً وخسارة أصوات اليهود، أو أن تعضّ لسانها وتخسر ‏أصوات العرب والمسلمين الأميركيين في ولاية ميشيغان، لافتاً إلى أنّ نتنياهو قد يقدم على ‏تصعيد الأوضاع في قطاع غزة، إلى أن يحين موعد الانتخابات الرئاسية، ليصعّب الأمر على ‏الديمقراطيين بتحقيق الفوز، ومن خلال ما يفعله تجاه الديمقراطيين يريد نتنياهو لترامب ‏أن يفوز، وإذا فاز ترامب فقد يعلن نتنياهو تحقيق نصره الكامل في قطاع غزة، ويوافق على ‏وقف إطلاق النار من أجل استعادة الأسرى الذين مازالوا على قيد الحياة، و«يتمتم» بضع كلمات ‏عن الدولة الفلسطينية في المستقبل البعيد من أجل الحصول على صفقة التطبيع السعودية – ‏الإسرائيلية، ويطلب من شركائه اليمينيين المتطرفين الأكثر جنوناً أن يرحلوا، بينما يترشح ‏لإعادة انتخابه من دونهم.‏

‏تمديد عملية الضفة
ذكرت وسائل إعلام العدو أن الجيش الإسرائيلي مدّد عمليته العسكرية في جنين، ناقلةً عن ‏مصادر عسكرية تأكيدها أنّه لن يكون هناك مفر من تحويل قوات من قطاع غزة إلى الضفة ‏الغربية من أجل توسيع العمليات، وقال موقع «والاه»: إنّ القتال في مخيم اللاجئين في جنين ‏كان من المفترض أن ينتهي أمس، لكن الجيش قرّر مواصلة القتال، مشيراً إلى أن «البنى ‏التحتية في الضفة الغربية بمرحلة بناء القوة، ولذلك ممنوع أن ننتظر حتى تتعاظم وحتى ‏يقع هجوم انتحاري في قلب إسرائيل، بل تجب معالجتها الآن».‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار