الكيان الإسرائيلي في ذروة التأهب وتركيز على حيفا.. أميركا سلّمت بعجزها استخباراتياً: لا مزيد من التقديرات حول زمان الرد ومكانه..
تشرين – مها سلطان:
أن تعلن الولايات المتحدة الأميركية أنها ستكف عن «ضرب مواعيد» للرد المرتقب من إيران والمقاومةإيران والمقاومة اللبنانية، فهذا لا يعني أنها ستوقف العملية الاستخباراتية حول معرفة أي تفصيل، ولو هامشياً، حول زمان الرد ومكانه، أو أنها ستوقف الجهود التي تقودها في المنطقة للتخفيف من الرد.. أميركا سلمت بعجزها استخباراتياً لكنها لم تسلّم بأن عليها الوقوف جانباً وانتظار الرد مثلها مثل كيانها الإسرائيلي الذي بلغ ذروة التأهب بعد خطاب السيد حسن نصر الله الثلاثاء الماضي، وحديثه، تحديداً، عن حيفا، وأن على المستوطنين فيها الاستعداد.
لكن الكيان الإسرائيلي لا يستطيع إعلان المثل، وسائل إعلامه لا تخلو من عرض التقديرات الاستخباراتية/العسكرية، حول زمان الرد ومكانه، مشيرة إلى أن أكثر ما يخشاه الكيان هو أن يكون الرد مزدوجاً، أي من إيران وحزب الله، ومع تركيز المحللين والمراقبين على أن الرد قد يتأخر لزمن غير معلوم، فإن الكيان لا يبدو في وضع يسمح له بمزيد من الحرب النفسية التي تفرضها حالة الانتظار والتأهب، فإذا ما طالت أرهقته، وأربكت مخططاته، وضاعفت حدة الغضب والانقسام الداخلي.. وهذا سينسحب على الولايات المتحدة نفسها التي ستجد نفسها عاجزة ومحاصرة بأسوار عالية من الغموض حيال الموقف، وما يجب القيام به.
التقديرات الجديدة
الكيان الإسرائيلي يمنّي نفسه بألا يكون الرد مزدوجاً، ويرى أن التأخير ربما يصب في مسألة أن الرد سيكون على مرحلتين، الأولى من حزب الله حسب «القناة 13» الإسرائيلية، التي ضربت موعداً لبدئه خلال الأيام القليلة المقبلة، بينما وسّع متزعمو الكيان دائرة التصريحات العدوانية باتجاه حزب الله ولبنان.
الكيان ليس في وضع يسمح له باتساع الحرب النفسية التي تفرضها حالة انتظار الرد.. فإذا طالت أرهقته وأربكت مخططاته وضاعفت حدة الغضب والانقسام
صحيفة «يديعوت أحرونوت» عرضت لتقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي ترى أن احتمالات الهجوم المزدوج تتضاءل، مشيرة إلى أن رد إيران قد يكون عبر هجوم بمئات الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل.
وقالت: إن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تقدر أن حزب الله سيكون البادئ بالهجوم، وقد يستمر ساعات حتى أياماً معدودة، مضيفة: من المتوقع أن يكون هجوم حزب الله الأوسع منذ حرب تموز 2006.
وكان السيد نصر الله أكد في خطابه الثلاثاء أن الرد «آت، وسيكون قوياً، مؤثراً، وفاعلاً.. وحدنا أو في إطار رد جامع لكامل المحور، هذه الفرضيات موجودة، فهذه معركة كبيرة والاستهداف خطر».
ومن المقرر أن يجتمع المجلس الوزاري الإسرائيلي «الكابينيت» مساء اليوم الخميس، في ظل تكثيف واضح لعدد ومستوى الجولات التي يقوم بها متزعمو الكيان على المواقع العسكرية والاستيطانية، بيما طالب رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو المستوطنين بالتزام الصبر والهدوء.
الجديد على المستوى الإسرائيلي هو ما كشفته صحيفة «يسرائيل هيوم» التي قالت: إن «المستوى السياسي» في الكيان أوصى المستوى العسكري بمحاولة عدم تصعيد الأمور وصولاً إلى حرب شاملة في المنطقة، ولفتت إلى أن التقديرات في الكيان تشير إلى أن الوقت ليس مثالياً لحرب شاملة، وسط خسائر الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة واستعدادات حزب الله في الجبهة الشمالية.
الحرب النفسية
أما الإذاعة الإسرائيلية فهي تركز بشكل أساسي على الحرب النفسية التي يديرها حزب الله في الشمال، وتنقل عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين قولهم: إن حزب الله بهجماته ومسيّراته يضع المستوطنين في حالة رعب دائم، ويجعلهم حبيسي منازلهم.
موقع «واينت» الإسرائيلي، اعتبر أن جزءاً من الرد (من حزب الله) تحقق بالفعل، بعد مضي أسبوعين على حالة التأهب، متحدثاً عن هجوم مزدوج وعن أهداف لحزب الله تتجاوز حيفا.
ويقول الموقع: الاعتقاد في جهاز الأمن الإسرائيلي أن جزءاً كبيراً من إنجاز حزب الله قد تحقق بالفعل، فالانتقام الذي لم يحصل بعد، يظل على رأس جدول أعمال وسائل الإعلام الإسرائيلية يوماً بعد يوم، من دون أي تصعيد، ومن دون أن يتم إطلاق صاروخ واحد حتى الآن، في وقت دخلت فيه حالة التأهب القصوى للقوات الجوية وقيادة الجبهة الداخلية والقيادة الشمالية أسبوعها الثاني.
وتشير التقديرات في الكيان الإسرائيلي، وفق «واينت»، إلى أن رد حزب الله سيكون قوياً، وسيركز على أهداف عسكرية في الشمال، مع التركيز على منطقة حيفا، حيث يمتلك الجيش الإسرائيلي عدداً من القواعد والمرافق الاستراتيجية، وقد يمتد حتماً إلى المناطق المجاورة، وستكون هناك محاولة لتوسيع المعادلة وتنفيذ إطلاق «رمزي» لصواريخ على أهداف جنوب حيفا.
تأكيد إيراني جديد
إيران وإن كانت لا تعلق بصورة مباشرة على التصريحات والتقديرات الإسرائيلية، تواصل التأكيد أنها لن تتراجع عن معاقبة الكيان الإسرائيلي، وأن هذه المسألة تشكل أولوية لصيقة بأولوية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة.
تقديرات الكيان تركز على منطقة حيفا حيث تتركز القواعد والمرافق العسكرية الاستراتيجية وقد يمتد رد حزب الله إلى المناطق المجاورة في محاولة لتوسيع معادلة الردع
وقالت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، في تصريحات اليوم الخميس: إن طهران لن تتراجع عن الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها، في حال تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، حسب وكالة الأنباء الإيرانية- إرنا.
وأضافت: إيران تتابع هدفين بالتزامن معاً، أولاً التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة وانسحاب المحتلين منها، وثانياً معاقبة المعتدي على اغتيال هنية، ومنع تكرار العدوان الإرهابي للكيان الصهيوني، وجعل الصهاينة يندمون على دخولهم هذا الطريق».
ميدان غزة
في الأثناء لا يتوقف الكيان الإسرائيلي عن جرائمه في قطاع غزة، حيث نفذ اليوم قصفاً عنيفاً استهدف عدة مناطق في القطاع، موقعاً 27 شهيداً، منهم 18 شهيداً في مدينة خان يونس جنوب القطاع.
وحسب الدفاع المدني في القطاع، فإن الجيش الإسرائيلي «يستخدم أسلحة فتاكة محرّمة دولياً»، مضيفاً: «لا نستطيع الوصول إلى الشهداء والجرحى بسبب نقص المعدات والوقود»، وأشار إلى أن عدداً كبيراً من الجرحى يفقدون أرواحهم لصعوبة الوصول إليهم.
واستهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية صباح اليوم منازل المواطنين جنوب حي الصبرة، والمناطق الشرقية من مدينة غزة، وبيت لاهيا شمال القطاع، وكذلك مدينة الأسرى ومدينة الزهراء ومنطقة المغراقة وشمال مخيم النصيرات وسط القطاع.
وفي مدينة خان يونس جنوب القطاع، قصفت طائرة مسيّرة إسرائيلية منزلاً في بلدة بني سهيلا شرق المدينة، كما أصيب عدد من المواطنين بجروح من جراء قصف تعرض له منزل وسط بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس، بينما أطلقت دبابات إسرائيلية نيرانها بكثافة باتجاه شرق بلدة القرارة شرق المدينة.
واستهدفت طائرة حربية إسرائيلية بصاروخ الطوابق العلوية في برج جبريل بشارع البيئة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، كما شنت تلك الطائرات غارتين على المنطقة الشمالية الشرقية لمدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وحسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن حصيلة شهداء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ عشرة أشهر تقارب 40 ألف شهيد، وعشرات آلاف الجرحى والمفقودين.