اغتراب الزواج قد يودي بالعلاقة الزوجية.. مرشد اجتماعي: أي نقض للاتفاق من أحد الطرفين له ثمن
تشرين- ياسر النعسان:
قالوا ويقولون: «تزوج من بلادك وحطّ على أخدادك» لما في ذلك من استقرار أسري بدلاً من الانتقال بين بلد الزوج والزوجة في المناسبات الاجتماعية لأهل الزوجة والزوج، وخصوصاً إن كان الزوج وأسرته في حالة سفر، وبالتالي فسيقضون إجازتهم داخل القطر مشتتين بين أسرة الزوج والزوجة، لأن كل واحد منهم يريد أن يرى أهله.. وفي تحقيقنا هذا سنحاول أن نضع النقاط على الحروف في مسألة أهمية أو عدم أهمية أن يتزوج الرجل من منطقته نظراً لأن الكثير مقتنعون بالمثل سالف الذكر، من هنا حاورت «تشرين» بعضاً ممن تزوج من منطقته والبعض الآخر ممن تزوج من غير منطقته لسبر أعماق هذه الظاهرة، حيث كانت البداية مع (فادي) الذي أشار إلى أنه تزوج من منطقة بعيدة مكانياً عن منطقته إلا أنه واجه معها مشكلات عديدة، أهمها رغبتها الجامحة بترك منطقتنا والسكن في منطقة أهلها حباً بأهلها وحناناً عليهم وكي لا تحرم منهم إلا أن ذلك صعب التحقيق لكوني إن حققت لها ما تريد فسأحرم أهلي والعيش معهم، وهي عندما تزوجتني تعلم أننا سنقطن في منطقتنا إلا أن ذلك لم يرق لها بعد الزوج وتغير رأيها، من هنا عشنا صراعاً مريراً لأن طلبها بالنسبة لي مستحيل التحقيق.
حياة سعيدة
أما (سناء) فأشارت إلى أنها تزوجت من رجل من غير منطقتها وهما يعيشان حياة سعيدة بمدينة دمشق بعيدا عن منطقة أهلها وعن منطقة أهل زوجها، وهما بغاية التفاهم والانسجام والود والمحبة ولا يوجد أي منغصات بينهما، وهذا ما أكدته (وداد) التي أشارت من جهتها إلى أنها بغاية السعادة والتفاهم مع زوجها الذي مصادفة يقطن مع أهله في نفس منطقة أهلي، ورغم الفارق العلمي بيننا حيث إنني أحمل إجازة جامعية وهو بلا إجازة إلا أننا نحترم بعضناً بعضاً، ولا يوجد بيننا أي منغصات، وحتى عندما فرضت علينا الظروف العودة لمنطقته بمرحلة ما استطعت أن أفرض نفسي على أهل منطقته وأن أكسب ودهم ومحبتهم.
لم يستطع التأقلم
(تحسين) أشار من جهته إلى أنه تزوج من غير منطقته ومع أنه لبى رغبة زوجته بالسكن في منطقة أهلها إلا أنه رغم مرور السنين لم يستطع أن يتأقلم مع أهل بلدتها ولا حتى مع أهلها، وبالمقابل فإن زوجته لا ترغب مطلقاً حتى بزيارة أهله في منطقته وإن ضغط عليها تذهب مكرهة، وهذا ما سبب نوعاً من الشقاق والصراع معها ومع ذلك ما زلنا في حالة تعايش مع بعضنا بعضاً حرصاً على الأولاد لأن الأبناء لا يريدون فقط أماً وحدها ولا أباً وحده وإنما يريدون الأب والأم معاً .
(عادل) بين من جهته أنه يعاني من زوجته التي هي من غير منطقته من حيث أنواع الطبخات ومزاج اللباس، مشيراً إلى أنه معها يشعر بالغربة وأنه في عالم غير عالمه، نادماً عللى اللحظة التي قرر فيها الزواج من غير منطقته، الأمر الذي قد يؤثر في حياتهما سلباً وعلاقتهما، لافتاً إلى أنه يحاول بصعوبة كبت مشاعره السلبية تجاه زوجته حرصاً على استمرار حياتهما الزوجية، لأنه من غير الممكن ان يتزوج الرجل كل يوم زوجة أخرى لمجرد أنها لم ترق له لأي سبب كان.
شكّل نوعاً من الصراع
(فراس) أشار من جهته إلى أنه مغترب وزوجته من محافظة غير محافظته، ولدى زيارتنا القطر القصيرة نضطر للوجود عند أهلها أكثر من نصف الإجازة مع رغبتي وحاجتي الماسة لرؤية أهلي وهذا ما شكل لي نوعاً من الصراع مع زوجتي، لأنه يسبب لي إحراجاً مع أهلي الذين يحنون لي ويشتاقون لي أيضاً كما أشتاق لهم، ولو أنني تزوجت من بلدتي لما عانيت ما عانيت من (شنططة) بين أهلي وأهلها، لذلك تجدني لا أهنأ بأي زيارة للقطر.
رغم التفاهم افترقا
وبين (لؤي) من جهته أنه تزوج من أجنبية وأنجب منها ولدين وبنتاً ومع أن الانسجام والتفاهم والمحبة سادت حياتهما الزوجية لسنين عديدة إلا أنها آثرت العودة لبلدها والعيش فيه على علاقتهما الزوجية وبالتالي أصبح وحيداً من دون زوجة ولا أولاد بسبب اغتراب أبنائه، مشيراً إلى أنه أصبح بعمر لا يرغب بالزواج مرة أخرى فيه.
وبين (متعب) من جهته أنه تزوج من منطقته ومع ذلك يشعر بأنه متزوج من غير منطقته نظراً لأنها تشعره دوماً بأنها من عالم وهو من عالم آخر، ولدى حصول أي خلاف بينهما يشعر بأنها من كوكب آخر، لافتاً إلى أن الخلاف بين الزوجين ليست له علاقة بالمنطقة التي هما منها وإنما يرتبط ذلك بالمحبة والألفة بينهما.
الحل بالالتزام بالاتفاق
المرشد الاجتماعي منير عبد الله أشار من جهته إلى أن العلاقة الزوجية السليمة تكون مبنية منذ البداية على التفاهم والانسجام والمحبة والاتفاق المسبق الذي يجب أن يكون الزوجان متفقين عليه شرط الالتزام بهذا الاتفاق من دون أن ينقض أحدهما بنوده أو أحد بنوده بعد العلاقة الزوجية، وبالتالي قد يدفع الثمن الطرف الذي ينقض الاتفاق، فالذي أوله شرط آخره سلام كما يقال، وبالتالي فعلى الطرفين أن يضعا بنوداً لاتفاق مسبق قبل العلاقة الزوجية.