تجميل مدينة حلب يودي بالأسواق الشعبية… وسوق الخضار والفواكه الجديد لا يزال قيد التنفيذ
تشرين- رحاب الإبراهيم:
بعد سبات عميق، انتفض مجلس مدينة حلب، تحت مسمى تجميل المدينة، التي تمتلئ شوارعها بالقمامة على غير العادة، ليبدأ حملة على الإشغالات، بسطات وأسواق شعبية، هلّل لها سابقاً بحجة الترويج لمنتجات الفلاحين وتخفيف العبء على المستهلكين، لكن اليوم اكتشف فجأة أنها لم تحقق غايتها، فأزالها من دون تخطيط كافٍ وقبل تجهيز البديل “سوق الخضار والفواكه الجديد، الذي سينقل إليه كافة باعة هذه المنتجات من سوقي الرازي وباب جنين، علماً أن بعض أصحاب البسطات البسطاء وجدوا أنفسهم بلا مصدر رزق، لكون السوق الجديد لا يزال يحتاج إلى وقت حتى يصبح في الخدمة، فمن يتحمل مسؤولية رفع أسعار الخضار والفواكه الجنوني وخسارة العديد من العائلات مصدر رزقها؟، وكل ذلك يجري أمام أعين مسؤولي مجلس المدينة كون السوق يقع خلف القصر البلدي مباشرة، من دون تسريع الخطوات تقليلاً للخسائر ورأفة بالمواطنين.
خسارة يومية
أصحاب بسطات الخضار والفواكه، في سوق الرازي الشعبي، الذي كان يخدم أغلب المناطق المجاورة منه ويسهم في تخفيض أسعار هذه المنتجات رغم خروجه عن هدفه الأساسي المتعلق بترويج منتجات الفلاحين، اشتكوا لـ”تشرين” إزالة هذا السوق، قبل تجهيز سوق الخضار والفواكه الجديد، حيث أكدوا تعرضهم للخسارة يومياً، ولاسيما أنهم يشترون بضاعتهم من سوق الهال بالدَّين، فالخضار تتعرض للتلف بسبب عدم قدوم المواطنين للشراء من هذا السوق، لكونه لم يجهز بعد، كما أن أغلب الباعة لم يأتوا إلى السوق، بالتالي عند قدوم أي مواطن يغادر فوراً لعدم توافر كل طلباته، وهو ما يؤكده البائع علاء قزاز، بقوله: كنا في سوق الرازي الشعبي ملتزمين بالتسعيرة وهناك منافسة جيدة تخفض الأسعار، لكن فجأة قرر مجلس المدينة إزالته، متسبباً بقطع أرزاق قرابة 500 عائلة، تعتاش على شغل البسطات في هذا السوق، ورغم ذلك حينما أعلن عن سوق الخضار الجديد جئنا لنعمل، لكنه لم يجهز بعد، ولا توجد وسائل نقل تصل إليه، ما يعرّض الخضار والفواكه التي نشتريها للتلف، متسائلاً عن أسباب عدم تجهيز سوق الخضار الجديد قبل نقل البائعين إليه وإزالة سوق الرازي، الذي يتمنى إعادته نظراً لموقعه الإستراتيجي وتخديمه للباعة والمواطنين في ذات الوقت.
باعة الخضار والفواكه يشتكون لـ”تشرين”: نتعرض للخسارة يومياً بسبب عدم تجهيز السوق البديل حتى الآن
غير مجهز
البائع محمد حمد بيّن أن سوق الخضار الجديد لم يجهز بعد بأي خدمات، حيث وضعوا البسطات من دون تركيب كهرباء أو إنارة بسيطة، وبالتالي عند بدء ساعات المساء ستتوقف حركة البيع والشراء كلياً، مشيراً إلى أنه إذا بقي الوضع على حاله سيصبح أصحاب البسطات متسوّلين، أما التجار فلا يهمهم إن زال السوق أم لم يُزل، لقدرتهم على فتح محال تجارية في أي مكان، كما حصل الآن، حيث فتحوا محلات في منطقة الجميلية وغيرها، لكنهم رفعوا أسعار الخضار والفواكه بشكل كبير لتعويض قيمة الإيجار، وهذا سيتحمل تداعياته المواطن، الذي سيضطر إلى الشراء بأسعار مرتفعة بدل المجيء إلى سوق الخضار الجديد وقطع مسافات طويلة في ظل هذه الأجواء الحارة.
أبر مسكنة
يتفق معهم البائع عبدو جبر، الذي أكد أنه منذ قرابة شهر ونصف الشهر أزالوا سوق الرازي ونقلوا باعة الخضار والفواكه إلى السوق الجديد، لكنهم لا يعرفون إلى الآن ما هي الخطوة التالية، حيث أخبروا الباعة بأنهم سيجرون قرعة لاختيار البائعين الذين سيبقون في السوق من دون اتخاذ أي خطوة بهذا الخصوص حتى الآن.
وأشار كغيره من البائعين إلى تعرضه للخسارة اليومية بسبب تلف الخضار وعدم قدرته على تحمل تكاليف المعيشة بسبب ذلك، فبعد ما كان يبيعها بأسعار منافسة ويحقق أرباحاً جيدة تحول إلى شخص يحتاج إلى الإعانة لتأمين احتياجات عائلته المؤلفة من 5 أفراد، وبيّن أن كل ما يقال عن السوق حالياً مجرد أبر مسكنة، متمنياً إما الإسراع في إنجاز السوق وتخديمه بالشكل المناسب أو إرجاع الباعة إلى سوق الرازي بغية تمكين العائلات المتضررة من تأمين قوت يومها.
منفى.. وترحيب
المواطنون تفاوتت آراؤهم حول نقل سوق الخضار من الرازي إلى منطقة المشارقة، حيث وصف المواطن عبد السلام ناصر السوق الجديد بـ”المنفى”، إذ سيضطر المواطن إلى قطع مسافات كبيرة للوصول إليه، فإذا كانوا يريدون افتتاح سوق خضار جديد فلتكن القرارات مدروسة ويختارون مكاناً مناسباً، بحيث يخدم المواطن والباعة أيضاً.
في حين عدّ المحامي سليم يوسف أن إحداث سوق جديد خاص بالخضار بهذه المنطقة بالجيد، وخاصة أنه قريب من بيته، ومساحته كبيرة، لكن كان يفضل تجهيز السوق وتخديمه بدل إحداث هذه الفوضى.
مواطنون يصفون السوق الجديد بـ”المنفى”.. وآخرون يعدّونه خطوة جيدة
الأفضلية للملتزمين
“تشرين” توجهت إلى مجلس مدينة حلب، القريب من سوق الخضار والفواكه الجديد، للاستفسار عن المدة الزمنية المحددة لإنجاز هذا السوق بشكل نهائي، وتوزيع الباعة على البسطات وتخديم بنية السوق التحتية من إنارة وغيرها، ليؤكد رئيس قسم الإشغالات في مجلس المدينة بحلب أحمد منصور أنّ سوق الخضار والفواكه ينطوي على قسمين؛ قسم سيكون على النمط الأوروبي، مجهز بكل الخدمات ضمن أكشاك منظمة ستطرح للمزاد أو الاستثمار، وسيكون لـ”السورية للتجارة” مكان فيه للتدخل في السوق وكسر حدة الأسعار، وقسم آخر سيضم باعة الخضار والفواكه الذين كانوا متواجدين في سوق الرازي وباب جنين، ويضم عدداً كبيراً من البسطات، وسيتم قريباً إجراء قرعة لاختيار الأماكن المخصصة للبائعين، بحيث يكون للبائع الملتزم المكان الأفضل، علماً أن السوق يستوعب أكثر من 300 بسطة، واعداً بأن يكون إنجاز السوق في أقرب وقت ممكن.
منع الفوضى
في ردّه على المنتقدين لإزالة الأسواق الشعبية والتسبب برفع أسعار الخضار والفواكه، أكد منصور أن الغاية من إزالة الإشغالات إنهاء حالة الفوضى القائمة في الأسواق، وخاصة البسطات، التي غالباً يكون خلفها موظفون فاسدون، ومسؤولون متنفذون أو أصحاب أموال، فلا يوجد إلّا عدد قليل من أصحاب البسطات الساعين إلى كسب زرقهم و”المتعيّشين” منها، وهؤلاء سيكون لهم المكان الأفضل في السوق، وبالتالي أي ضجة مفتعلة تثار حول هذا الأمر سببها الأشخاص الذين تضررت مصالحهم وليس أصحاب البسطات الذين يعتاشون من بيع الخضار والفواكه.
ولفت منصور إلى أنّ الكثير من المواطنين اعتبروا إزالة الإشغالات، وخاصة على الأرصفة والشوارع خطوة جيدة نتيجة ما تسبّبوا به من إزعاج للمارة.
رئيس شعبة الإشغالات في مجلس المدينة: إزالة الإشغالات هدفها قمع الفوضى وتجميل المدينة.. والضجة المفتعلة يثيرها من تضررت مصالحه وليس أصحاب البسطات البسطاء
مسؤولية الرقابة
وفيما يخص استغلال أصحاب المحال التجارية المواطنين بعد إزالة الأسواق الشعبية وبيعهم الخضار والفواكه بأسعار مرتفعة، بيّن منصور أنّ مهمة ضبط الأسواق من مسؤولية مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي يفترض القيام بواجبها ومسؤولياتها عبر منع رفع أسعار هذه المنتجات واستغلال حاجة المواطنين ومحاسبة المخالفين
رئيس شعبة الرقابة التموينية: نظمنا ضبوطاً بحق تجار الخضار والفواكه المخالفين
تنظيم ضبوط
وقد تواصلت “تشرين” مع مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب للسؤال حول الإجراءات المتخذة بحق التجار المخالفين، وأكد رئيس شعبة الرقابة فواز هارون تنظيم عدة ضبوط بحق أصحاب المحال التجارية التي تبيع الخضار والفواكه في المناطق القريبة من سوق الرازي بأسعار مرتفعة، ولا تضع إعلانات بأسعارها.
وفيما يبدو أشبه بتبرير لرفع بعض الباعة أسعار الخضار، أكد هارون أنه بإمكان المواطنين الشراء من الأسواق الشعبية التي تبيع هذه المنتجات بسعر أرخص مع إمكانية اختيارها حسب الطلب.
ت-صهيب عمراية