في سياق السجال الانتخابي/الرئاسي الأمريكي، يطفو على السطح بشكل سريع سيناريو تزوير الانتخابات، ولاسيما مع بروز استطلاعات للرأي تشير إلى ارتفاع حظوظ المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، في مقابل المرشح الجمهوري دونالد ترامب.. وليس غريباً بروز هذا السيناريو كأحد السيناريوهات المتوقعة في السياق الانتخابي، والتي منها تعرض ترامب لمحاولة اغتيال – نجى منها- وهو ما تم فعلياً، ولم يبقَ بعد النجاة إلا التزوير أو تمرد القوات المسلحة، على أن سيناريو التزوير يرفع من حرارة المشهد الأمريكي المحكوم بشبح حرب أهلية تتوسع احتمالات تحققها.
ورغم إن ترامب يحظى بقاعدة شعبية واسعة، إلا أن الارتفاع المُفاجئ في حظوظ هاريس التي لا تملك برنامجاً انتخابياً وتمّ قبولها بشكل قسري كمرشحة محتملة للحزب الديمقراطي، يشي بإمكانية تبدل المسار الانتخابي لمصلحة هاريس أقلّه راهناً، أو يجعل من الصعب التنبؤ بنتيجة الانتخابات التي كانت تشير إلى ترامب، وهذا يقود إلى أن مسار ترامب يحيط به الكثير من التحديات والمعوقات، لا تتعلق بأصوات الناخبين، بقدر ما تتعلق بتفضيلات الدولة العميقة وتحكمها الفعلي والمحتوم بالنتيجة الانتخابية، وهذا ربما يُفسر ارتفاع حظوظ هاريس، لكن إذا كان ترامب ذاته أحد أبناء الدولة العميقة ومنتوجاتها كما يُقال، وبالتالي من البدهي أن وصوله إلى الفوز عام 2016 كان برعاية الدولة العميقة، فإذاً ما الذي حصل؟
.. تشير المعلومات إلى أن ترامب وخلال فترة ولايته كان يمثّل مصالح أجنحة من الدولة العميقة بينما تعمل ضده أجنحة أخرى، بمعنى آخر، وحسب المعلومات ذاتها، كانت انتخابات عام 2016 عبارة عن صراع أجنحة ضمن الدولة العميقة نفسها، وليس من خارجها أو ضدها، أدّت إلى وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
على ما يبدو أن السيناريو ذاته سابق الذكر قابل للتكرار، صراع أجنحة ضد أخرى وترامب في المنتصف، وحسب مصلحة كل جناح، ولاسيما على خلفية برنامجه الانتخابي الخارجي، بمعنى، علاقاته وارتباطاته الخارجية وكيفية تسوية القضايا الدولية نحو التسخين أو التبريد، مع روسيا وإيران والصين ومنطقة الشرق الأوسط عموماً، وما يُمكن أن يقدمه ترامب لأحد الأجنحة دون غيره، وعليه فإن حظوظ ترامب مرتبطة بمدى قدرة أحد أجنحة الدولة العميقة على التغلب على الجناح الآخر.
هبا علي أحمد
326 المشاركات