بايدن – هاريس – ترامب على صف انتخابي واحد دعماً للكيان الإسرائيلي.. نتنياهو «يُعاين» وضعه أميركياً.. الحرب على غزة مستمرة و«عودة الرهائن» مازالت ضمن الوقت المستقطع

تشرين- هبا علي أحمد:
حتى في أميركا لم يُفلح رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حشد تأييد ودعم للمجزرة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة التي لاحقته إلى العاصمة واشنطن وكبلته بالأصفاد.. صحيح أنه حظي بحفاوة وتصفيق من مؤيديه داخل الكونغرس الأميركي، إلّا أن الصورة الأشمل أظهرت ما هو أهم، انقسام أميركي وإسرائيلي معاً في تأييد نتنياهو من عدمه.
والأهم من ذلك أن جملة من المزاعم والأكاذيب ساقها في خطابه أمس أمام الكونغرس الأميركي كانت كفيلة بتأليب الكثير من الأميركيين بمن فيهم الديمقراطيون، مقاطعات في داخل الكونغرس مع وجود عدد من أفراد عائلات الأسرى الإسرائيليين يلبسون قمصاناً صفراء كُتب عليها «أبرموا الصفقة الآن» وتظاهرات في الخارج، إذ تجمّع آلاف المتظاهرين أمام الكونغرس احتجاجاً على خطاب نتنياهو وللمطالبة بوقف النار، ورفعوا لافتات تحضّ الولايات المتحدة على وقف المساعدات الأميركية لـ«إسرائيل» وتصف نتنياهو بأنه مجرم حرب، ناهيك بالتظاهرات اليومية في «تل أبيب» للأسباب ذاتها، أي إن المآزق تراكمت تباعاً فوق رأس نتنياهو وتوسعت رقعة توجيه التهم إليه للحال التي وصل إليها الكيان، وبالتالي الآمال بتحقيق إنجازات والعودة بها إلى الكيان فشلت.
طبعاً سيحصل نتنياهو على دعم لوجستي ومادي أميركي لإطالة أمد العدوان، وهذا لا يرتبط بخطابه بالكونغرس بقدر ما يرتبط بالدعم الأميركي الدائم واللامحدود للكيان وهذا لا يُختلف عليه، لكن الصورة المذكورة آنفاً هي الأهم.

مجرم وكاذب
إذاً بات واضحاً أن إطالة أمد العدوان هو ما يسعى إليه نتنياهو، وهو إن ذهب إلى واشنطن فلأخذ الرضا والمباركة ورفع رصيده الداخلي الشعبي الذي بات دون الصفر، إذ ترتفع الأصوات مطالبة بإعادة الأسرى أياً تكن الأثمان، في الوقت عينه لا يأتي خطاب نتنياهو خارج السياق الصهيوني والسردية الصهيونية الملفقة، وكل ما ساقه من أكاذيب ومزاعم كان متوقعاً، لكن خطابه حوّل المسار الذي أراد تحقيقه، إذ أثار غضباً في صفوف النواب الديمقراطيين في الولايات المتحدة، الذين قاطع نصفهم تقريباً الخطاب، وحسب ما أورده موقع «أكسيوس» الأميركي، فإنّ عدد الديمقراطيين الذين قاطعوا خطاب نتنياهو أمس الأربعاء أكبر بكثير مما كان عليه في خطابه السابق أمام الكونغرس عام 2015، والذي بلغ حينها 58 ديمقراطياً.
ومن بين الديمقراطيين الذين أعربوا عن امتعاضهم من الخطاب السيناتور بيني ساندر، الذي أكد في منشور في منصة «إكس» أنّ الإسرائيليين يريدون نتنياهو خارج الحكومة، فجاء إلى الكونغرس ليقوم بحملة يروّج فيها لنفسه، مضيفاً: نتنياهو ليس مجرم حرب فقط، بل كاذب أيضاً.

الخطاب الذي ألقاه نتنياهو هو أسوأ عرض يقدّمه مسؤول أجنبي أمام الكونغرس على الإطلاق.. مجرم حرب عرض أكاذيبه وغادر

بدورها، شددت رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة والنائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي، على أنّ الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونغرس هو أسوأ عرض يقدّمه مسؤول أجنبي أمام الكونغرس على الإطلاق، لافتة إلى أن عائلات الأسرى الإسرائيليين يطالبون بصفقة لوقف إطلاق النار من شأنها إعادة الأسرى.
أما النائبة الديمقراطية التقدمية رشيدة طليب، فحضرت خطاب نتنياهو، مبديةً في الوقت نفسه احتجاجها عليه، حيث رفعت لافتةً تتهم نتنياهو بارتكاب الإبادة الجماعية، وفي منشور على «إكس» أعربت طليب عن تضامنها مع المحتجين الذين تظاهروا خارج الكونغرس، تنديداً بإلقاء نتنياهو الخطاب، في حين أوضحت ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، وهي نائبة ديمقراطية «تقدمية» أخرى، أنّ نتنياهو خسر عدداً كبيراً من الناس الذين سيتوجّه إليهم في خطابه، حتى بات يخاطب جزءاً بسيطاً من الكونغرس.

تم ملء المقاعد بأشخاص ليسوا أعضاء في الكونغرس كما يتم في مراسم توزيع الجوائز بهدف إظهار الحصول على حضور ودعم كاملين

ونظراً لذلك تم ملء المقاعد بأشخاص هم ليسوا أعضاء في الكونغرس، كما يتم في مراسم توزيع الجوائز، بهدف إظهار الحصول على حضور ودعم كاملين، وفي تصريحات لشبكة «MSNBC» الأميركية أكد النائب الديمقراطي جيري نادلر أنّ خطاب نتنياهو لم يكن صادقاً، مشدداً على أنّ نتنياهو يريد استمرار الحرب لأطول وقت ممكن، ولا يسعى إلى إعادة الأسرى، ويواصل وضع عراقيل أمام اتفاق الأسرى، ولهذا السبب يتظاهر الإسرائيليون ضده، لافتاً في الوقت عينه إلى أن نتنياهو يعلم أنّه سيواجه تحقيقاتٍ قضائيةً فور انتهاء الحرب، ولهذا يريد استمرارها، بينما أبدى كبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي إحباطه من خطاب نتنياهو فيما يتعلق بإنهاء الحرب والمعاناة في قطاع غزة.

نتنياهو يريد استمرار الحرب ولا يسعى إلى إعادة الأسرى ويواصل وضع العراقيل أمام أي اتفاق ويعلم أنّه سيواجه تحقيقاتٍ قضائيةً فور انتهاء الحرب

لقاءات نتنياهو
في خضم ذلك يلتقي نتنياهو اليوم في واشنطن الرئيس الأميركي جو بايدن ثم نائبته كامالا هاريس في اجتماعين لا يتوقع أن يلقى خلالهما التجاوب نفسه كما في الكونغرس.
وتتحدث التقارير عن أن بايدن «سيسعى لممارسة المزيد من الضغط على نتنياهو على أمل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار»، رغم أن بايدن يؤكد في كل مرة دعمه الراسخ لـ«إسرائيل».
وقال مسؤول أميركي كبير: «إن بايدن سيحاول معالجة بعض الثغرات الأخيرة المتبقية قبل التوصل إلى اتفاق، عندما يستقبل نتنياهو في البيت الأبيض». وعلى حد تعبيره فإن المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن محتجزين أصبحت في مراحلها الختامية ومن الممكن إبرام اتفاق.
إلا أن تقارير أخرى تحدثت عن مفارقة لافتة، ففي الوقت الذي يزعم به بايدن أنه «سيواصل العمل من أجل إنهاء الحرب في غزة»، وأنه يلتقي نتنياهو اليوم الخميس لبحث جهود التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة، أفادت وسائل إعلام العدو بأنّ سلاح البحرية في «الجيش» الإسرائيلي أقام مساء أمس الأربعاء مراسم استقبال سفينتي الإنزال الجديدتين الأميركيتي الصنع «ناحشون» و«كومميوت» في قاعدة سلاح البحرية في حيفا، بمشاركة «وزير الأمن» يوآف غالانت وقادة السلاح.
وحسب موقع قناة «كان» الإسرائيلية، سيتم تركيب منظومات قتالية إسرائيلية على السفينتين قبل أن تدخلا الخدمة العملياتية في مختلف الجبهات، وقال غالانت:«إن ضمان التفوق الإقليمي يستوجب زيادة وتنويع الوسائل والآليات التي بحوزتنا».
وفي سياق اللقاءات يلتقي نتنياهو أيضاً كامالا هاريس التي باتت مرشحة عن الحزب الديمقراطي للبيت الأبيض، وبررت هاريس غيابها عن الكونغرس أثناء خطاب نتنياهو بضرورة قيامها بتنقّل كان مقرراً من قبل، على الرغم من أنه كان يفترض وفق البروتوكول أن تترأس الجلسة.
وسيتوجه نتنياهو بعد ذلك إلى فلوريدا بدعوة من المرشح الجمهوري للبيت الأبيض دونالد ترامب الذي يرتبط به بعلاقة جيدة، بعدما شكر مطولاً الرئيس الجمهوري السابق خلال خطابه في الكونغرس.
ولقي نتنياهو تصفيقاً حاراً من الجمهوريين الذين وقفوا مراراً تأييداً له خلال إلقاء خطابه، بينما قاطعه أكثر من 60 ديمقراطياً بينهم الرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار