أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد

تشرين- هبا علي أحمد:
يزداد المستوى السياسي لدى كيان الاحتلال صلفاً وإجراماً في إطار العدوان المستمر على غزة، وبدا واضحاَ للعيان أن المفاوضات بين العدو والمقاومة الفلسطينية شُيّعت إلى مثواها الأخير أو يجب أن تُشيّع، فالعدو يخوضها من باب المماطلة، في الوقت ذاته يزداد الإجرام والقتل والجوع يفتك بالغزّيين، وما يتم في الميدان منفصل تماماً عن الأروقة السياسية ومنفصل تماماً عن الخفايا التي تتكشف تباعاً وتؤكد حجم التورط الأميركي في العدوان ومداه وتوضح أن وقفه ليس قريباً.
وبينما يتوافق الجميع على ضرورة إقامة دولة فلسطينية يستمر الكيان في رفض هذه المطالب، ومن المتوقع في هذا السياق أن يكون خطاب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في واشنطن الأسبوع المقبل مُحملاً بالإصرار على العدوان وتسويق إنجازات واهية لم ولن تتحقق، فيما يشهد المستوى السياسي انقساماً وتكتلاً ضد نتنياهو، في المقابل تواصل المقاومة الفلسطينية ومن خلفها جبهات الإسناد عملها المقاوم مع بقاء جبهة الشمال- جنوب لبنان مُشتعلة على مدار الساعة واليوم، ومحط تحليلات وتساؤلات إعلام العدو.

مقايضة ابتزازية
تتكشف تباعاً الخطط الأميركية لمرحلة ما بعد العدوان، ويبقى سؤال «اليوم التالي» محط بحث واستفسارات، إذ لا ترى واشنطن ذاك اليوم بمعزل عن وجود الكيان مع استبعاد حركة «حماس» من القطاع، لذلك فإن البحث يستمر عن تشكيل قوة عربية لـ«حفظ الأمن» في القطاع، فيما يبدو أنها مقايضة متفق عليها بين واشنطن والكيان، وللمرة الثانية في غضون شهرين وصلت رسائل إلى خمس دول عربية من الخارجية الأميركية تشير إلى تعيين خلية أزمة تتبع الخارجية وتسعى إلى عقد اجتماع تنسيقي وتشاوري له علاقة بتشكيل قوة عسكرية أمنية تتولى «حماية» الوضع الداخلي في غزة بالمرحلة المقبلة على أن يتم ذلك في أقرب فرصة ممكنة.

واشنطن تضغط على دول عربية للمشاركة بتشكيل قوة عربية لـ«حفظ الأمن» في القطاع فيما يبدو أنها مقايضة ابتزازية دبلوماسية متفق عليها

وكشفت مصادر سياسية أمس النقاب عن ضغوط كبيرة تمارسها حالياً الإدارة الأميركية على عدة دول عربية في هذا السياق لتغيير موقفها من ملف إرسال قوات عربية لـ«حفظ الأمن» في قطاع غزة بعد وقف العدوان والقتال العسكري، واستناداً إلى مصادر مطلعة على التفاصيل حددت المذكرة مهام تلك القوة المختارة بالحفاظ على الأمن الداخلي والإشراف على المعابر وحماية قوافل الإغاثة والمساعدات بعد وقف القتال وإطلاق النار.

وشملت المذكرة الجديدة نصاً مباشراً يتحدث عن تشكيل مهمة عمل أمنية وظيفتها حماية إدارة جديدة وخاصة لقطاع غزة تكنوقراطية بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، وتتحدث المذكرة أيضاً عما سمته استحالة البدء بمشروعات إعادة إعمار غزة وتحويل أموال لهذا الغرض من دون تشكيل حكومة انتقالية لا علاقة لها بالفصائل الفلسطينية وإدارة بعيدة تماماً عن حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي».
ولفتت المصادر إلى أن الجانب الأميركي يعدّ هذا الأمر جزءاً أساسياً ليس من إنقاذ الوضع الإنساني في غزة، بل من خطة عمل واستجابة مقررة ومدعومة تحاول الإجابة عن سؤال «اليوم التالي» في غزة، مشيرة إلى أن ما يرشح عن الأميركيين هو مقايضة ابتزازية دبلوماسية تضغط على الدول العربية الخمس، ومضمونها أن عدم تشكيل قوة خماسية أمنياً بديلة عن دعم أميركي لخطة مكتوبة تحت مسمى «الفترة اللازمة لتغيير الواقع في غزة» تقدم بها نتنياهو خلف الستائر، ويتحدث فيها عن احتياج أمني اسرائيلي للإشراف العسكري على غزة وليس احتلالها لفترة تمتد ما بين 3- 5 سنوات، كما يزعم الأميركيون.

بالتزامن مع الخطة الأميركية وضرب كل القرارات والقوانين الدولية والدعوات لضرورة إقامة دولة فلسطينية صوّت «الكنيست الإسرائيلي» أمس على قرار ضد إقامة دولة فلسطينية، يأتي ذلك قبل أيام من زيارة نتنياهو إلى واشنطن لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس واللقاء بالرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، ومن المحتمل أن يزعج هذا القرار الديمقراطيين الذين يشعرون بعدم الارتياح لدعم حكومة إسرائيلية تزداد رفضاً لـ«حل الدولتين».

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في أيار الماضي – بأغلبية 143 صوتاً ومعارضة 9 وامتناع 25 عن التصويت – قراراً يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب.

ورداً على الصلف الإسرائيلي، قالت الرئاسة الفلسطينية في بيان لها اليوم: لا سلام ولا أمن لأحد من دون قيام دولة فلسطينية وفق الشرعية الدولية، مضيفة: هذه القرارات تؤكد إصرار «إسرائيل» والائتلاف الحاكم فيها على دفع المنطقة بأسرها إلى الهاوية.

محادثات داخل الكيان لإنشاء تحالف سياسي يكون بمنزلة البديل لحكم حزب «الليكود» ونتنياهو

تحالف سياسي معارض لنتنياهو
في هذه الأثناء، كشف موقع قناة «كان» الإسرائيلية، أنّ رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفغيدور ليبرمان ورئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت، التقيا في مكان عام في «تل أبيب» لمحادثة سياسية قبل شهر تقريباً بهدف التوصل إلى تحالف سياسي يكون بمنزلة البديل لحكم حزب «الليكود» ونتنياهو، وعلى ما يبدو فإنّ ليبرمان مهتم بتحالف سياسي واسع لقادة أحزاب اليمين، الذين يعارضون نتنياهو ويسعون إلى تغيير الحكومة، ويطمح إلى جذب بينيت ليلتحق هو الآخر بالتشكيل المشترك الذي يرأسه ليبرمان بنفسه.
ولم تكشف الأطراف عن محادثات محددة حتى الآن أو نتائجها، حسب «كان»، لأنه لا يوجد موعد للانتخابات، لكنهم أوضحوا أن هذا النوع من المحادثات يستغرق وقتاً، ولهذا السبب فقد انطلقت منذ الآن، وحسب الموقع تم عقد اجتماع ثلاثي أيضاً شارك فيه إلى جانبهما رئيس حزب «يش عتيد» يائير لابيد.
في هذه الأثناء، كشفت صحيفة «هآرتس» أنّ ائتلاف نتنياهو متعنّت بشأن تحميل الجيش المسؤولية الكاملة عن أكبر كارثة في تاريخ «إسرائيل»، ويريد الالتفاف على تعيين لجنة تحقيق مستقلة، مشيرة إلى نتنياهو رفض الدعوات لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاق «إسرائيل» بصد هجوم الـ7 من تشرين الأول 2023، قائلة: من الواضح أنّ نتنياهو يتهرّب من لجنة مستقلة ليس هو من يعينها، لأنها لن تضمّ عناصر قد يحققون رغبته حتى يتمكّن من تحميل الجيش المسؤولية الكاملة.
وكشفت الصحيفة أنّ ائتلاف نتنياهو لم يستخلص الدروس بعد كلِ ما فعله بـ«المجتمع الإسرائيلي» منذ قيامه وحتى 7 تشرين الأول، بل إنّه يواصل التمسّك بمساره الإجرامي ويُلقي اللوم والمسؤولية على النظام القضائي ضمن حملة تحريض.. كل هذا إضافة إلى الاتهام الذي يوجّهونه إلى الجيش والاحتجاجات.
في السياق، أظهر استطلاع رأي صادر عن معهد «سياسات الشعب اليهودي» أنّ أغلبية الإسرائيليين لا يثقون بالقيادة العليا للجيش ولا الحكومة أو رئيسها ويؤيدون تسوية سياسية للتوتر في الجبهة الشمالية.

يوميات العدوان
يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، لليوم الـ286، مستهدفاً مختلف مناطق القطاع بالقصف الجوي والمدفعي، ما أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء والجرحى، وركّز الاحتلال قصفه خلال الساعات الماضية على وسط القطاع، حيث استهدف عدداً من المنازل السكنية، ففي مخيم البريج قصف الاحتلال منزلاً، ما أدى إلى ارتقاء شهيدين وإصابة أكثر من 7 أشخاص بينما فُقد 4 أطفال، واستهدف الاحتلال أيضاً شقةً سكنيةً في مخيم النصيرات، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات. كما استشهد فلسطيني وأُصيب آخرون من جراء استهداف الاحتلال مسجد عبد الله عزام في المخيم نفسه، كذلك استشهد 8 فلسطينيين، بينما أُصيب آخرون إثر استهداف الاحتلال منزلاً لعائلة أبو ركاب في بلدة الزوايدة.

لا سلام ولا أمن لأحد من دون قيام دولة فلسطينية وفق الشرعية الدولية.. واقتحام الأقصى تصعيد خطر ولعب بالنار

وفي مدينة دير البلح، قصفت الطائرات الإسرائيلية سيارةً مدنيةً في منطقة البركة، حيث تم انتشال أشلاء شهيدين وشخصين مصابين بجروح خطرة، ونسفت قوات الاحتلال أيضاً مباني سكنيةً جنوب غرب مدينة غزة.

إلى ذلك، اقتحم مستوطنون بقيادة وزير «الأمن القومي» إيتمار بن غفير المسجد الأقصى، وسط حراسةٍ مشدّدة من شرطة الاحتلال وحرس الحدود، بالتزامن شنت قوات الاحتلال حملة دهم واعتقالات واسعة في مناطق متفرقة في الضفة الغربية، وسط تصدّي المقاومين.
وقالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان لها: إن اقتحام المجرم والفاشي بن غفير باحات الأقصى تصعيد خطر ولعب بالنار، داعية إلى التحشيد الشعبي الواسع والدائم في المدينة المقدسة وخصوصاً داخل باحات المسجد الأقصى.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار