المشهد الأميركي- الانتخابي والسياسي- يتخذ مساراً تصاعدياً بعد محاولة اغتيال ترامب.. لماذا إقحام إيران؟.. بايدن يُمهد لانسحاب تكتيكي ويلمح إلى هاريس كـ«رئيسة رائعة»
تشرين- هبا علي أحمد:
تتخذ محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب مساراً تصاعدياً مع زج أطراف خارجية وكَيل الاتهامات، ومعها يتخذ السباق الرئاسي المسار ذاته، وبين المسارين فوضى واضطراب وغموض يلف المشهد الأميركيالمشهد الأميركي المرشح دائماً ليكون مُستجداً.
على أن محاولة توجيه أصابع الاتهام لإيران تأتي لحرف الأنظار عن الضعف والفشل الأمني والاستخباراتي، وعن الفوضى والاتهامات وكم التشكيك المرافق للحدث، ولترتيب المشهد الانتخابي- إن أمكن- تحت ستار محاولة الاغتيال كان لا بد من التوجه إلى خارج أميركا، كما أن اتهام إيران يأتي ضمن صراع القوى القائم وإحدى محاولات النيل منها في ظل فشل كل المحاولات الأخرى، وفي ظل كل هذه التطورات يضع الرئيس الأميركي جو بايدن سيناريو الانسحاب تكتيكياً بعدما كان مُتعنتاً.
محاولة توجيه أصابع الاتهام لإيران تأتي لحرف الأنظار عن الضعف والفشل الأمني والاستخباراتي وعن المشهد المضطرب بعد محاولة اغتيال ترامب
ترامب وإيران
داخلياً لم تتحدد بعد دوافع محاولة اغتيال ترامب، والثابت إلى الآن أنها دوافع شخصية.. هكذا يُقال في ظل مواصلة التحليلات والتفسيرات، مع عدم استبعاد أن تكون هناك محاولة أخرى يتم ربطها بإيران أيضاً، وكما ذكرنا سابقاً أنها لضرورات داخلية- انتخابية في مجملها، إذ لم يستبعد جهاز الاستخبارات الأميركي محاولات جديدة لاغتيال ترامب في الأسابيع المقبلة ربطاً بإيران، حسب ما ذكرت صحيفة «بوليتيكو».
وزعمت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أميركيين أن «الاستخبارات كثفت عملها في الأشهر الأخيرة، وأصبح المسؤولون أكثر اطلاعاً على نيات طهران، ففي الأسابيع المقبلة قد تكون هناك محاولات جديدة لاغتيال ترامب»، كما ادعت «بوليتيكو» أن «إيران فكرت لسنوات عديدة في خطة لتصفية الحسابات مع ترامب بعد اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في عام 2020».
ويشترك الإعلام الأميركي بهذه المزاعم والادعاءات متسائلاً: كيف نجح «كروكس» باختراق إجراءات مشددة على ترامب رغم مؤامرة إيران؟
وقالت شبكة «سي إن إن» الإخبارية ووسائل إعلام أخرى: «إن السلطات الأميركية تلقت معلومات من مصدر بشري بشأن خطة دبرتها طهران ضد الرئيس السابق، ما دفع جهاز الخدمة السرية، المسؤول عن حماية كبار الشخصيات السياسية الأميركية، قبل عدة أسابيع، إلى رفع مستوى إجراءات الحماية المفروضة على ترامب».
وتعليقاً على ما أوردته الصحافة الأميركية بشأن «الخطة الإيرانية» لاغتيال الرئيس السابق، قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون: «منذ سنوات تطلق إيران تهديدات ضد الإدارة السابقة لدونالد ترامب.. نحن نعتبر هذه مسألة أمن قومي وداخلي ذات أهمية قصوى» مضيفة: «التحقيق في محاولة الاغتيال التي استهدفت ترامب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا لم يحدد أي صلات بين مطلق النار وشركاء أو متآمرين محتملين، أجانب أو محليين».
اتهام طهران بمؤامرة ضد ترامب فكرة خبيثة عارية من الصحة وتحمل أهدافاً ونيات سياسية مغرضة
من ناحيته، قال المتحدث باسم جهاز الخدمة السرية، أنتوني غوغليلمي: إن الجهاز ووكالات أمنية أخرى تتلقى باستمرار معلومات حول تهديدات محتملة، وتتخذ خطوات لتكييف الموارد حسب الضرورة.
في ظل هذه المزاعم، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أنّ الاتهامات التي وجّهت إلى بلاده بشأن الضلوع في محاولة اغتيال دونالد ترامب، هي ادعاءات تحمل أهدافاً ونيات سياسية مغرضة، ونفى بشدّة تدخل طهران في ذلك الهجوم المسلح الأخير على ترامب، كما نفى نيّتها بذلك، مشدداً على أنّ طهران عازمة على المتابعة القضائية لتورط ترامب المباشر في جريمة اغتيال الشهيد قاسم سليماني.
في المقابل، قالت بعثة إيران في الأمم المتحدة مساء أمس الثلاثاء: إن اتهام طهران بمؤامرة ضد الرئيس الأميركي السابق فكرة خبيثة وعارية من الصحة.
ضعف أمني واستخباراتي
ويُمكن التوصل إلى نتيجة سريعة وبسيطة مفادها تضارب واضح في الرواية بين من ينسبها لإيران وبين من يقصرها على تهديدات من دون أن يحدد ماهيتها أو الجهة المرتبطة بها.
وبالعودة إلى كلام واتسون نشهد تناقضاً فاضحاًـ إذ قالت: إن تهديدات إيران تُرصد منذ سنوات لتعود وتقول: إن نتائج التحقيق لم تحدد أي صلات بين مطلق النار وشركاء أو متآمرين محتملين، أجانب أو محليين.. ومادام التحقيق الأولي توصل إلى هذه النتيجة فلماذا يتم إقحام إيران؟
والأكثر من ذلك أن الضعف الأمني والاستخباراتي في تأمين الحماية يدفع أيضاً إلى هذه المزاعم والاتهامات، خصوصاً في ظل الأحاديث التي تم تداولها غداة الحادثة وعلى لسان مواطنين أميركيين كانوا في التجمع الانتخابي وتحدثوا عن رؤيتهم شخصاً على سطح أحد الأبنية القريبة المجاورة لكن الأمن لم يكترث!
ويأتي نشر هذه المعلومات في وقت يتعرض فيه جهاز الخدمة السرية لانتقادات شديدة وتساؤلات تتعلق خصوصاً بالطريقة التي تمكّن فيها مطلق النار من الوصول إلى مكان قريب لهذه الدرجة من موقع الرئيس السابق.
ديمقراطيون في مجلس النواب يستعدون لتوقيع رسالة احتجاج على خطة لتسريع الموافقة الحزبية الرسمية على محاولة بايدن إعادة انتخابه
إمكانية الانسحاب
في أول خطاب سياسي منذ محاولة اغتيالمحاولة اغتيال منافسه الجمهوري دونالد ترامب، كشف بايدن عن السبب الوحيد الذي قد يدفعه للانسحاب من السباق الرئاسي، قائلاً خلال لقاء مع شبكة «BET نيوز»: الشيء الوحيد الذي يمكن أن يدفعني إلى الانسحاب من السباق الرئاسي لعام 2024، هو أن تظهر لدي حالة طبية ما، أو إذا قال لي أحد الأطباء إنني أعاني من مشكلة صحية ما، مضيفاً: أنا ارتكبت خطأً فادحاً في المناظرة بأكملها، لكن انظر، عندما ترشحت في البداية، ربما تتذكرون ذلك، قلت إنني سأكون مرشحاً انتقالياً، اعتقدت أنني سأكون قادراً على تمرير الأمر لشخص آخر، لكنني لم أتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد من الانقسام.
وجدد بايدن أيضاً تعهده بمواصلة السباق الرئاسي، لكنه أوضح خلال كلمته أن نائبته كامالا هاريس ليست نائبة رائعة فقط، بل يمكنها أن تكون أيضاً رئيسةً للولايات المتحدة.
وقبل ذلك، حذر النائب الديمقراطي آدم شيف، المانحين في اجتماع خاص، من تكبدِ حزبه خسائر كبيرة إذا ظل الرئيس جو بايدن في السباق الرئاسي.
يأتي ذلك بينما أفادت وكالة «رويترز» بأن 3 ديمقراطيين على الأقل في مجلس النواب الأميركي يستعدون لتوقيع رسالة احتجاج على خطة لتسريع الموافقة الحزبية الرسمية على محاولة الرئيس جو بايدن إعادة انتخابه كمرشح عن الحزب في الانتخابات الرئاسية.
وذكرت «رويترز» أن المشرعين الثلاثة هم سوزان وايلد، ومايك كوغلي، وجاريد هَفـمان، وهم من بين عدد متزايد من الديمقراطيين الذين يُبدون انزعاجهم من خطط عقد تصويت افتراضي حتى يصبح بايدن مرشحاً بأقرب وقت في 21 تموز الجاري، بدلاً من انتظار المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي سيُعقد في 19 – 22 آب المقبل في شيكاغو.
بالعموم إذا انسحب بايدن فعلاً فيُمكن القول: إن التصريح السابق تمهيد للانسحاب.. وانسحاب تكتيكي في الوقت عينه.