فن الخلود!!
حتى اليوم لم يتعب المشتغلون في السينما السوريّة– مخرجون، كُتّاب، ممثلون ومنتجون– من ترديد مقولة طالما شكلت لديهم غواية الترديد؛ وهي أن السينما فن الخلود، أو الفن الخالد، وحجتهم في هذه الغواية؛ إن الفيلم السينمائي ذاكرة بصرية وسجلاً فنيّاً لا يُمكن للمتلقي أن يملّ مشاهدته، بعكس الدراما التلفزيونية، حيثُ ينتهي مفعول المسلسل التلفزيوني مع عرض آخر حلقة منه.. ربما تكون هذه المقولة مُفيدة في قراءة الذاكرة السينمائية في العالم، لكن في العالم العربي؛ هل هي كذلك حقاً؟؟!
مئة سنة؛ أكثر أو أقل قليلاً مرّت على إنتاج أوّل فيلم سينمائي في الدولتين السّبّاقتين في الإنتاج السينمائي، وهما مصر وسورية – ثمة دول عربية حتى اليوم لم تنتج فيلماً سينمائياً حتى أيام قليلة– فما هي السينما الخالدة أو هذا الفن الذي سجّل ذاكرة بصرية لا تُمحى؟؟!
لا شك أن السينما في العالم العربي حققت حضوراً لافتاً لبعض الأفلام ولاسيما في مصر وفي سورية، لكن ليس من سجلٍّ خالد لهذا الإبداع، وأسباب ذلك كثيرة منها إن هذا الإبداع لم يصل لمستوى الصناعة، وبقي يدور في فلك “الدراما التلفزيونية” التي تاهت في الشفاهية أي الثرثرة على حساب الصورة.. الأفلام العربية الخالدة ربما هي طموح، لكن عند المتلقي أعتقد أن أمر هذا الوهم لم يعد يعنيه بشيء.
اللافت في الدراما السورية سواء في السينما أم في التلفزيون؛ إنّها قليلاً ما انتبهت لأهميّة المكان، ومن ثمّ غيبت أهم ملمح من ملامح هويّة هذا الإبداع ولولا اللهجة لضاعت هويّة العمل البصري، وهذا يُفترض من أهم غاياتها الذي يمنحها بُعداً بصرياً خالداً. في بعض الأعمال التركية على سبيل المثال؛ فإنّ عرض مشاهد الجسر المُعلق بين الجانبين الأسيوي والأوروبي التركيين أصبح لازمة في هذه الأعمال أو يأتي كتوقيع للعمل التركي إلى جانب لازمات أخرى مكانية.
تكرار مشاهدة عرض الفيلم السينمائي، يكون أحياناً لمشاهدة صورة ما.. غالباً مكان.. رغم أنّ البعض يعتبر المادة الفيلمية مادة ميتة، بعكس المسرح، فما بالك إذا غيّبنا أهم أركان وشروط خلودها؟!
مؤخراً أمسينا نرى أطيافاً لأمكنة، قرية (السمرا) أصبحت محجّاً سياحياً بعد مسلسل (ضيعة ضايعة)، فهل تنبه من يهمهم الأمر إلى هذا (الأمر)؟!
هامش:
مازلنا
على عادتنا المزمنة في الصبرِ
ننتظرُ مفاتيحَ الفرج؛
تماماً
كمن يرتجي
أن يُثمرَ الصفصافُ عنباً،
أو كمن
يأملُ بقطفِ التين
عن الحورِ..