مع فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية رئاسية جديدة مدتها ست سنوات، من المتوقع والمنتظر أن تبدأ البروباغندا الإعلامية الغربية الحديث عن التشكيك بصحة الانتخابات وعن عمليات تزوير، وهذا يندرج في سياق ما دأب عليه الغرب والولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بدول ترسم لها مكاناً عالمياً وتناهض هيمنة الاستعمار ونهب الثروات، كما أن واشنطن اعتادت في هذه الحال أن تأتي برئيس يكون أداة بين يديها لتحقيق أهدافها ولتبقى كل الدول ضعيفة أمام السطوة الأميركية، إلّا أن واقع الحال تبدّل اليوم في ظل عالم متحولٍ على كل الصعد حيث لا توجد دول متفردة فيه دون أخرى، فهو بات ساحة أكثر اتساعاً لأقطاب متعددة ومتكاملة وإن أخذ مساراً طويلاً ليتكرس، لكنه بدأ.
على العموم، فوز بوتين المتوقع حتى غربياً في أول انتخابات تشهدها روسيا بعد الحرب الأوكرانية، هو هزيمة معنوية للغرب الأطلسي الذي دخل في سباق محموم من التشكيك بنزاهة الانتخابات وغيرها من المزاعم، إذ لم يعد ذاك الغرب يحتمل المزيد من الهزائم في الوقت الذي لا تزال فيه أوكرانيا مشتعلة وتحمل في طياتها الكثير من الإذلال للغرب وصناعته العسكرية مقابل الصناعة العسكرية الروسية، ولا سيما أن زيلينسكي لم يَعد ورقة رابحة ولا ورقة ضغط فاعلة أو مؤثرة يمكن التعويل عليها بعد سنتين من حرب أدت إلى صفر نتائج غربية، بل تمتلك روسيا كل أوراق القوة والحاضنة الشعبية أيضاً، فنسبة التصويت في هذه الانتخابات سجلت رقماً قياسياً في تاريخ روسيا الحديث، واللافت أيضاً – وهنا ضربة لضفتي الأطلسي – أن المناطق التي انضمت إلى روسيا خلال الحرب «زاباروجيا، خيرسون، لوغانسك ودونيتسك» شهدت نسبة مشاركة مرتفعة، إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي تتزامن الانتخابات مع الذكرى العاشرة لعودتها إلى روسيا.
ما بعد الانتخابات كما قبله تماماً بالنسبة للعلاقة والمواجهة في آنٍ بين روسيا والغرب، وسيرسم التصعيد مشهداً لافتاً، إذ من المستبعد أن يقرّ الغرب بمعطيات الميدان، بل من المتوقع أن تشهد المواجهة غير المباشرة، إن أمكن القول، توسيعاً في الميدان والسياسة والاقتصاد والدبلوماسية إلى جانب موضوع العقوبات التي ستزداد على روسيا بالضرورة، رغم أن روسيا تحوّلت إلى أكثر بلد تعرض للعقوبات على وجه الأرض، على حد تعبير شبكة «سي إن إن» الأميركية.
هبا علي أحمد
325 المشاركات