تقوّضها المخالفات…!
لا يزال موضوع الخبز وتأمين مستلزماته، ولاسيما في ظل الظروف العصيبة التي عاشتها بلدنا خلال السنوات الأخيرة المنصرمة، وظروف الحصار الاقتصادي الخانق، الهاجس الأكبر الذي وضع الجهات المعنية أمام تحديات كبيرة لجهة تأمين مستلزمات المادة من قمح ودقيق ومازوت لزوم تشغيل الأفران، وبالتالي إنتاج الخبز وضمان إيصاله المستهلك بنوعية مقبولة، وها هي الاجتماعات تُعقد لهذه الغاية.
لكن كل الجهود التي بُذلت وتُبذل للوصول إلى الهدف الأساسي، وهو تأمين مادة الخبز، كانت ولا تزال تقوّضها المخالفات، إن كان لجهة تراجع نوعية المنتج لدى بعض الأفران، أو الازدحامات التي كانت ولا تزال على الأفران، هذه الازدحامات التي كان للبائعين على أبواب الأفران الدور الأكبر في معظمها، ولا سيما أن البعض هيّأ لهم ذلك عن طريق تسليمه بطاقاته لهم والاكتفاء بأخذ حاجته فقط، بينما ترك لهم حرية التصرف ببقية المخصصات و”الاسترزاق” منها.
هذه المعضلة كان قد حلّ جزء منها في اعتماد البيع عن طريق المعتمدين في الأحياء والمناطق، لكن حتى هؤلاء المعتمدين لم تنته مشكلات بعضهم، حيث إنهم أحياناً يقعون في مشكلة إحجام المواطن عن استلام مخصصاته، إما لكفاية أو لتدني الجودة بسبب التكديس و النقل.. وفي أحيان أخرى يتسببون في انقطاع الموطنين من المادة أو إعطائهم مخصصاتهم منقوصة، بحجج مختلفة طمعاً في المتاجرة بالمادة كعلف أو غيره، وليس خافياً أنّ البعض منهم يتحكّم في السعر بذريعة ارتفاع أجور النقل وغيرها من مبررات والمواطن مضطر.
في العام الفائت نُظم 900 ضبط في حق معتمدين في ريف دمشق لوحدها بمخالفات متنوعة، وهذا الرقم ليس بقليل في محافظة لا تزال الكثير من مدنها ومناطقها تعتمد البيع من الأفران، فكيف الحال بالنسبة إلى القرى والأرياف التي لا يوجد فيها أفران؟ وكم من المخالفات الأخرى لبعض الأفران، إن كان لسوء صناعة الرغيف أو البيع خارج البطاقة، والمتاجرة بالدقيق.
للأسف ما يُبذل من جهود لتأمين الخبز، وما يكلف خزينة الدولة من أموال طائلة لاستيراد القمح والدقيق وغيرهما من المستلزمات، تنسفه تصرفات البعض ومخالفاتهم، وربما تحمكّهم بالسعر، ما يتطلب ربما الاعتماد على آليات مختلفة في التعاطي مع الموضوع، فمخالفة هنا وغيرها في مكان آخر، تتسبب في الكثير من الهدر وتبعثر، بل تضيع كل الجهود والمبالغ الطائلة التي رُصدت لهذه الغاية، ما يستدعي إعادة النظر بالموضوع والتوقف عنده مليّاً.