هيثم صالح
العالم الحر، والعالم المتحضر، والديمقراطيات الغربية، والمجتمع الدولي، وغيرها وغيرها كلها مصطلحات أضحت لازمة يتشدق بها الغرب صباحاً ومساء منذ عقود من الزمن بهدف التضليل والتعمية عن الحقيقة، لشعوبهم أولاً، ولشعوب العالم ثانياً.
كل حروبهم خاضوها تحت لافتة الديمقراطية والحرية وكل مؤتمراتهم عقدوها لرفع الظلم عن الآخرين وكل أموالهم صرفوها لرد المعتدي، ولكن أي معتد؟.
المعتدي برأيهم من لا يسير في ركابهم ولا يسمح لهم باستباحة أرضه وسيادته وانتهاك حرمة قراره ولا ينفذ إملاءاتهم.
هكذا فعلوا مع روسيا والصين وإيران وفنزويلا، وقبلها العراق وكوريا الديمقراطية، والقائمة تطول ويصعب إحصاؤها.
لم يقولوا مرة لأحد ممن لا يسيرون وفق إرادتهم إنه على حق وله الحق في الدفاع عن نفسه وأمنه وحريته.
من يطلق على نفسه العالم الحر والديمقراطيات الغربية وينفيها عن الآخرين هم أنفسهم الدول الغربية وسيدتهم الولايات المتحدة الأمريكية الذين أماط اللثام عن وجوههم القبيحة، وعرَّى أكاذيبهم وأسقط ورقة التوت الأخيرة عن عوراتهم «طوفان الأقصى » وما تبعه من إجرام وحقد صهيوني فاق مستوى الجنون في استهداف الأبرياء من نساء ورجال وشيوخ وأطفال في قطاع غزة.
جميع هؤلاء الديمقراطيين الأحرار المتحضرين لم يروا إجرام العدو الصهيوني خلال أكثر من 70 عاماً، ولم يمنحوا الفلسطينيين الذين سلب منهم كل شيء حتى الحياة حق الدفاع عن النفس، ولم نسمع أحدا منهم يطالب بوقف ترويعهم.
عندما حاول الفلسطينيون الانتصار لأنفسهم في عملية «طوفان الأقصى » بدأ كل هؤلاء بالنعيق بأن الكيان الصهيوني له الحق في الدفاع عن نفسه بل جعلوا من «تل أبيب » محجة يؤمون وجوههم إليها للتعبير عن التضامن والمساعدة والمساندة بعد أن سبقتهم وسائل قتلهم ودمارهم إليه .
كل ما فعلوه شيء وقصف مستشفى المعمداني وقتل مئات المرضى واللاجئين والطواقم الطبية والسير وراء الرواية الإسرائيلية الكاذبة شيء آخر.
عندما قالت إسرائيل زوراً وبهتانا: «إن المقاومة الوطنية الفلسطينية قتلت النساء والأطفال في المستوطنات الصهيونية صدقوها جميعاً» وتبنوا روايتها ليس لأنهم لا يعلمون الحقيقة بل لأنهم مخادعون لا يريدون قول الحقيقة وبالمقابل عندما قصفت «إسرائيل » المستشفى المعمداني وظهرت جثث الأطفال والرجال والنساء والطواقم الطبية سكتوا وخرسوا بل إنهم تبنوا روايتها وهم يعلمون الحقيقة أيضاً .
على الغرب وسيدهم الأمريكي التوقف عن الحديث عن المبادئ والقيم وحقوق الإنسان منذ هذه اللحظة لأن مبادئهم غدت ميتة ودماء وأشلاء أطفال غزة ونسائها وشيوخها منحتها شهادة وفاة دامغة