بعيون شباب سوري قادر على التغيير… ملتقى الشباب السوري ينهي جلسته الختامية برؤى وتطلّعات عصرية تنموية
تشرين- بارعة جمعة:
تميز شبابي، إرث حضاري، سياحة مستقبلية، شباب مُبادر وقادة مجتمع مؤثرون، تنمية مُستدامة، عناوين عريضة بُنِيت عليها فكرة ملتقى الشباب السوري للإبداع والتميز، الذي أقيم لمدة أسبوع وفي أربع محافظات هي حماة، اللاذقية،طرطوس، ودمشق، في فندق الشيراتون بدمشق، برعاية وزارتي السياحة والثقافة وهيئة التميز والإبداع.
اليوم، وبعد التأجيل المتكرر للملتقى بسبب الزلزال، لجعل الفرصة سانحة لأبناء المحافظات المُتضررة للمشاركة به، اختتم الملتقى جلساته بالتأكيد على أنه ليس ملتقى بفندق بل تنمية مُستدامة مستمدة من عبق التاريخ السوري، ضمن رسالة مفادها… أننا كنا ذات يوم.. وغداً سنكون.. وكل يوم مع هذا الشباب.
بُعد تنموي
السياحة لا تُقاس بعدد الأسرّة الفندقية ولا بعدد نجوم تصنيف المُنشأة السياحية، لكن بالتأثير، والترويج ليس بروشوراً أو إعلاناً، بل أشخاص مؤثرون عبر السوشيال ميديا، من هنا انطلق الشباب السوري المُشارك بالملتقى والذي وصل حد الـ 350 مشاركاً، منهم 50 مشاركاً تمت مناقشة اقتراحاتهم مع الجهات الراعية للملتقى.
السياحة لا تُقاس بعدد الأسرًة الفندقية ولا بعدد نجوم تصنيف المُنشأة السياحية، لكن بالتأثير
إطلاق تطبيق خاص مرتبط بنظام التطوع، عبر نقاط يتم تجميعها للحصول على ميزات إضافية ضمن الجولات السياحية، ومن ثم ربطه بعملية إعادة تدوير الطعام للحفاظ على نظافة سورية كانت أبرز اقتراحات المشاركين، إلى جانب دعم الحرف اليدوية والتراثية المنتشرة بكل المحافظات السورية، الحاملة للهوية الحضارية لها، تضاف لذلك مجموعة اقتراحات وتوصيات لطرق تسويقها وتطوير خطط العلاقات العامة في سورية، خاصة فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي.
أجيال واعدة
الملفت للنظر ضمن هذه المناقشات هو اكتشاف جيل يستثمر التكنولوجيا لأغراض المنفعة، وهو أمر جيد وفق رؤية وزير الإعلام الدكتور بطرس الحلاق، الذي وصف حال المجتمع بالضحية أمام سيل السوشيال ميديا، التي مثلت إعاقة واضحة للإعلام برأيه، لكونها تفتك بالرأي العام وبطرق غير سليمة، فالصفحات غير الرسمية ليست وسائل إعلام برأي الوزير الحلاق، وعندما تُستخدم بطرق غير صحيحة تُعيق رسائل الأسرة لأبنائها كما هو حال رسائل الحكومة لشعبها، إلا أنه ورغم كل ذلك، ما يُطمئن اليوم هو وجود شباب يستثمر هذه التكنولوجيا بطريقة صحيحة، عكس نظرائهم ممن عُرفوا بتسميات عدة (كاليوتيوبرز والبلوغرز) ممن عدهم الوزير بطرس الحلاق أشخاصاً مؤثرين فقط وبنشاط فردي عامودي وله سلبيات كثيرة، لأن الفرد مهما اتسع أفقه يبقى تأثيره محدوداً، نافياً عنهم بالوقت ذاته صفة الإعلام الذي هو حالة مؤسساتية يحمل الإعلامي عبره رسالة الجهة التي يعمل بها وهي اجتماعية تتفق مع البعض وتختلف مع آخرين، فيما يلتقيان بنقطة مشتركة وهي الاتصال.
الوزير الحلاق: الملفت للنظر ضمن هذه المناقشات هو اكتشاف جيل يستثمر التكنولوجيا لأغراض المنفعة، وهو أمر جيد … عكس نظرائهم ممن عُرفوا بتسميات عدة (كاليوتيوبرز والبلوغرز) ..
طبيعة التقنية الجديدة تسمح للأفراد بالتأثير، وهم يملكون شريحة محددة بصفات مُتقاربة تقريباً، وهنا يظهر ذكاء الفرد بتصدير عمله بطريقة وصفها حلاق بالبراغماتية، فيما يبقى الإعلامي مؤتمناً على المجتمع، وهنا لا بد من الإشارة وفق توصيف الوزير الحلاق إلى وجود بعض الشباب ممن حولوا تحدي السوشيال ميديا إلى فرص تسويقية تعود بالنفع على المؤسسات، فيما يبقى للتدريب الإعلامي برأيه دوره في تنمية قدرة الطالب على إيصال فكرته للآخرين التي تعد مهارة يجب تنميتها منذ الصغر، عبر مناهج تربوية تبدأ من المدارس وتنتهي بالجامعات.
فكر نير
“ليس نمط التفكير فقط عصرياً، بل حتى صياغة البيان الختامي تثبت سلامة اللغة والتفكير”، بهذه الكلمات خاطبت وزيرة الثقافة لبانة مشوح جمهور الملتقى، مؤكدة أهمية التحول الرقمي الذي برز بقوة ضمن خطابهم ومطالبهم واقتراحاتهم للتطوير، سواءً بالترويج أو التعامل مع الأوابد الأثرية التي هي صلب عمل وزارة الثقافة، والتي يتم ترويجها عبر وزارة السياحة للوصول إلى أكبر شريحة دعماً للاقتصاد الوطني، بصفته سياسة حكومية.
الوزيرة مشوح: «ليس نمط التفكير فقط عصري، بل حتى صياغة البيان الختامي يثبت سلامة اللغة والتفكير .. فالثقافة لا تأتي من وزارة الثقافة أو التربية أو الإعلام، بل من شباب متنور بفكر مستنير»
عملنا هو الحفاظ على التراث، المكون الأساسي للهوية الحضارية، تأكيدات قدمتها الدكتورة مشوح حول المسؤولية الكبيرة المُلقاة على عاتق الوزارة لنقله للأجيال القادمة، فالمسؤولية ليست آنية فقط، بل مستقبلية، ومن الضروري نقل الحكاية المتحفية بوسائل وتقنيات حديثة، وهو ما تسعى إليه الوزارة وفق مشوح، على الرغم من ارتفاع تكلفته وتكلفة أدواته إلا أنه مشروع وطني مُدرج على جدول أعمال الوزارة.
في العرض المتحفي لا يمكن عرض أي شيء، وكل كلمة يجب أن تكون مُوثقة، إلا أننا نجد البعض يذهب إلى ما وراء الحدث ويبحث بالعمق الحضاري، وهو ما يثبت أن الآثار برأي الدكتورة لبانة مشوح ليست حجارة فقط، بل حكايات ضمن بيئة اجتماعية، ولا بد من تحفيز مخيلة السائح بتقديم المنتج له بكل ما هو أجمل، عبر قيام أنشطة ضمن الأماكن الأثرية تجمع بين التراث المادي واللامادي لتشويقه كي يعيش التجربة مرة أخرى.
وفي معرض حديثها عن الحرف التراثية أوضحت مشوح الفرق بين التراث والموروث، الذي لا بد من تأكيده بعدم احتكار المهن التراثية من قبل أصحابها، فالثقافة لا تأتي من وزارة الثقافة أو التربية أو الإعلام، بل من شباب متنور بفكر مستنير.
الوزير مارديني: الملتقى الشبابي بالدليل على وجود شباب واعي بمثابة منتج سياحي قادر على تقديم مقترحات ومعالجة قضايا… فالتشاركية والتفكير خارج الصندوق ضرورة تربوية عصرية
خارج الصندوق
الشباب هم نموذج النشاط والعمل، فيما نجد البعض منهم يتنمر عبر صفحات التواصل الاجتماعي، متناسياً ما قدمته سورية لهم من تعليم مجاني، رسالة تربوية قدمها وزير التربية محمد عامر مارديني، واصفاً الملتقى الشبابي بالدليل على وجود شباب واع بمثابة منتج سياحي قادر على تقديم مقترحات ومعالجة قضايا وهو أمر مهم لجهة الوزارة، فالتشاركية والتفكير خارج الصندوق ضرورة تربوية عصرية برأي الوزير مارديني، لمواجهة التحول الرقمي بصفتنا وسيلة لنقل هذه الثقافات لأهلنا وللمحيط، فالتفكير بالقادم والخطوة التالية ضمن برنامج زمني هو الأهم، وإلا ستكون الفعالية شكلية فقط.
الانتقال الرقمي عبر الفضاء الإلكتروني مهم برأي معاون وزير السياحة نضال ماشفج، عبر تطبيقات للوزارة منها تطبيق 963 الذي يحوي الكثير من الطروحات المُقدمة من الطلبة للتطوير، وذلك لأخذ الجدوى الاقتصادية منه عبر عرض المنتجات والنشاطات بأنواعها، وربطه مع جهات حكومية مثل وزارات الإعلام والثقافة والتربية، فالتحول الرقمي برأي ماشفج مشروع حكومي ولن يبقى بموضوع الترويج، بل حياة يومية كمواطنين وحكومة.
من الواضح وجود طلب معين على اختصاصات معينة، من الممكن افتتاحها مستقبلاً كالطيران والروبوتك، هذا ما وعدت به رئيسة هيئة التميز والإبداع هلا الدقاق ضمن الملتقى، فالمهارة ليست محصورة بشيء معين بل مرتبطة بالعنصر التكنولوجي والتقني، وهنا يبرز التحدي الأكبر أمام التعليم المهني لإدخال هذه العناصر وتكملته برأي الدقاق، مشجعةً بالوقت ذاته على إدخال مفهوم ريادة الأعمال للمناهج وعدم احتكار الفكرة بشخص واحد.