مجهولة المنشأ ودون فاتورة والكل يبيع على هواه.. فوضى أسعار تجتاح أسواق الكهرباء وأصابع الاتهام تتوجه إلى سعر الصرف
تشرين- حسام قرباش:
ما من شك؛ تشكل اليوم الكهرباء عصب الحياة و لعل أسواق الأدوات الكهربائية أكثر من يتعرض لعواصف الأسعار المرتفعة والتي لا تكاد تهدأ حتى ترتفع مرة تلو أخرى بلا رقيب أو حسيب خاصة بعد رفع أسعار المحروقات والكهرباء، ما جعل المواطن يضطر أن يغوص في هذه السوق واصفاً الأسعار بالنار من أصغر قطعة لأكبر قطعة فيه.
وبجولة استطلاعية لـ”تشرين” على سوق الكهرباء بدمشق، هناك فوضى عارمة بالأسعار والكل يبيع على ليلاه دون سعر موحد لنفس القطعة ونفس المصدر والتاجر يشكي سعر الصرف ويكاد المواطن يبكي لما يجده من فوارق سعرية لا يستطيع تحملها رغم اضطراره إلى شراء القطعة، فأقل مثال سجلت أسعار البطاريات العادية 7 آمبير سعر 285 ألف ليرة صعوداً لبطارية 150 آمبير بسعر 2 مليون ليرة، حتى اللمبات موفرة الطاقة سعر أصغرها 7 آلاف ليرة وأكبرها بسعر 100 ألف ليرة وأكثر.
الحال من بعضه
رئيس الجمعية الحرفية للأدوات الكهربائية والإلكترونية هيثم حوراني بين لـ “تشرين” أن سوق الكهرباء ليس أفضل من بقية الأسواق وارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء الصناعية والتجارية وعلى الأخص سعر الصرف لم يبقِ ثمن أي سلعة على حالها، وما يجعل الأسعار كاوية كما يصفها المواطن هو تغير سعر الصرف الذي يلعب الدور الرئيس بتسعير المواد الكهربائية لأن المواد الأولية الداخلة في تصنيعها سواء بمعامل الملفات أو الكابلات سواء نحاس أو ألمنيوم أو حبيبات كلها مستوردة بالقطع الأجنبي.
و أضاف: سعر النحاس الداخل بصناعة الأسلاك عالمي وبتغيره يتغير السعر وكذلك المواد البلاستيكية والألمنيوم التي تتغير أسعارها من وقت لآخر بشكل متقارب و لهذا يضطر التاجر لرفع الأسعار لأن أغلبها مستورد.
وأكد أن كل شيء متوافر من القطع الكهربائية وإن لم توجد القطع الأصلية فالبدائل متوافرة، وفقدان القطع كبعض الدارات الإلكترونية مثلاً يعود للتجار الذين توقف استيرادهم لهذه القطع لعدم توافر القطع الأجنبي أو لارتفاع الأسعار عالمياً وإلا فالمواد متوافرة في بلد المنشأ ونحن مستعدون لإرسال أي طلبية.
شكوى متبادلة
يشكو المواطن من كثرة أعطال أدواته الكهربائية المنزلية بسبب الكهرباء الترددية و بالتالي من ارتفاع أجرة تصليح هذه الأدوات حتى لتكاد تصل أجرة التصليح لنصف ثمن القطعة كالمروحة والبراد والغسالة والطباخات الليزرية وهنا يبرر حوراني ذلك بأن الحرفي تتعلق أجرته بمواكبة الحدث في رفع أسعار جميع السلع ما يضطره لرفع أجرته كي يعيش وهو نفسه يعاني ما يعانيه المواطن، مبيناً أن قطع الصيانة غالية يتحمل ثمنها المستهلك والحرفي لا علاقة له بذلك.
و أشار إلى أن 99٪ من استيرادنا للقطع والأجهزة يأتي من الصين و دول جنوب آسيا لأن البضاعة الأوروبية الأصلية محظورة علينا ولهذا تزيد أجور الشحن كثيراً فارتفاع ثمن الحاويات يبدأ من عندهم تبعاً للعرض والطلب.
و لفت إلى أن المنشآت الحرفية بهذا المجال تعمل بشكل اعتيادي نشط ولم تغلق أي منشأة ومستمرة في عملها رغم كل هذا الغليان الحاصل في الأسعار لمواكبتها حال السوق المتبدل بأسعاره ولدينا مئات المنشآت في دمشق ومنح الشهادات الحرفية في الجمعية لم يتوقف.
واقع سيئ ومخالفات
في السياق ذاته يرى أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة في تصريحه لـ”تشرين” أن أسعار المحروقات ليس لها انعكاس على أسعار الأدوات الكهربائية إنما تبدلات سعر الصرف وارتفاع التكاليف المالية من ضرائب وجمارك على التجار هو من أرخى ظله الثقيل على كل السلع وجعل البعض يطرح أجهزة في الأسواق مجهولة المنشأ ودون فاتورة ولم تعد الشركات كالسابق تمنح فترات ضمان أو كفالة للأجهزة بل تخلت عنها لعدم وجود قطع صيانة تبديلية وعدم توافر نفقات الاستيراد وكذلك اللجوء للتهريب لأنه أنسب لهم حتى ولو كانت رديئة وبيعها على مبدأ “من هون لبردى” وهذه القاعدة متداولة بسوق الكهرباء لكن حماية المستهلك لا تؤمن بها والمفترض وجود كفالة نظامية مع التجريب والسماح بإعادتها بعد ثلاثة أيام في حال وجود عطل تقني بماهية المادة لا سوء استخدام بسبب الكهرباء.
و أقرَّ بوجود ارتفاع أسعار لكل ما له علاقة بالقطع الكهربائية والإلكترونية بسبب سعر الصرف والنفقات الضريبية ورفع سعر الكهرباء مطالباً بتخفيض الضرائب من وزارة المالية والأرباح من التجار كي تناسب الأسعار المواطن وإن كان ذلك بعيداً لوجود فجوة ما بين دخل المواطن والواقع المعاش كما ذكر.
و يؤكد حبزة أن الإقبال على الأجهزة الكهربائية قليل جداً لسوء الواقع الكهربائي، فالمكيف والمروحة لم يعد لهما فائدة في ظل انعدام الكهرباء و لهذا يلجأ البعض للتهريب لرخص ثمنه، لافتاً إلى وجود مخالفات خلال جولاتهم بالسوق كعدم توافر بطاقة منشأ أو بيان تعريف أو معلومات فنية لطريقة التشغيل و ورشات صيانة مجانية.
ونوَّه بوجود أنواع رديئة بإنتاج محلي نتيجة الخبرات الفنية غير الكافية التي تنتج قطعاً سريعة الأعطال كالسخانات والمراوح على البطارية و حتى هناك استيراد لمراوح غير عملية رديئة الصنع جداً.
الغش واضح
أما فيما يتعلق بألواح الطاقة الشمسية فوصفه بالخطير جداً لتسببه ببعض الحوادث لعدم وجود كفاءة فنية للتركيب ونوعيات متدنية للألواح المستوردة.
و تابع: طالبنا كحماية للمستهلك بوجود فحص فني دقيق بإشراف لجنة متخصصة دون مقابل حيث كان هناك شركة فنية لفحص الألواح و تأخذ مبالغ يدفعها المستهلك، مطالباً بجهة فنية حكومية تتولى ذلك قبل دخول الألواح البلد أسوة بالجمارك التي تفحص البضائع من أي إشعاع ذري أو مخالفات معينة وفي حال مخالفتها للشروط الفنية يطلب من هيئة المواصفات والمقاييس إجراء دراسة دقيقة للمنتج لأنه حديث وإنتاجه لم تجر له دراسة وافية لتأخذ مواصفة مقبولة وعدم دخول ما هو مخالف.
وأضاف: تظهر المشاهدات لألواح الطاقة عدم وجود مواصفات لها وتركيبها سيئ يجعل انقطاع الكهرباء و وصلها يتزامن أحياناً فلا يحدث فصل الطاقة الشمسية عن الكهربائية فيولد انفجارات خطيرة وإشكالات عديدة.
و كشف عن غش الكابلات في ظل ارتفاع سعر النحاس باستبداله بالألمنيوم والعازلية المنخفضة حتى إن مآخذ الكهرباء (الفيش ) تغش بالحديد بدل النحاس ولهذا ناقليتها منخفضة وترتفع فيها الحرارة فتذوب وتسبب الحرائق فكل ذلك يؤثر على المستهلك وفيه خطورة عالية.
ولفت إلى أن إنتاج القطاع الصناعي الحكومي للكابلات جيد لكن الأسعار مرتفعة وخلال الشهر الفائت ارتفعت أسعار الكابلات ومستلزمات الكهرباء 100٪ .
و بيَّن أن الأدوات الإلكترونية فعلاً أجرة إصلاحها وتكلفتها عالية لأنها مبهمة للمواطن لعدم خبرته بالمجال فيصير لديه غبن واستغلال، خاتماً بأن الخطير جداً في غش بعض المحلات استبدال القطع الأصلية وتركيب قطع غير أصلية ما يجعل الإصلاح غير مجدٍ و بالتالي يضطرالمواطن لإعادة الإصلاح عدة مرات وبالنهاية يتخلص من القطعة نهائياً.
معاناة
الحرفي محمد ياسين يعمل في مجال الكهرباء أوضح أن الجميع يعاني من ارتفاع الأسعار كالكابلات التي سعرها أقل من جودتها لأن التجار لم تعد تورِّد نوعيات جيدة بهدف الربح.
و أثنى على منتجات الشركة العامة لصناعة الكابلات في حوش بلاس لجودتها مع أن سعرها مرتفع جداً عند التاجر لعدم وجود بيع من الشركة للمستهلك مباشرة، و تابع بأنه اشترى لفة أسلاك 6 مم طول 100 متر كل متر بسعر 25 ألف ليرة ومتر كبل بطارية 35 مم بسعر 45 ألف ليرة، مؤكداً أن الأسعار غير ثابتة تتعلق بالنوعية و الجودة، فألواح الطاقة الشمسية أقلها اليوم يكلف 2,5 مليون ليرة باستطاعة 600 واط، و لو فكر المواطن ذو الدخل المحدود بتركيب منظومة طاقة شمسية (إنفيرتر مع بطارية مع اللوح) لتشغيل إضاءة ليدات و شاحن فقط في بيته فستكلفه بحدود 10 ملايين ليرة وهذا ما لا يقدر عليه في ظل ضعف القدرة الشرائية عند الأكثرية.
حماية المستهلك
مدير حماية المستهلك في دمشق محمد خير البردان أوضح لـ “تشرين” أن كل ماركة في السوق معروف من يستوردها ويدخلها البلد حتى ولو كانت بلا بطاقة تعريف مركزاً على ضرورة أن يكون للحائز فاتورة شراء بالمادة محدد عليها سعر الجملة وسعر المستهلك ودوريات حماية المستهلك تطلب فاتورة المادة وتتحقق من صحة السعر.
و نوه بأن الدوريات موجودة بكل أسواق دمشق من ضمنها سوق الكهرباء وتم تقسيمها على قطاعات و موزعة على فترات صباحية ومسائية تقوم بتنظيم الضبوط بمعدل وسطي من 50 إلى 60 ضبطاً كل يوم وبعضها يحول للقضاء وفق قانون 8 لحماية المستهلك وبعضها تجري تسويته مؤكداً أن أغلب الضبوط عليها إغلاق محلات، و جرى إغلاق محلات بسوق الكهرباء لثلاثة أيام لعدم إبراز فاتورة.
وطلب من المستهلك عند الشعور بأي غبن أو ارتفاع بسعر القطعة وأجرة التصليح وعدم اتفاق المستهلك مع البائع الشكوى لمديرية حماية المستهلك لمعالجة الموضوع فوراً، مؤكداً ألا استثناء لأي سوق من حملات المتابعة والمراقبة لحماية المستهلك في قمع أي مخالفة موجودة.