ارتفاع الأسعار وسعر الصرف نتيجة وليس سبباً؟!

دار حوار اقتصادي بين مجموعة من الاقتصاديين وتركز حول هل فوضى الأسواق بما فيها سعر الصرف التي نشهدها حالياً سبب أم نتيجة !، أم تداخلت الأسباب مع النتائج والعلة مع المعلول!، وهل سعر الصرف هو كسعر أي سلعة أخرى تتوقف على ( العرض الكلي والطلب الإجمالي )؟ ، وهو بالمفهوم الاقتصادي سعر ( عملة مقابل عملة أخرى ) مثل ( سعر الدولار بالليرة السورية)، وبالتالي فإنّ القوة الشرائية لليرة السورية تؤثر على سعر الصرف والعكس صحيح، ولكن تتولد قوة ليرتنا من إنتاجنا، وقوة إنتاجنا تتحدد من الاستغلال الأمثل لمواردنا المتاحة وتحويل الموارد الكامنة إلى متاحة والمزايا النسبية إلى تنافسية، وطريقنا لذلك هو تحسين كفاءة عناصر الإنتاج الأربعة وهي (أرض وعمالة ورأس المال والمنظومة الإدارية) ، وبالتالي التوجه لتحقيق انسجام بين هذه العناصر الأربعة، وكلما زاد التوليف بينها زاد الإنتاج من السلع والخدمات، وهذا يعني تلبية الاحتياجات المحلية من الاستهلاك النهائي والوسيط وزيادة الدخل ومعدل النمو الاقتصادي وقيمة الناتج المحلي الإجمالي والتأقلم الإيجابي مع الاقتصاد العالمي …إلخ، ومن جهة أخرى تمكنا من زيادة التصدير و تأمين المزيد من القطع الأجنبي ما يساعدنا في زيادة قوة التدخل في السوق النقدية، وهذا اعتمدته الصين منذ لحظة إعلان برنامجها الاقتصادي الإصلاحي سنة /1978/ ، ورفعت شعاراً لها من كلمتين وهما زيادة (الكفاءة الإنتاجية) أي الوصول إلى الحد الأعلى من المنتجات مقابل استخدام عوامل إنتاج محددة، وهذا يتطلب  زيادة الإنتاجية الصناعية والمردودية الزراعية وكفاءة الخدمات المقدمة، ويحدد لنا أن المنظومة الإنتاجية والخدمية يجب أن تقدم أجوبة دقيقة لأسئلة خمسة /5/ محددة هي أشبه بالسهل الممتنع وهي: ماذا ننتج ومتى وكيف وأين ولمن؟، وأن يتم هذا بتوافر ثلاثة شروط وهي: أحسن جودة وأقل تكلفة وأسرع وقت، عندها يتحقق لنا المزيد من القدرة على التواجد في  السوقين الداخلية والخارجية، وتتراكم مقومات تفعيل الدورة الاقتصادية، وهذا يضمن لنا فتح جبهات عمل وتقليل معدل البطالة وتحسين مستوى المعيشة وتقليل معدل التضخم وتحقيق الاكتفاء الذاتي من أغلب السلع والخدمات، وتتعزز ليرتنا التي هي من مقومات السيادة الوطنية ونبتعد نسبياً عن الحاجة للدولار فيقل الطلب عليه وبالتالي ينخفض سعره ونصل إلى السعر التوازني، لأن أي ارتفاع في القوة الشرائية لليرتنا يعني تخفيض الأسعار ومنها سعر الصرف مباشرة، إذاً مصدر تذبذب أسعار الصرف هو تذبذب الواقع الإنتاجي، والسؤال هل نستطيع ذلك؟، وهذه المهمة هي مسؤولية الجميع دون استثناء، وكمثال على ذلك ماذا لو فعّلنا قطاعنا الإنتاجي (زراعة وصناعة) مع تحسن مناسب في عمل قطاع الخدمات بحيث يكون داعماً للقطاع الإنتاجي وليس عبئاً عليه، وتساعدنا في هذا دراسة تحليلية لكل نفقة من النفقات الخدمية على إجمالي إنتاج السلعة، حتى نتجنب (تضخم التكلفة) والذي يؤدي إلى تضخم الأسعار، ومعروف أن أي علاقة اقتصادية تؤول في مآلها الأخير إلى العلاقة النقدية، ولذلك فالمطلوب ترشيد النفقات وليس كما يقال ضغطها، وهنا أغتنم الفرصة لكي أكمل ما كتبته سابقاً في صحيفتنا “تشرين” بتاريخ 29/7/2023 بعنوان (رسالة اقتصادية إلى لجنتنا الاستثنائية الموقرة)، وأن ننطلق من أن اقتصادنا السوري هو اقتصاد زراعي بالدرجة الأولى، وأن تطوير الزراعة هو من أهم عوامل تطوير الصناعة، وعندها نتمكن من زيادة التشبيك بين القطاعين الزراعي والصناعي، ونفعل العلاقات التشابكية الأمامية والخلفية والعمودية والأفقية بحيث تكون مخرجات الزراعة من (منتجات نباتية وحيوانية) هي مدخلات للصناعة من خلال تفعيل تصنيع هذه المنتجات وبما يضمن  تلبية الاحتياجات الوطنية وزيادة القيمة المضافة والربحية الوطنية والشخصية، وتتحقق عملية تطوير الصناعة لتصبح مخرجاتها، من جرارات وأسمدة ومبيدات ووسائل إنتاج وآلات وغيرها، لمدخلات للزراعة، وهذا يتطلب منا توجيه الاستثمارات نحو القطاع الإنتاجي وتقديم الدعم الكامل له وإعفاء منتجاته من أي ضريبة أو رسوم وزيادة القروض المقدمة وبتسهيلات كبيرة وبضمانة (الأرض والمعمل أو المصنع ) والعمل لتفعيل تسويق المنتجات  سواء من خلال المؤسسات الحكومية أو الخاصة أو الأهلية و تبادلها عبر قوانين السوق من (عرض وطلب) ومنح المزيد من المرونة لها، وأن تكون مهمة الجهات الوصائية منحصرة فقط في التأكد من سلامة المنتجات وصحتها، وتقديم التسهيلات لزيادة الصادرات الزراعية ونصف المصنعة والمصنعة إلى الأسواق الخارجية من خلال تفعيل عمل كل الجهات ذات العلاقة من وزارات وغرف متخصصة وتفعيل عمل سفاراتنا في الخارج وقطاع ومجالس الأعمال للترويج لسلعنا الوطنية من خلال سبر الأسواق ومعرفة احتياجاتها، عندها نستطيع تلبية المزيد من المتطلبات المجتمعية ونقلل من المستوردات أي  الحاجة إلى الدولار، وتلقائياً تنخفض أسعار السلع بما فيها العملات الأجنبية، وهذا يتطلب إجراءات وعملاً أكثر من قرارات واجتماعات رغم أهميتها، وهكذا يتبين أن سعر الصرف نتيجة للفوضى الاقتصادية، ودورنا جميعاً التوجه لتفعيل مواردنا لنتمكن من زيادة قدرتنا على التحكم بهذه السلعة الخاصة (الدولار )، لأنه مع زيادة الاحتياطيات النقدية يستطيع البنك المركزي زيادة تدخله الإيجابي في سوق القطع الأجنبي، ومن هنا نرى العلاقة السببية بين زيادة سعر الصرف للعملة الأمريكية وليرتنا السورية، ونقطة الانطلاق لتعزيز ليرتنا كما كانت سابقاً قبل الحرب هي في عودة مواردنا السورية لنا وفي مقدمتها موارد جزيرتنا السورية وغيرها من أرضنا الطاهرة التي تدنس حالياً من قبل المحتلين ورموز الشر العالمي وإرهابيين وميليشيات انفصالية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
في ذكرى تأسيس وزارة الثقافة الـ 66.. انطلاق أيام الثقافة السورية "الثقافة رسالة حياة" على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا