التوت الأحمر الشامي.. فاكهة سورية تحمرّ خجلاً وأوراقها تستر ما وراء الأكمة.. عصيره استثمار مجدٍّ.. وأسواق تتلهف وجهود مبعثرة

تشرين:
كيف تكون قرانا فقيرة وهي تحمل أشجار التوت التي تساوي ثروة؟ الكثير من الإنتاج في وقت قصير بسبب النضوج السريع في أيام الحر .. لكن القصة تبدأ من العزوف عن تصنيع واستثمار هذه الفاكهة المعروفة عربياً وعالمياً بالتوت الشامي نظراً لأن شجرتها الأم نبتت ونمت في أرض الشام المباركة.
والسؤال الذي يصبغ الفكر بالأرجوان لماذا لا يتم تصنيع شراب التوت الشامي وهو العصير الرائج في الخارج، حيث تجد الأسواق تفتح قلبها لهذا العصير الطيب المذاق وتغدق على صانعيه أوفر الجدوى وأعظم الربح؟!
تحت شجرة التوت الكبيرة… تروى الكثير من القصص والحكايات والذكريات التي ترتبط بطفولة الكثيرين، فثمارها متنوعة المذاق وتمتاز بألوان ثمرتها المدهشة من الحمراء والصفراء حتى الموشحّة وغيرها، وهي خضراء وارفة الظلال توفّر الأفياء في محيط البيت في أيار وحزيران، مثلما أيضاً ساهمت الشجرة البيتوتية بـتبديد ملل الأطفال وترفيههم فهي عنوان أرجوحتهم المحمولة على حبال ثبتتّ في أغصانها، علاوة على تمكينهم من مزاولة شقاوتهم في صيد العصافير وهي تقبل عليها بحثاً عن ثمار تسد جوعها.
جاء في الثراث.. إن قدماء الأطباء تحدثوا عن فوائد التوت الطبية، فقال عنه الرازي: “أما الحلو فيسخن قليلاً، وينفخ ويلطف المعدة، ويصدع المحرورين، أما الشامي الحامض والمز فإنه يقمع الصفراء ويطفئ حدّة الدم.
أما داود الأنطاكي فقال، إن التوت يسمى الفرصاد، وهو من الأشجار اللبنية، والتوت إما أبيض ويعرف بالنبطى، وعندنا الحلبي، أو أسود عند استوائه أحمر قبل ذلك، ويعرف بالشامي، والكل يدرك أوائل الصيف، والنبطى يولد دماً جديداً، ويسمن، ويفتح السدد ويصلح الكبد، ويربى شحم الكلى، ويزيل فساد الطحال، والشامي يطفئ اللهب والعطش.. والتوت كله ينفع أورام الحلق واللثة، والجدري، والسعال، والحصبة، وخصوصاً شرابه».
وتمتاز شجرة التوت أيضاً بالأمثال والأهازيج الشعبية وفي الأغاني وهناك أهازيج شعبية وتناولت بعض الأغاني العربية الحديثة التوت أيضاً كما في أغنية ملحم بركات: ”لا تهزي كبوش التوتة.. أنا يا بنت مجوز…».
لعبت «التوتة» دوراً “تاريخياً” منذ البدايات فلم يجد سيدنا آدم وزوجته حواء لباساً غير أوراق من أشجار الجنة، حيث رسخ في ذهن البشر أن هذه الأوراق هي أوراق التوت، ومن وقتها توظف الورقة في أكثر من مجال حيث يقال هذه “ورقة توت” محاولة لتغطية الممنوع أو الفاسد.
في سورية تلعب «التوتة» دوراً اقتصادياً في إعالة الأسر الريفية، حيث يتم بيعها في الأسواق بثمارها المعروفة أو كعصير طيب المذاق ورغم أنها شجرة تنضج بسرعة ولا تتحمل الحرارة العالية إلّا أن موسمها القصير نسبياً بين شهري أيار وحزيران لا يمنع من استثمار الشجرة في صناعة المربيات والعصائر على مدار العام.
خواصها الطبية
هناك مئات من أنواع التوت في سورية والعالم العربي منها عدة أنواع تختلف أشكالها وألوانها وأطعمتها، ناهيك بأن التوت يساعد على محاربة سرطان القولون، وسرطان المريء، وسرطان الجلد ويحتوي على كمية كبيرة من الأملاح المعدنية مثل الفوسفور، الصوديوم، البوتاسيوم، الكالسيوم، الحديد، النحاس، المنغنيز، الكبريت، وبذلك فهو مصدر ممتاز للأملاح المعدنية.
كما أن ثمرة التوت تحتوي على فيتامينات مثل «أ، ب، ج» إضافة إلى البروتين والمواد الدهنية والسكرية وحمض الليمون وتبلغ القيمة الحرارية لكل 100 غرام من التوت حوالى 7.5 سعرات حرارية.
كما يعد تناول التوت مفيداً جداً في حالات فقر الدم ، ويستخدم عصير التوت في المجال الطبى لإضافته مع الأدوية بغرض التلوين وتحسين الطعم. كما أن التوت فاكهة طيبة الطعم وشرابه من أكثر العصائر تداولاً في الكثير من المناسبات.
لا تخلو البيوت وحدائقها في الأرياف من شجرة التوت، بل هناك قرية في محيط حماة اسمها “دير ماما” تشتهر بأنها “أم التوت” لوفرة هذه الأشجار في ربوعها، كما تشتهر بصناعة الحرير وتربية دودة القز.

ويقال في هذا المضمار إنّ شجرة التوت ورد ذكرها في كثير من القصص الشعبية والحكايات وكذلك الأغاني، حيث تلقى إقبالاً كبيراً من الناس. كما أن السوريين يحولون ثمار التوت الحمراء إلى مربى لذيذ الطعم شهي المذاق يصنعونه لمؤونة الشتاء كالعصير الذي يخزنونه أيضاً لأشهر الصيف الحارة، حيث يقدمونه بارداً مع قطع الثلج، كما يصنعون من التوت الأحمر الشامي أيضاً الخشافات التي تشرب باردة مع قطع الكيك في محال خاصة موجودة في سوق باب توما وباب الجابية وساحة عرنوس. أما عن كيفية تصنيع وتحضير التوت الشامي فتحتاج ثمار التوت الشامي الأحمر لخبرة ودراية وموازنة بين كمية الثمار والسكر والوقت (الزمن) ولذلك ليس كل ربات البيوت يستطعن تحضير عصير التوت.. والطريقة هنا تعتمد على نقع التوت الشامي الذي نشتريه (بالكيلو غرام) من بائعين جوالين يأتون به من القرى في أوعية بلاستيكية ونقوم، بعد نقع الثمار، بإضافة كميات من السكر ويغلى على نار هادئة جداً حتى يبدأ بالغليان ثم نطفئ تحته ونتركه إلى اليوم الثاني ثم نقوم بعصره لإخراج السائل الأحمر منه ثم يوضع على شاش أبيض في إناء مخصص لهذا الغرض، ليتم فرز الشوائب وتخليصه من المخلفات ثم يعبأ في قوارير زجاجية محكمة الإغلاق إلى حين تناوله، أما المخلفات التي تنتج عن عصر التوت فيمكن أن تستخدم في صنع البوظة، حيث توضع في الثلاجة حتى تتجمد ويمكن أن تؤكل بالملعقة باردة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟ اللجنة القضائية العليا للانتخابات تعلن في مؤتمر صحفي نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع السفير الروسي في لبنان: لا يمكن لأي بنية مدنية أن تكون هدفًا لنزاع مسلح وروسيا التزمت بذلك ما الغاية والهدف من إقامة معسكر تطوير مهارات كرة السلة للمواهب الواعدة ؟ "لوثة" تنعش سوق الاستطباب الخفي في سورية.. اضطراب تشوه صورة الجسد حالة نفسية تلاحق الجنسين..والنتائج غير حميدة ترامب ومؤيدو بيتكوين.. العملات الرقمية مخزن للقيمة وأداة للتحوط ضد الاضطرابات السياسية لتاريخه.. بعض الفلاحين لم يقبضوا ثمن محصول القمح في منطقة الغاب!.. والمصرف يبيّن: الفلاحون يأملون إعفاءهم من ديونهم السابقة المنازل الخشبية " تريند" فيسبوكي يبحث عن بوّابة للنفاذ إلى البيئة السورية..حلّ رشيق لأزمة السكن بانتظار الدراسة الجادّة رغم أن الموسم ليس معاوماً .. "زراعة اللاذقية" تقدّر إنتاج الزيتون بنحو 48 ألف طن