ثنائي صوت الشرق «سمر بلبل» و«عصام شريفي» ونحن في أوروبا الأولوية للتجذّر وموسيقانا الشرقيّة

تشرين- إدريس مراد:
قبل مغادرته إلى فرنسا شكّل فرقة موسيقية في حمص عام 1989 تحت عنوان (موسيقا الشرق) اعتمد فيها على عدد من الموسيقيين وأيضاً على صوت الفنانة (سمر بلبل)، التي اختارها لتغني من ألحانه، وجالت الفرقة بأمسيات عدة في مختلف المدن السورية، من هنا بدأت العلاقة الفنية بين الدكتور (عصام شريفي) والمغنية (سمر بلبل)، ومن ثم ليغادرا معاً إلى فرنسا، شريفي لمتابعة تخصصه كطبيب، وبلبل لإتمام دراستها في الغناء الكلاسيكي، وهناك شكلا معاً ثنائياً ناجحاً (ثنائي صوت الشرق)، وقدما العديد من الأمسيات في فرنسا وأوربا.
بداية التجربة
عن ولادة هذا الثنائي يقول الدكتور عصام شريفي: «بدأت تعلّم العزف على آلة الكمان حسب الأصول الكلاسيكية في السابعة من عمري، وفي السادسة عشرة تحولت إلى العزف على آلة العود، وهذا طبيعي أن أنجذب إلى موسيقانا العربية، ولاسيما والدي من متذوقي الموسيقا، ويمتلك مكتبة موسيقية هائلة، وشجعنا على تعليم الموسيقا، وفيما بعد قررت أن أدخل عالم التلحين، ومن هنا انطلقت فكرة الثنائي مع سمر، إذ إنها بدأت كصوت مميز في مدينة حمص، مختلف عن السائد حينها، ومنذ ذلك الوقت، حاولنا أن نبني أسلوباً خاصاً بنا، بعيداً عن التقليد، ومن هنا أيضاً بدأ اللقاء، كعائلة فنية كل منا يعطي للآخر».
بين المسرح والموسيقا
نشأت الفنانة سمر بلبل ضمن عائلة فنية وأدبية عريقة، والدها الكاتب والمخرج المسرحي فرحان بلبل، أحبت سمر المسرح ورافقت والدها ولعبت على الخشبة، كما تروي، وتتابع: «شاركت دوراً في المسرح مع والدي، وأنا في السابعة من عمري، وفيما بعد انتبه الوالد لصوتي، وفضّل أن أسلك طريق الغناء، لعشقه لهذا الفن إلى جانب المسرح، فأبعدني عن التمثيل، خشية منه أن يشتتني التمثيل، ويؤثر في صوتي، عموماً في رأيي هناك تقاطع بين المسرح والغناء، إذ تجمعهما الخشبة».

الرحابنة هم الأفضل
المزج بين الموسيقات هو سمة من سمات الذين يعيشون بين الغرب والشرق، ولكن للموسيقي عصام شريفي رأياً آخر حين يقول: «عندما أدخل الموسيقار محمد عبد الوهاب بعض الآلات الموسيقية الغربية إلى موسيقانا، كنا حينها في مرحلة الاستكشاف أو مرحلة التجريب، وإمكانية إدخال أجواء جديدة إلى موسيقانا، واعتقد الكثير أنّ هذه التجارب لم تكن على الصواب دائماً، ومن هذه التجارب أرى تجربة الرحابنة متقنة أكثر بالمزج».. ويضيف: «عندما ذهبت إلى أوروبا، أعطيت الأولوية للتجذر أكثر من موضوع المزج، لأنه عندما تقدم مادتك كما هي للأوروبيين تجرهم إلى عالمك، وتخرجهم من ثقافتهم إلى ثقافتك، أما عندما أقدم شيئاً ممزوجاً مع ثقافتهم، فسأكون أضعف منهم وتالياً يأتي التقبل أقل، وفي تجربة لنا مع مخرج فرنسي، وهو عمل استعراضي مهم تحت اسم «دوران»، قدمنا الحالة الشرقية، وأنا من اشتغلت على الموسيقيين، وأدوا الحالة الشرقية بتفاصيلها، رغم أنهم خريجو المعاهد العليا في أوروبا، وتالياً جاء مشهد الموسيقا الشرقية فيه مميزاً وجذاباً، وهذا ما أقصده بالتجذر، أي التمسك بشرقيتنا الموسيقية، ولا أنكر أنني أستفيد أحياناً من الإمكانات الصوتية عند سمر في الغناء الغربي، لكونها أكملت دراستها بالغناء الغربي في أوروبا، وأستفيد من هذه الميزة لإدخالها في ألحاني، ولكن بطريقة شرقية».
المزج بين الموسيقات
من جانبها تقول سمر بلبل: «أحبذ المزج جداً، ومن هذه الناحية استفدت من دراستي سواء ما بدأت به في المعهد العالي للموسيقا بدمشق، أو ما تابعته في فرنسا، هذه الدراسة ساعدتني في فكرة المزج لدي بين الشرق والغرب، وخاصة إذا كانت مدروسة من قبل عصام، وعلى الأغلب يأتي نتاجه جميلاً، إذ استطعت أن أسخر تقنياتي الصوتية الشرقية في غناء الأوبرالي، وأيضاً العكس».. ويعقب شريفي على ذلك قائلاً: «لا تتعارض فكرتي مع فكرتها، بمعنى يمكن أن تقدم المزج على خشبة المسرح لعدة أشكال من الموسيقا، وببوتقة واحدة، ولكن بشخصيتها».. وتعود سمر للحديث: «المزج تجربة جميلة، مع الحفاظ على هوية كل مادة، بعيداً عن خليط لا طعم له ولا هوية، ومن أكثر التجارب التي أعتز بها هي التي قدمتها مع الفلامينغو، عملنا معاً، وفي الوقت ذاته حافظ كل منا على هويته».
التراث والتجديد
في تجربة ثنائي صوت الشرق جانب من التراث أيضاً تقول «سمر بلبل» عن التراث: «أنا لا أؤمن بتجديد التراث، إلا ببعض الإضافات الطفيفة، مدروسة بعناية، من قبل أشخاص يحبون التراث وعلى دراية تامة بمقوماتها، والتعامل معه بمنتهى الدقة والأمانة».

وبدوره يقول عصام شريفي: عندما نأخذ بعض المونولوجات التي كان يؤديها تخت رباعي شرقي، اليوم غير مقبول تقديمها بهذه الطريقة إلا في ظروف خاصة، يجوز لموسيقي متمكن أن يضعه في قالب أوركسترالي من دون أن نخسر قيمتها الفنية، أي يمكن أن تقدم بكتلة آلات موسيقية كبيرة تعطيها طعماً جديداً، وذلك من دون تشويه اللحن الأساس، إضافة إلى توزيع طفيف أيضاً ومن دون أي تأثير في الهيكلية الأساسية، ومن الضروري هنا تعريف التراث، وليس ما كان يقدم منذ ثلاثين عاماً بأسلوب تجاري هو تراث اليوم، التراث له مقوماته، ويحتاج إلى شرح طويل.

الشام في أغانينا
أخيراً تقول المغنية سمر بلبل: رغم وجودنا في أوروبا لم نغب عن وطننا، ورغم الحرب على بلدنا أتينا وقدمنا أمسيات، وغنينا للشام، جئنا عام 2014 و2015، وأول مرة نغيب أربع سنوات لظروف قاهرة منها تتعلق بعمل زوجي عصام شريفي، ومنها صحية، حيث أصبت بوعكة لم أتخلص منها إلا منذ فترة وجيزة.
يشار إلى أن (ثنائي صوت الشرق) سمر بلبل وعصام شريفي سيقدم أمسية بعنوان (لدمشق) إلى جانب الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو نزيه أسعد غداً الثلاثاء 25 تموز 2023 على خشبة مسرح الدراما الساعة الثامنة مساءً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟ إعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع.. القاضي مراد: الانتخابات جرت بإشراف قضائي كامل بدءاً من الترشيح وحتى إعلان النتائج السفير الروسي في لبنان: لا يمكن لأي بنية مدنية أن تكون هدفًا لنزاع مسلح وروسيا التزمت بذلك ما الغاية والهدف من إقامة معسكر تطوير مهارات كرة السلة للمواهب الواعدة ؟ "لوثة" تنعش سوق الاستطباب الخفي في سورية.. اضطراب تشوه صورة الجسد حالة نفسية تلاحق الجنسين..والنتائج غير حميدة ترامب ومؤيدو بيتكوين.. العملات الرقمية مخزن للقيمة وأداة للتحوط ضد الاضطرابات السياسية