الطب يرحّب والقانون يسمح.. متبرعون بأعضائهم يبحثون عن مأسسة “السخاء بلاحدود” …

تشرين- طلال الكفيري:
لعلها أسمى حالات السخاء، وصورة ناصعة للإنسانية بالفعل لا بمجرد القول.
فالأمر لافت أن نرى أناساً -كالمواطن” م-ط” يبحثون عن نافذة قانونية وطبية تجيز لهم التبرع بأعضائهم البشرية بعد وفاتهم لمن هم بحاجة لها.

الأعضاء ليست للبيع

الاندفاع الذي لامسناه عند الراغبين بالتبرع بأعضائهم البشرية، ومنهم طبعاً المواطن المذكور آنفاً يجعلنا وبكل صراحة نضرب لهم “تعظيم سلام”، فعمل كهذا يشعرنا أن الدنيا ما زالت بخير، خاصة أمام تزاحم الكثيرين بالسجود على أبواب الدنيا الفانية لجني المزيد من الأموال من جيوب من جاءهم مستغيثاً.

رئيس فرع نقابة أطباء السويداء: التبرع بالأعضاء البشرية لا يمانعه الطب على الإطلاق وبعض الدول لديها بنوك خاصة لحفظ الأعضاء

فبالرغم من مضي أكثر من خمس سنوات على طرقه العديد من الأبواب القانونية والطبية، بغية إيجاد منفذ طبي وقانوني يجيز له التبرع بأعضائه بعد وفاته، لكنه للأسف لتاريخه لم يجد الجواب، لتبقى مسيرة بحثه قائمة.
و يتحدث عن أن فكرة التبرع بأعضائه البشرية لمن هم بحاجة لها، انطلقت من إحساسه الإنساني إزاء من يعاني مرضاً ما، وشفاؤه متوقف على من يتبرع له بكلية أو قرنية على سبيل المثال، ولاسيما مع وجود الكثيرين من المرضى أوضاعهم المادية دون الصفر، ولا تسمح لذويهم بشراء كلية أو قرنية لهم، نتيجة لعدم وجود متبرع وليس بائع لأعضائه.
لافتاً إلى أن ما حفزه على التبرع بأعضائه، هو إدخال الطمأنينة والحب إلى قلوب المرضى، وبالتالي فتح باب التقارب بين الناس، والأهم وجود مرضى ذووهم معدومو الدخل، وغير قادرين على مجاراة المبالغ المطلوبة منهم لقاء التبرع بجزء من أعضائهم، داعياً بضرورة إحداث جمعيات خيرية خاصة بالأعضاء البشرية، وبنوك خاصة لهذا الغرض، لكون الأعضاء المتبرع بها سيحيا بها إنسان آخر، والحي أبقى من الميت، إلّا أن المشكلة التي ما زالت تشكل عائقاً في طريق المتبرعين، هي عدم تبيان قانونية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة.

محامٍ: القانون 30 لعام 2003 أجاز للاختصاصيين من الأطباء نقل عضو ما أو أحشاء أو جزء منها كالقرنية أو غيرها وحفظها أو غرسها أو تصنيعها لمريض يحتاج إليها

الطب لايمانع

ليس هناك مانع طبي يحول دون التبرع بالأعضاء، برأي رئيس فرع نقابة أطباء السويداء الدكتور إحسان جودية، الذي أوضح في حديثه لـ” تشرين” أن التبرع بالأعضاء البشرية، لا يمانعه الطب على الإطلاق، وبعض الدول لديها بنوك خاصة لحفظ الأعضاء، إلّا أنه على المتبرع أن يبادر بكتابة وصية، وبالتالي تصديقها من كاتب العدل، تجيز نقل أعضائه بعد وفاته لمن هم بحاجة إلى ذلك، وإذا كان المتبرع يرغب التبرع بكليته لأحد المرضى، وهو على قيد الحياة، عليه أيضاً الحصول على تصريح قانوني من كاتب العدل، يتضمن تعهده بعدم تقاضي المال مقابل تبرعه، ولفت جودية إلى أنه من المفرح حقاً أن نسمع هذه الأيام التي لا تخلو من ” السوداوية” أن يسارع أحد الأشخاص ويبحث عن وسيلة قانونية ومخرج شرعي، يسمح له بالتبرع بأعضائه البشرية بعد وفاته، ولاسيما بعد أن بات التبرع تجارة رائجة عند البعض بقصد السفر أو تغطية تكاليف المعيشة، رغم أنها محظورة قانونيا.ً

للقانون كلمة

يشير المحامي أسامة الهجري إلى أن القانون 30 لعام 2003 أجاز للاختصاصيين من الأطباء، وحصراً في المشافي المحددة من وزارة الصحة نقل عضو ما أو أحشاء أو جزء منها كالقرنية أو غيرها، وبالتالي حفظها أو غرسها أو تصنيعها لمريض يحتاج إليها، وقد جاء في المادة 2 من القانون المذكور أعلاه أنه من الجائز أيضاً نقل الأعضاء وغرسها من شخص حي إلى شخص آخر، لكن شريطة أن يكون النسيج أو العضو منقولاً من وإلى نفس الجسم الذي يتلقاه، ويتم وفقاً لتقدير الجرّاح المعالج، وإذا كان النسيج أو العضو منقولاً من جسم إلى آخر يتم ذلك وفقاً لشروط محددة، أولها ألّا يقع النقل على عضو أساسي للحياة، حتى لو كان ذلك بموافقة المتبرع، إضافة لقيام لجنة مؤلفة من ثلاثة أطباء اختصاصيين بفحص المتبرع، لتقدير ما إذا كان نقل عضو من جسم المتبرع لا يشكل خطراً على حياته ومدى حاجة المستفيد إلى العملية.
والمسألة المهمة التي أوردها القانون أنه لا يجوز نقل أي عضو مراد التبرع به، إلّا بعد التأكد من أن المتبرع يتمتع بكامل أهليته العقلية، وبعد الحصول على موافقة خطية منه صريحة وموثقة لدى كاتب العدل، كما حذر القانون نقل الأعضاء من القاصرين، مع إجازته في حال كان المستفيد أو المتبرع شقيقين توءم، ويشترط في هذه الحالة موافقة الأبوين في حال وجودهما أو الولي الشرعي.

كما تضمنت المادة 3 من القانون المذكور أنه لا يسمح نقل الأعضاء أو الأحشاء أو جزء منها من ميت بغية حفظها أو غرسها لمريض بحاجة إليها،  إلا في حال وجود وصية خطية من المتوفي تسمح بذلك الإجراء، وأن تكون مصدقة من كاتب العدل، شرط إلا يؤدي نقل الأعضاء إلى إحداث ما يسيء إلى كرامة جثة المتوفى أو تشويهها أو تغيير ملامحها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار