ملف «تشرين».. قبل الانفتاح على منظومة الاقتصاد العربي.. دعم التصدير وجذب الاستثمارات بوابة واسعة لتحقيق الانفراج في كل القطاعات
تشرين- منال صافي:
الاستعداد لاستقبال الانفتاح الاقتصادي العربي القادم من الدول العربية أمر ضروري لتحقيق مكاسب تدعم التنمية الاقتصادية في بلادنا التي عانت الحرب الإرهابية المدمرة وكارثة الزلزال التي زادت الطين بلة، لذلك يجب علينا تدعيم وترميم التصدعات التي طالت جوهر البنيان الاقتصادي، ومعرفة الأولويات التي يجب التركيز عليها خلال المرحلة المقبلة لنحصد نتائج طيبة.
يمكننا البدء
يرى الصناعي عاطف طيفور أن الانفراجات السياسية التي تكللت مؤخراً بعودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية ستنعكس حتماً على الانفراجات الاقتصادية، وسيتم تلقائياً تفعيل الاتفاقيات التقليدية للجمارك والنقل والانعكاس الإيجابي الأكبر سيشمل قطاع التصدير والسياحة وسيتحرك الركود الداخلي لحركة التجارة الداخلية، كما أن ملف السوق الحرة العربية المشتركة الكبرى من أهم الملفات التي يجب العمل عليها من خلال دعم المنتج السوري، فكلما زادت نسبة التصدير زاد الانفراج في كل القطاعات، وخلال المرحلة الراهنة يمكننا البدء بتحقيق تقدم بالتركيز على التصدير من خلال استهداف الأسواق العربية المفتوحة أمامنا ومعرفة احتياجات هذه الأسواق من المنتجات والصناعات الزراعية والتركيز عليها، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي حتى لانقترب من لقمة عيش المواطن ونرفع سعر المنتج وعلى سبيل المثال علينا التركيز على منتج محدد تحتاجه السوق السعودية ونبدأ برسم خطة زراعية لإنتاجه بالتوازي مع تحقيق الاكتفاء الذاتي.
خزام: العمل الاقتصادي العربي المشترك يتطلب التشابه بالقوانين
وظروف العمل التي اعتاد المستثمر و التاجر الخليجي العمل بها
ونوه بأن المشكلة التي نقع بها دوماً هي الدراسة الخاطئة لحاجة السوق الفعلية واعتمادنا على الخطة الزراعية لا على نسبة الإنتاج الفعلي، ففي بعض الأحيان نتيجة عدم توافر المستلزمات الزراعية تتدنى الخطة الإنتاجية الفعلية للنصف وهذا ما يسبب نقص المادة في السوق المحلية وعدم تحقيق الاكتفاء الذاتي، فيجب أن نخطط لزراعة فائض للمنتجات الزراعية التصديرية وللصناعات الزراعية.
قيم مضافة ضائعة
وأوضح طيفور أن القطن يحقق قيمة مضافة عالية ويوفر فرص عمل في سلسلة وحلقات إنتاجه، وقد شهدت زراعته نقصاً كبيراً في السنوات الأخيرة بحجة استنزاف موارد المياه ما انعكس على الخيط والقماش والألبسة الجاهزة فهذه الزراعة فيما لو تم استثمارها ستحقق نسب صادرات مرتفعة وتجارة الألبسة الجاهزة تعد من التجارات الرابحة إلى الدول العربية.
وشدد على أن أي مادة تصدر خاماً هي دليل عجز اقتصادي وإداري لدى أصحاب القرار، فعندما يكون لدينا فائض 10 أطنان من البطاطا ونقوم بتصديرها فهذا خطأ لأنه من الممكن تحويلها إلى نشاء وطحين ومواد غذائية، وإعادة تصديرها ويجب علينا الاستفادة من القيمة المضافة للمنتج خاصة أننا نملك صناعات زراعية ولدينا قطاع خاص قادر على التصنيع
وختم: إن تكاليف زراعاتنا و صناعاتنا بالنسبة للتضخم العالمي منافسة للأسواق الخارجية ودول الخليج والدول المجاورة والإقليمية التي تستورد من الخارج بتكاليف مرتفعة، والاستيراد من بلادنا وفق الاتفاقيات التقليدية سيوفر الكثير على هذه الدول وهذه نقطة جذب يمكن استثمارها بشرط وضع خطط مدروسة لزراعة منتج محدد لدولة محددة.
أولوية يجب التفكير بها
من جهة أخرى يرى البعض أن جذب الاستثمارات هي أولوية يجب التفكير بها في المرحلة القادمة، غير أن التباين والاختلاف في ظروف العمل التجاري والصناعي والمصرفي يعتبر من أكثر المعوقات التي تواجه المستثمر العربي والخليجي خصوصاً، بحسب الخبير الاقتصادي جورج خزام الذي أكد لـ”تشرين” أن كل الدول التي تتمتع شعوبها بالرفاهية و الدخل المرتفع يكون فيها تحرير للأسواق من القيود التي تكبله، ويكون مبدأ العمل هو دعه يعمل دعه يمر.
طيفور: استهداف الأسواق العربية بمنتجات تحتاجها وتحقيق قيم مضافة خطوة في طريق دعم التصدير
وأضاف: إن اقتصادنا يعاني من القيود على جميع الأعمال وذلك من خلال إصدار قرارات غير مناسبة للاقتصاد الوطني لا تصلح لأي زمان ومكان، كما أن أي انفتاح على دول الخليج التي تتمتع بالاقتصاد القوي يعني ذوبان الاقتصاد السوري بالاقتصاد الخليجي القوي، و يعني المزيد من المستوردات وتراجع الصادرات والمزيد من ارتفاع سعر صرف الدولار ولفت إلى أن ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج من المصاريف المباشرة وغير المباشرة كانت السبب بفقدان المنتج الوطني القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية، وتراجع الجودة من أجل تخفيض تكاليف الإنتاج، وعدم القدرة على دخول الأسواق الخليجية بالمنافسة بالجودة و السعر، فالعمل الاقتصادي العربي المشترك يتطلب بالحد الأدنى التشابه بالقوانين وظروف العمل التي اعتاد المستثمر والتاجر الخليجي على العمل بها، مؤكداً أن المستثمر لن يقوم بتأسيس مشاريع استثمارية في بلادنا مع تحمل المخاطر المجهولة أمامه إذا لم يكن رأس المال الاستثماري يحقق في سورية عائداً أكبر و جدوى اقتصادية أعلى من العمل في بلده الأساسي في الخليج.
عقبات يجب إزالتها
وأشار خزام إلى العقبات التي تفرضها الجمارك من حيث مصادرة البضائع المستوردة بشكل نظامي لأن بيانها الجمركي عمره سنتان أو قيام “التموين” بفرض بيان تكلفة وتقييد التاجر بالبيع من خلاله ولو كان على التكاليف القديمة تحت التهديد بالسجن والغرامات لأن ذلك يحدث رد فعل سلبياً و انكماشاً بالأسواق و هروباً جماعياً لرأس المال الجبان للخارج.
ويرى أن تحرير سعر صرف الدولار من خلال تأسيس منصة لبيع و شراء الدولار بإدارة وإشراف المصرف المركزي بالتعاون مع المصارف والصرافين المرخصين هو أحد الحلول لتخفيض سعر الصرف لمعرفة ما هو الحجم الحقيقي للعرض والطلب على الدولار وما هو سعر التوازن بينهما لمنع صفحات الفيسبوك عن سعر الصرف من التحكم بسعر الصرف، فكيف سيعمل المستثمر الخليجي و لا يعرف من أين سيشتري الدولار بشكل نظامي كما يستحيل العمل بوحود منصة تمويل المستوردات، وكيف سوف يقوم بقبض قيمة صادراته بالدولار بسعر أقل من قيمته الحقيقية من المصرف المركزي؟
اقرأ أيضاً:
ملف «تشرين».. تفعيل آليات وكوادر العمل العربي المشترك.. من أين نبدأ؟