السكن الاقتصادي خيار إستراتيجي لكسر عقدة امتلاك مسكن في سوق لاترحم.. القوانين سمحت وسهلت وبقي التنفيذ؟
تشرين – منال الشرع:
أمسى امتلاك بيت في المدينة حلماً صعب المنال لا يمكن للجميع تحمل تكلفته أو (الدفع بالكاش) ليأتي مفهوم السكن الاجتماعي الاقتصادي في صدور القانون رقم ٢ لعام ٢٠٢٣ مؤخراً بارقة أمل يحمل في طياته تنفيذ مشروعات استثمارية في عملية البناء والتنمية العمرانية.
يجذب رأس المال
يرى أصحاب المكاتب العقارية أن لشركات التطوير العقاري وأصحاب الاستثمارات مخرجات فعلية مهمة فيما يتعلق بعمليات البناء والإسكان والتطوير العقاري، خاصة بعد صدور القانون رقم ٢ الأخير وهدفه تعزيز البيئة الاستثمارية التنافسية لجذب رؤوس الأموال، للمساهمة في عملية البناء والتنمية العمرانية وتوسيع قاعدة الإنتاج وتنويعه.
هيئة الاستثمار تشجع المطورين العقاريين.. وأصحاب المكاتب يعلّقون آمالهم على مخرجات قانون الاستثمار الأخير.. والمواطن ينتظر…!
ضرب من الخيال
الارتفاع الكبير في أسعار العقارات أصبح ضرباً من الخيال حتى الضواحي نالت نصيبها من الأسعار التي لا يقوى عليها ذوو الدخل المحدود لاقتناء منزل ولو بمساحة صغيرة، ويكون الحل الأنسب ممن يرغبون بمثل هذا النوع من المسكن وهناك كثر ممن يحلمون بتنفيذ تلك المشروعات في ظل الظروف الاقتصادية الحالية الصعبة، حيث أرخى ارتفاع الأسعار بظلاله على عمليات الاستثمار، إذ يتردد بعض المستثمرين بإنشاء مشروعات جديدة بانتظار حصول نوع من الاستقرار في سوق مواد البناء، فكله مرهون بسعر صرف الليرة، وتأسيس المشروعات الاستثمارية لأغراض التطوير العقاري أو لأغراض التنمية العمرانية، يساهم بتوفير مقومات النمو الشامل والمتوازن للمناطق المختلفة وبما ينسجم مع الأولويات التنموية.
أقل تكلفة
وأكد أصحاب مكاتب عقارية أن أسعار السكن الاجتماعي وكل أنواع السكن دائماً أرخص من أسعار السوق باعتبار أن التخمين يتم بناء على أسعار التكلفة وهذه ميزة جيدة، وهناك أريحية للمواطن بتسديد الأقساط رغم طول فترة تسليم الشقق التي تستغرق عشرات السنوات كحد أدنى ومثال ذلك السكن الشبابي.
ملاذ مفقود
في حين يرى مواطنون أن السكن الاجتماعي والاقتصادي هو خلاص وملاذ في السعي نحو امتلاك منزل طالما حلموا به إذا نفذ على أرض الواقع فعلاً بحيث يضمن لهم ولأولادهم استقراراً سكنياً ونفسياً واجتماعياً، كما أننا بحاجة للاستثمار في السكن الاجتماعي وإعادة تأهيل مناطق السكن العشوائي وبحاجة ماسة أيضاً لتشجيع كل استثمار يساعد على النهوض بعجلة الإسكان.
خبير اقتصادي: فاتنا القطار
لكن يبقى السؤال: أين أمسى مفهوم السكن الاقتصادي والاجتماعي (الشقق الصغيرة) في قانون الاستثمار الجديد؟ وهل سيتم إلزام المطورين العقاريين؟ .
توحيد مرجعية
وللإضاءة على هذا التساؤل بيّن مدين دياب مدير عام هيئة الاستثمار السورية لـ«تشرين» أن صدور القانون رقم ٢ لعام ٢٠٢٣ جاء لتوحيد مرجعية الاستثمار في الجمهورية العربية السورية ووضع مشروعات التطوير والاستثمار العقاري تحت مظلة قانون واحد هو قانون الاستثمار.
ومن ضمن تصنيفات مشروعات التطوير والاستثمار العقاري الواردة في القانون رقم ٢ المشروعات ذات الأبعاد الاجتماعية التي يندرج ضمنها مفهوم السكن الاقتصادي والاجتماعي.
مزايا تشجيعية
ونوه دياب إلى أنه تم العمل بالقانون رقم ٢ على منح المشروعات ذات الأبعاد الاجتماعية إعفاءات جمركية من أجل تشجيع المطورين العقاريين على تنفيذ هذا النوع من المشروعات وتعمل الهيئة على وضع أسس لهذه المشروعات وفق التوجهات الحكومية بتعزيز مفهوم السكن الاقتصادي والاجتماعي وبما يساهم في تأمين السكن لذوي الدخل المحدود، وتكون هذه الأسس حافزاً إضافياً للمطورين العقاريين للمباشرة بهذا النوع من المشروعات الذي يعول عليها كثيراً في معالجة مشكلة السكن من خلال تنفيذ مساكن بمساحات صغيرة وبشروط وأقساط ميسرة.
غير مسبوقة
من جهته يرى الباحث الاقتصادي عمار يوسف أننا أبعد ما نكون عن السكن الاقتصادي والاجتماعي وأكبر مثال على ذلك الأسعار غير المسبوقة التي تفرضها المؤسسة العامة للإسكان حالياً على المكتتبين في السكن الشبابي رغم التوجه بالتسليم خلال عشر سنوات.
فات القطار
وبالنسبة لاستفادة المطور العقاري من مزايا قانون الاستثمار الجديد في إيجاد سكن اقتصادي، بيّن يوسف أنه كان قد صدر القانون ١٥ في ٢٠٠٨ وكان الهدف منه تأسيس شركات التطوير العقاري لكن لم يطبق أي قرار من قرارات القانون إلى اليوم بمعنى ( فات القطار ) ولم يحدث أي جديد سوى نقل صلاحيات من الهيئة العامة للتطوير العقاري إلى هيئة الاستثمار، موضحاً أن الغاية منه توفير مساكن للمواطنين، إلا أن واقع الحال يؤكد توجه بعض المواطنين إلى مناطق العشوائيات باعتبارها أرخص سعراً، وبالتالي وصلنا لمرحلة توغل من التجار وكذلك الضرائب المفروضة، ومن المستحيل أن يؤمن المواطن بأي شكل من الأشكال مسكناً بهذه الحالة حتى لو بعد ألف سنة ضمن هذا الدخل المحدود.
100 مليون للمتر
ولدى السؤال لماذا لا يتم التوجه إلى السكن الاقتصادي مادام هناك توجه من المطورين العقاريين نحو تشييد أبنية مرتفعة التكاليف وتحقق لهم عوائد، أوضح الخبير الاقتصادي أنه يتم التوجه فقط نحو الأبنية الشاقولية حالياً المؤلفة من ١٢ و ١٤ طابقاً ضمن رؤية سكنية معينة، وشركات التطوير العقاري ستقوم ببناء مدن على سبيل المثال (ماروتا سيتي) التي لا يمكن للمواطن القدرة على شراء مسكن فيها، إذ يصل سعر المتر فيها إلى ١٠٠ مليون وما فوق أحياناً، وبالتالي توجد حالة يأس مطلق، لذلك لن يتمكن المواطن من شراء مسكن وذلك لإجراءات كثيرة منها عدم وضع الرخص والمخططات وعدم الإعلان عن الأراضي المخصصة للاستثمار العقاري، إضافة إلى أن عدداً كبيراً من الأراضي مستملكة ولم يجر أي مشروع عليها مخصص للإسكان .