ألعاب إلكترونية بلا ضوابط تنمّي العنف وتهدد أمن الإنسان
تشرين:
وجدت الألعاب الإلكترونية طريقاً لها عبر العالم الافتراضي إلى الأطفال والشَّباب، وبدلاً من أن تكون عاملاً مساعداً في النمو وزرع القيم وصلاح الإنسان وبناء المجتمع، أصبح عدد كبير منها إحدى أقوى الوسائل المعزِّزة للعنف والعدوانية، وتسبَّبت بتشويه الفطرة الإنسانية السَّليمة وسلخت مستخدميها من طبيعتهم ومُجتمعهم.
المختصون والمهتمون ومن خلال متابعة عدد من الألعاب الإلكترونية والعيش مع مستخدميها أجواء اللعب، أكدوا أنَّ عدداً منها يروِّج للقتل والعنف، وتعليم المستخدمين على أساليب ارتكاب الجريمة، والإرهاب، والتنمر والكراهية، في ظل غياب مراقبة الأهل على أطفالهم.
وقالوا: إن الأطفال يستخدمون عقولهم في ابتكار طرق جديدة للاستمرار في الألعاب الإلكترونية والانتقال إلى مستويات جديدة باستخدام العقل في أشياء ضارة لهم ولمجتمعهم ومحيطهم العائلي.
وفي أسئلة لأولياء أمور ومتخصصين في علم النفس والجريمة ومطوري وصانعي ألعاب إلكترونية، أجمعوا على أنَّ هناك ألعاباً إلكترونية تشجع على العنف وتصنع إرهابيين وتهدد أمن الإنسان، لكن في المقابل هناك جهود كبيرة قائمة على إنتاج ألعاب تمنع العنف والإرهاب وتطور من قدرات مستخدميها وتحفز السعادة لديهم.
من جانبهم، اختصاصيو الدماغ والأعصاب قالوا: إن الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية يؤدي إلى جهد كبير على قشرة الدماغ بالدرجة الأولى، إضافة إلى تلف في الخلايا العصبية، ما يؤدي إلى أمراض تدريجية في الجهاز العصبي، منها اضطرابات السلوك بحيث تبدأ بالبسيطة كالعصبية والتوتر وصولاً إلى اضطراب شديد في السلوك المؤدي إلى الفصام العقلي الذي يصل في بعض الحالات إلى نوبات الصرع الكبرى، مؤكدين ضرورة الوقاية من الألعاب الإلكترونية الخيالية التي تتمثل في القتل والطيران في الهواء، وألا تتجاوز مدة استخدامها ساعة واحدة في اليوم، إضافة الى التركيز على الدراسة.
بدورهم، اختصاصيو علم الاجتماع وعلم الجريمة أكدوا أن أغلب الآثار السيئة لألعاب الفيديو العنيفة تكمن في احتوائها على العنف بشكل كبير، فالأطفال والمراهقون الذين يقومون بلعب ألعاب الفيديو العنيفة هم أكثر تعرضاً للأفكار أو المشاعر، أو السلوكيات العنيفة والعدوانية.
وقال علماء النفس والجريمة: إنَّ العنف يزداد في ألعاب الفيديو كنتيجة للطريقة التفاعلية لهذه الألعاب، فالكثير من الألعاب قد تقدم مكافآت للاعبين لكونهم أكثر عنفاً أثناء اللعب أو لمن يقتلون عدداً أكبر من الأشخاص خلال اللعبة، مبينة أنَّ هذا يؤدي إلى تكرار العنف بشكل مستمر، بل يتجاوز الأمر إلى تعزيزه وتقويته أكثر والتشجيع عليه.
ولفت العلماء إلى أنَّ العديد من ألعاب العنف تدفع بالمراهقين للانعزال الاجتماعي، وأنَّ قضاءهم الكثير من الوقت أمام تلك الألعاب يُقلل من أنشطتهم مع محيطهم الاجتماعي، كما يُقلل من شعورهم بالمسؤولية الاجتماعية تجاه الآخرين، إضافة إلى تجاهل الهوايات الأخرى مثل القراءة والرياضة والعلاقات والتواصل مع العائلة والأصدقاء، مؤكدين أنَّ العديد من ألعاب الفيديو تُعلِّم الأطفال قيماً غير صحيحة كالسلوك العنيف الذي يدفع بالفرد إلى الانتقام والعدوان على أرض الواقع، كما يحد من قيم التسامح والتكافل الاجتماعي.
ونوه علماء النفس والجريمة إلى أن العلاج يكمن في تكاتف وتعاون جميع الأنساق المجتمعية بدايةً من الأسرة ثم المدرسة مروراً بالمؤسسات الدينية، ثم مؤسسات المجتمع المدني والجامعات ومؤسسات التعليم العالي، وممارسة دورها في تعزيز الأخلاق والقيم الإنسانية التي من أهمها قيم التسامح والتكافل وقبول الآخر ونبذ كل أشكال الإقصاء.