بين ارتفاع التكاليف وقلة المستلزمات.. إنتاج الخضار الباكورية بات مغامرة

تشرين – وليد الزعبي:
أكثر ما تتميز به منطقة وادي اليرموك في الريف الغربي من محافظة درعا هو إنتاج الخضار الباكورية مثل البندورة والكوسا والخيار والفاصولياء، حيث يعمل بزراعة هذه المحاصيل معظم سكان البلدات الواقعة على امتداد الوادي المذكور، ولا سيما كويا وبيت آره ومعرية وحيط والقصير، ويشكل المردود من إنتاجها مصدر رزق رئيسياً لأولئك السكان.

جودة موصوفة
عدد من فلاحي المنطقة أشاروا إلى أنهم يعملون في زراعة الخضار الباكورية منذ سنوات طويلة، حيث تتوفر التضاريس المناسبة إضافةً إلى العامل المهم وهو توافر المصدر المائي سواء من النهر الذي يمتد في سرير الوادي أو من السدود السطحية القريبة، ولفتوا إلى أن منتجات محاصيل الخضار الباكورية التي يزرعونها تعتبر من أجود الأصناف، حيث يتقن الجميع العمليات الزراعية الخاصة بها ولا يبخلون في تقديم أي من مستلزمات إنجاحها، وخاصةً أنها تشكل المصدر الرئيسي لمعيشة معظم سكان المنطقة، وبينوا أن طرح المنتجات في السوق للموسم الحالي بدأ مع نهاية شهر آذار الماضي بالنسبة للكوسا والفاصولياء، أما البندورة التي لها طعم مميز ونكهة مرغوبة فتسويقها بدأ أواخر الأسبوع الماضي.

دورها مهم في رفد الأسواق بالخضار خلال فترة انتقالية

الصعوبات موجودة
ولم يخف الفلاحون معاناتهم مع هذا النوع من الزراعة، حيث أشاروا إلى الصعوبات المتمثلة بارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج من بذور ومبيدات وأسمدة ومحروقات وأجور فلاحة ونقل ويد عاملة، بموازاة قلة مستلزمات الإنتاج التي تسلم لهم وبالتحديد من المحروقات والأسمدة، بالإضافة إلى صعوبة وصول الفلاحين إلى أماكن عملهم المتوضعة على سفح وادي اليرموك أو في قاعه بسبب بقاء بعض الطرق البدائية من دون تعبيد، وكذلك تطرقوا إلى بعد منطقة الإنتاج عن مراكز التسويق والاحتياج إلى أجور نقل باهظة للمحاصيل حتى بلوغ أسواق الهال.

مغطاة أو بالحوض
مدير الزراعة المهندس بسام الحشيش بين أن زراعة الخضار الباكورية انتشرت في محافظة درعا كزراعة مغطاة ضمن الأنفاق البلاستيكية بالمناطق السهلية من المحافظة عامة، وفي قرى وبلدات منطقة حوض اليرموك المنخفضة خاصةً لكونها تتميز بالمناخ الدافئ نسبياً، وحسب إحصاءات المديرية فإن المساحة المزروعة بالخضار الباكورية في منطقة حوض اليرموك (مناطق منخفضة وضمن الوادي) تبلغ ما يقارب ٨٠٠ هكتار، أما المساحات المنفذة ضمن المناطق السهلية الأخرى (مغطاة) فتبلغ ٤٠٠ هكتار، لافتاً إلى أن أهمية هذه الزراعات تأتي من كونها ترفد الأسواق المحلية بمختلف أنواع الخضار الصيفية في وقت مبكر من فصل الربيع، وهي فترة انتقالية تفتقر فيها الأسواق إلى شتى أنواع الخضار، ومديرية الزراعة لا تدخر جهداً بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في سبيل تأمين ما أمكن من مستلزماتها وخاصة لجهة المحروقات والأسمدة.

دعم المزارعين بالكميات الكافية من المحروقات والأسمدة ضرورة لزيادة الإنتاج

لا تخلو من المغامرة
من جهته المهندس وائل الأحمد رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية زراعة درعا، لفت إلى أن هذه الزراعات لا تخلو من المغامرة، فهي مرتفعة التكاليف ومعرضة للتأثر بالصقيع الربيعي كما حدث في ربيع عام ٢٠٢٢ وحينها تعرض مزارعو الخضار الباكورية لخسائر ليست بقليلة، كما أن إنتاجية وحدة المساحة للخضار الباكورية أقل من إنتاجية وحدة المساحة في حال لو زرعت هذه الخضار في وقتها، لكن من المؤكد أن فارق أسعار هذه الخضراوات يغطي التكاليف الكبيرة والإنتاجية القليلة فيما لو وصلت إلى برّ الأمان.

خارج الخطة
وحول تقديرات إنتاج الخضار الباكورية، ذكر الأحمد أن مديرية زراعة درعا لا تخطط مساحات للزراعة الباكورية لكونها تعد مخاطرة أو مغامرة كما ذكر آنفاً، ويترك هذا الموضوع لتقدير الفلاح وإمكاناته، لكن الذي يدخل الخطط الخضار الصيفية، وبالتالي لا يتم تقدير الإنتاج من الخضار الباكورية، لكن بالطبع يتم يومياً توريد كميات ليست بقليلة إلى الأسواق من الكوسا بالدرجة الأولى والبطاطا بالدرجة الثانية، وكذلك من الخيار والفاصولياء والبندورة والخضار الأخرى.
إدراة متكاملة
حسب المهندس محمد الشحادات رئيس دائرة الإرشاد الزراعي فإن البندورة تحظى باهتمام كبير، من حيث الإدارة المتكاملة للمحصول من الري والتسميد والمكافحة واختيار الأصناف المناسبة للسوق والتصدير، ويطبق برنامج مدارس المزارعين الحقلية لإدارة المحصول وتعزيز ثقافة المنتج النظيف والخالي من المبيدات باستخدام وتطبيق المبيدات الآمنة على البيئة والأحياء المائية والنحل، وذكر الشهادات أن المساحة المنفذة بالبندورة الباكورية لهذا الموسم تبلغ نحو ٨٥٠ دونماً، تتوزع على سفح وادي اليرموك وفي قاعه بمحاذاة كل من بلدات كويا وبيت آره وحيط والقصير ومعرية، والإنتاج المتوقع من هذه المساحة ٧٥٠٠ طن، وهو يأتي ضمن فترة تكون الأسواق المحلية بأمس الحاجة إليه.
تعزيل الطرق
مصادر في مديرية الخدمات الفنية بدرعا ذكرت أنه وبناء على طلب الفلاحين وبتوجيهات من محافظة درعا، قامت المديرية وبآلياتها الهندسية بأعمال تعزيل معظم الطرقات الواصلة من بلدات كويا ومعرية والقصير وبيت آره وحيط وصولاً إلى حقول الخضار الباكورية على سفوح وادي اليرموك وفي سريره مع بداية الإنتاج، وذلك بهدف تسهيل عمليات نقل المنتجات، وهذا الأمر يتم في كل سنة تقريباً.

مقترحات بالاستصلاح
هناك مقترحات بضرورة استصلاح بعض المساحات والمواقع على سفح وادي اليرموك في سريره لاستثمارها في زراعة المزيد من الأشجار المثمرة والخضار، وبهذا الشأن أوضح المهندس خالد الخالد مدير فرع استصلاح الأراضي في درعا أنه لم يتقدم أي من الفلاحين بطلبات لاستصلاح أراض ضمن الوادي، والفرع على استعداد لتلبية أي طلبات من هذا النوع في حال توافر إمكانية وصول الآليات الهندسية (بلدوزرات وتركسات) إلى الأماكن المراد استصلاحها على السفح أو في القاع.

التحفيز مطلوب
لا شك أن محاصيل الخضار الباكورية لها أهمية كبيرة لكونها ترفد الأسواق المحلية بمختلف أنواع الخضار في فترة انتقالية تفتقر فيها الأسواق إلى شتى أنواع الخضار، ولا بد من تحفيزها وتشجيعها من خلال تخصيصها بالكميات الكافية من الأسمدة، وكذلك المحروقات ليس لتنفيذ عمليات الفلاحة والري فقط بل ولآليات نقل المحصول، خاصةً أن تحميله من أسفل الوادي والصعود به ومن ثم الذهاب به إلى مراكز التسويق البعيدة يتطلب تكاليف باهظة، ولو توافرت المحروقات الكافية بالسعر المدعوم لأسهمت بخفض تكاليف النقل عن الفلاح وخفض تكاليف المنتج عن المستهلك.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار