من يصنع الإر*ه*اب لا يحاربه
تشرين- هبا علي أحمد:
في مقابلة له مع الإعلام الأمريكي عام 2017، قال السيد الرئيس بشار الأسد: إذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تبدأ بداية صادقة في محاربة الإر*ه*اب ينبغي أن يكون ذلك من خلال الحكومة السورية، نحن هنا، نحن السوريين، نحن نملك هذا البلد كسوريين وليس أي أحد آخر، لا يمكن لأحد أن يفهم بلدنا مثلنا، وبالتالي لا تستطيع إلحاق الهزيمة بالإر*ه*اب في أي بلد من دون التعاون مع شعبه وحكومته.
تلك هي القاعدة الأساس في محاربة الإر*ه*اب، وعليه فإن استئناف الولايات المتحدة الأمريكية لعملياتها ضد تنظيم «دا*عش» الإر*ها*بي، بالتعاون مع ميلشيا «ق*س*د» الانفصالية المرتبطة بها، ليس إلّا إمعاناً في الإر*ه*اب والمساعدة على إعادة انتشاره، وإعادة تموضعه، وإعادة العمليات الإر*ها*بية إلى زخمها الذي كانت عليه قبل أن يطهر الجيش العربي السوري مساحات واسعة من الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم الإر*ها*بي.
واشنطن هيأت للحدث عبر تعزيزات عسكرية في الرقة، مع عزمها على إقامة قاعدة لا شرعية جديدة، وذلك بعد سنوات من مغادرتها المدينة، بعد أن دمرتها بالكامل، إلى جانب إعادة إحياء ما يسمى «لواء ثوار الرقة».. هذه تحركات لا يمكن بأي حال من الأحوال النظر إليها من باب محاربة الإر*ه*اب ولو بالحد الأدنى، ثم إن كانت الولايات المتحدة تقول إن التنظيم الإر*ها*بي مازال موجوداً وما زال يشكل تهديداً، لماذا أوقفت عملياتها ضده، ولماذا تستأنفها في هذا الوقت تحديداً؟
المرمى الأمريكي الأول والأخير من هذه التحركات واضح بما لا يدع مجالاً للشك وهو تعزيز الحضور العسكري الأمريكي شرق الفرات، وإعادة السيطرة على مناطق كانت تحت سيطرتها سابقاً، باستخدام أوراق متنافرة مثل «ق*س*د» و«لواء ثوار الرقة» حيث إن أي ورقة منها تحقق الغرض المطلوب تكون رابحة وتحترق الأخرى، ولأسباب تتعلق بإبعاد الجيش السوري قدر الإمكان عن «مناطق النفوذ الأمريكي» وبما يحافظ على خريطة السيطرة القائمة حالياً. وكما تشير المعطيات، فوجود الجيش السوري هناك من شأنه- إذا تحقق- إبطال «مفاعيل ومزاعم» الوجود الأمريكي في سورية، وقد ينسحب التأثير على ذلك الوجود في المنطقة برمتها، ويؤدي إلى الإضرار بالمصالح الأمريكية القائمة على السيطرة على منابع النفط السورية وسرقتها بشكل يومي. وتعطيل عمليات السطو والنهب الأمريكي اللاشرعية من شأنه لاحقاً أن يحقق انفراجات معيشية للسوريين من خلال الاستفادة من ثرواتهم النفطية وهذا مالا تريده أمريكا..
الصورة الأعم والأشمل والأهم أيضاً للتحركات الأمريكية، يمكن ربطها أيضاً ببوادر الانفراجات السياسية ومسارات الحلول التي تلوح بالأفق ولاسيما على خط تركيا حليف واشنطن في المنطقة وعضو حلف شمال الأطلسي «ناتو»، فإذا سارت الأمور بخصوص التقارب السوري- التركي إلى خواتيمها الصحيحة (والسعيدة) وهذا أمر ملح وضروري بحكم الجغرافيا وعلاقات الجيرة والأمن القومي للبلدين.. فمن شأن ذلك أن يوجه ضربة للتواجد الاحتلالي الأميركي على أرض سورية.. ومن شأنه أن يقلب الموازين إلى حدّ ما، وهو ضربة للمشروع الإر*ها*بي، فالعلاقات السورية- التركية مرهونة بوقف الدعم التركي للإر*ه*اب والانسحاب من الأراضي السورية.. وهنا أمام المشهد الأخير تأتي واشنطن لتضع العصي في العجلات.
أمام ذاك المشهد تكون ورقة الإر*ها*ب ومحاربته جاهزة وحاضرة لدى الولايات المتحدة من دون البحث طويلاً، فالصورة جداً واضحة ولا تحتاج إلى سيل من الشرح والتفسير، فالأكيد أن أمريكا لم تعد إلى الرقة لإعمارها وهي التي دمرتها، ولم تأتِ لمحاربة دا*عش وهي التي أسسته ووظفته في الفوضى والتدمير.