أبناء الجزيرة أعلنوا «نفيرهم».. نقاوم تحت راية سورية وجيشها وقائدها ولن نتوقف حتى دحر المحتل
تشرين – خليل اقطيني:
رغم أن المقاومة الشعبية في الجزيرة السورية انطلقت قبل ذلك بعام ونيّف، يمكن القول إن الـ10 من نيسان 2021 كان الموعد لانطلاق المقاومة الشعبية رسمياً في هذه المنطقة الحيوية.
في هذا اليوم تم في محافطة الحسكة «قرية الحاج بدر في ريف القامشلي» تخريج الدفعة الأولى من المقاومين/المقاتلين من أبناء العشائر، ضمن تشكيل واحد، رفع شعار «دحر قوات الاحتلالين الأميركي والتركي ومرتزقتهما من الجزيرة السورية»، الأمر الذي عدّه المراقبون نقطة تحول حقيقية في مسار المقاومة الشعبية الناشئة، والتي بدأت كإرهاصات ثورية عفوية مبكرة، قبل أن تتحول بعد حفل التخرج ذاك إلى واقع ملموس.
حفل التخرج جاء تتويجاً لمعسكر شهد تدريبات عسكرية للمئات من متطوعي أبناء العشائر، الذين هرعوا للانضمام إلى تشكيل مقاتل، عُدَّ النواة الصلبة للمقاومة الشعبية التي طالما توعد بها أبناء العشائر قوات الاحتلالين الأميركي والتركي ومرتزقتهما.
وتلقى المشاركون في المعسكر تدريبات على النيران الحيّة والأسلحة الخفيفة والمتوسطة ضمن تكتيكات محددة هدفها استنزاف القوات المحتلة وتشتيت مخططاتها وزعزعة اطمئنانها إلى استقرار وضعها وبأن أي أحد لن يجرؤ على الاقتراب منها ورفع سلاح المقاومة في وجهها.
إلى العلنية
وإذا كان هذا المعسكر أكد أن المقاومة الشعبية في الجزيرة السورية اختارت هذه المرة أن تكون علنية، فإن الحضور الشعبي الكبير للتدريبات، والذي تجاوز عائلات المتدربين من أبناء العشائر، إلى أعداد «متزايدة» من شيوخ ووجهاء القبائل والعشائر من مختلف المكونات، عكس تزايد الاحتقان والغضب على المحتل والإصرار على اقتلاعه من أرض سورية في أسرع وقت ممكن، كما قال المشرف على ذلك المعسكر عضو مجلس الشعب من أبناء المنطقة حسن السلومي، مؤكداً أن المعسكر”أقيم تلبيةً لذلك الإصرار لدى أبناء المنطقة في محاربة قوات الاحتلال وأدواتها وطردها من المنطقة، والوقوف مع الجيش العربي السوري بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد، لتحرير آخر شبر من الأراضي السورية المحتلة”.
أمن الوطن نبنيه سلماً وحرباً.. صموداً ومواجهة.. بحجر وبندقية.. بكل أبناء سورية
وأوضح السلومي في تصريح لـ«تشرين» أنه« في هذا المعسكر تم تخريج 400 مقاتل كدفعة أولى.. وهم متسلحون عتاداً وعقيدةً، ومستعدون لتنفيذ أي مهمة قتالية تُطلَب منهم».. مشدداً على «القرار المتخذ» بتوسيع قاعدة المقاومة الشعبية، كنتيجة طبيعية للظروف الراهنة التي تمر فيها منطقة الجزيرة السورية.
رديف للجيش السوري
الشيخ ضاري محمد الفارس رئيس مجلس شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل في الحسكة، يؤكد أن «الجيش العربي السوري سيجد في أبناء العشائر والقبائل العون والسند والقوة، تماماً كما هم يجدون فيه العون والسند والقوة».
أما الشيخ محمد حسناوي الجدوع، نائب رئيس مجلس شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل في الحسكة، فقد طالب «بتعزيز مفهوم المقاومة الشعبية من خلال تمكين القبائل والعشائر، بمختلف مكوناتها، للقيام بممارسة دورها الرئيس في التصدي للمحتل»، مشدداً على أن«أبناء الجزيرة السورية الشرفاء من جميع المكونات مستعدون للذود عن وطنهم بجميع الطرق التي كفلها القانون الدولي بما في ذلك القوة العسكرية».
شرارة المقاومة الشعبية المسلحة في الجزيرة السورية انطلقت بشكل عفوي
ولكن قبل كل هذا وذاك فإن شرارة المقاومة الشعبية المسلحة في الجزيرة السورية أطلقها «بشكل عفوي» أبناء قريتي خربة عمو وحامو في ريف القامشلي شمال الحسكة، في 12 شباط 2020 أثناء تصديهم لرتل أميركي مؤلف من تسع مدرعات عسكرية حاولت المرور من القرية.
وحسب شهود عيان كان رتل للاحتلال الأميركي مكون من 4 مدرعات عسكرية يسيرعلى طريق «السويس- علايا- خربة عمو» باتجاه الطريق الدولي حلب- اليعربية.
ولدى وصول الرتل إلى قرية خربة عمو سرعان ما هَبّ أهل القرية لمواجهته ومنعه من المرور، ثم انضم إليهم سكان قرية حامو، وقاموا معاً برشق جنود الاحتلال والمدرعات بالحجارة، وهم يهتفون مطالبين بخروجهم من الأراضي السورية، ومحيين الجيش العربي السوري والرئيس بشار الأسد.
وبينما كان جنود الاحتلال الأميركي وعرباتهم يتراجعون تحت وابل الحجارة التي تنهمر عليهم من سكان القريتين أطلقوا الرصاص الحي والقنابل الدخانية على الأهالي، ما تسبب في استشهاد مدني من قرية خربة عمو وإصابة آخر من قرية حامو.
وأكد الشهود أن أهالي القريتين أعطبوا 4 مدرعات أميركية، وأصابوا جندياً أميركياً بجروح.
الأمر الذي اضطر جنود الاحتلال الأميركي إلى استقدام تعزيزات للمكان مكونة من خمس مدرعات، قامت بسحب المدرعات المعطوبة، وتزامناً مع ذلك حلقت طائرات مقاتلة أميركية فوق المنطقة.
واعترف الناطق الرسمي باسم الاحتلال الأميركي مايلز. ب. كوغينز بهذه المواجهة عبر صفحته على «تويتر» في 12 شباط 2020 معلناً إصابة جندي أميركي بجروح.
هذا التصدي الذي يحدث للمرة الأولى بتصادم مسلح- وسبقته ثلاث مرات بشكل سلمي- من أبناء قريتي خربة عمو وحامو في ريف القامشلي ،عدّه المراقبون الحادثة التي أدت إلى اندلاع شرارة المقاومة الشعبية المسلحة في عموم المنطقة، ولاسيما أن أهالي هاتين القريتين دفعوا ثمن هذه المواجهة المسلحة شهيداً من قرية خربة عمو ومصاباً من قرية حامو.
الشهيد الأول
الشهيد الذي ارتقى في هذه المواجهة المسلحة الأولى، هو أول شهيد تقدمه المقاومة الشعبية في محافظة الحسكة، ضد الاحتلال الأميركي، ويؤكد شقيق الشهيد فيصل خالد محمد البري أن شقيقه كان يبلغ من العمر 22 عاماً عند استشهاده، مؤكداً أنه لا ينتمي إلى أي فصيل عسكري في المنطقة، وإنما هو مدني كان يشارك برشق الدورية الأميركية بالحجارة، وعندما بدأ الجنود الأميركيون بإطلاق الرصاص على أهل قريته من المدنيين العُزل، لم يَهُن عليه ذلك، ولاسيما أن بينهم نساءً وأطفالاً وشيوخاً، فهرع إلى منزله في قرية خربة عمو وأحضر بندقية والده، وبدأ بإطلاق النار باتجاه الدورية الأميركية دفاعاً عن السكان المتجمعين، قبل أن يتلقى ثلاث رصاصات، في عنقه وبطنه وفخذه.
الاشتباك بدأ برشق الدوريات الأمريكية بالحجارة من قبل سكان قرى في المنطقة الشرقية
ويوضح شقيق الشهيد أن الاشتباك بدأ برشق الدورية بالحجارة، من قبل سكان قريتي خربة عمو وحامو، الذين تجمعوا لمنع الدورية الأميركية من المرور عبر قرية خربة عمو، لكن جنود الاحتلال الأميركي ردوا على الحجارة بالرصاص الحي والقنابل الدخانية، وسرعان ما تطوّرت الأمور من مواجهة سلمية إلى اشتباك مسلح، مشدداً على أنهم لن يقبلوا بالمحتل أياً كان على الأرض السورية.
المقاوم الأيقونة
فتحي البرهو مواطن آخر من سكان قرية خربة عمّو التابعة لمنطقة القامشلي شمال محافظة الحسكة، يعمل عامل نظافة في بلدية القرية، وهو أب لستة أطفال، ثلاثة أولاد وثلاث بنات، قام في اليوم نفسه، الذي حدثت فيه المواجهة المسلحة بين أبناء قريته وقرية حامو من جهة وقوات الاحتلال الأميركي من جهة ثانية، وكان ذلك يوم الأربعاء 12-2-2020، بالتصدي لدورية أميركية، ولم يقم بتوقيفها فحسب، وإنما قام بإزالة العلم الأميركي عن عربتها العسكرية، صارخاً بوجه الجنود الأميركان جميعاً قائلاً:”أميركا مَن تكون، شو عم تعملو ببلدنا هون»، متابعاً:«شو بدك من هالبلد؟”.
هذه المواجهة الفردية التي قادها مواطن سوري واحد بمواجهة محتل بحجم الولايات المتحدة، غزت مواقع التواصل الاجتماعي، لتوثق عظمة انتماء وولاء السوريين لوطنهم، وقوة الإرادة والعزيمة والإصرار على مواجهة من يحاول تدنيس أرض سورية، هذه المواجهة كان لها الصدى الأوسع، لقد كان لسان حال كل من علّق عليها من أبناء قريته بالقول: إن المقاومة للأميركيين بدأت فعلياً على الأرض.
البرهو الذي لم يخف من المدرعات، وآمن بأنّ أمن وطنه لا يُبنى على الخوف، بل على ما يكتنزه من انتماء لترابه، يؤكد:”نحن تحت الراية السورية، وراية الجيش السوري وراية القائد بشار الأسد، وأيّ راية أخرى هي راية محتلّ لا نقبل بوجودها”.
وسيسجل التاريخ فعل هذا الأيقونة المقاوم وأبناء قريته المقاومين.
أقرأ ايضاً: