السلام مع روسيا .. قبل تراكم الثلوج

تشرين- ميشيل كلاغاصي:
بات واضحاً أن الأوروبيين سئموا من الصراع الأوكراني ، بعدما خرجوا مراراً للاحتجاج والتظاهر ضد استمرار الحرب على روسيا وأهدافها , وبأنهم لم يكونوا يوماً من المؤمنين بضرورة تدمير إقتصاد روسيا , وتهشيم صورتها الحضارية , وشيطنة قيادتها , وسباب فنانيها , ومنع رياضييها عن المشاركة في المحافل الرياضية , أي نوعية من السياسيين يقودون القارة الأوروبية , وهم لا يفوتون الفرص للتعبير عن عدم إيمانهم بالقيادة الأمريكية للعالم , وبضرورة ابتعادهم عن سياستها الخارجية – كما تحدث مراراً الرئيس إيمانويل ماكرون , والمستشارة ميركل , وغيرهم -.
إذا كانت الحكومات والعواصم الغربية تعتقد أن شعوبها تؤيد حربهم على موسكو , فعليهم معرفة أن الغالبية يعارضونها , وسينضم المزيد والمزيد منهم إلى معارضة حكوماتهم علناً , وسيؤدي ذلك إلى تعزيز مواقف الأحزاب الشعبية والسياسيين الذين لا يؤمنون بمشروع أوروبي موحد تحت راية الحلف الأطلسي والقيادة الأمريكية .
وسط إدراك العالم , أن الحرب الحالية التي يشنها الغرب على روسيا ليست الحرب الأولى , ويتمنى الكثيرون أن تكون الأخيرة , خصوصاً بعدما لقد أظهرت واشنطن وبروكسل وباريس وبرلين وغيرهم , انهم أشبه بـ “الكلاب البرية” غير القابلة للترويض والتدريب والتعلم من دروس الماضي القريب والبعيد , ولن تتوقف شرورهم سوى بإقتلاع أسنانهم , ويبقى السؤال , إلى متى سيستمر تسليح وتمويل المتطرفين الأوكران , وهل يعتقدون أن ما يفعونه هو طريقة لجلب السلام , وأقله للقبول بالتسوية من أجل السلام .
هل يدركون معنى غياب السلام , وكم ستكون عليه “فواتير” هذا الشتاء قاسيةً على أوروبا والأوروبيين , وهم الذين يشعرون بعواقبه الإقتصادية قبل غيرهم , وتراهم أمام أنظار العالم , يلومون ويعتبون على من أتى بزيلينسكي وحكومته ونخبه المتطرفة إلى سدة الحكم , يبدو أن الحكومات الأوروبية ستواجه شعوبها لا محالة , وعلى طريقة كرات الثلج , فكلما كبرت زاد ثقلها ووطأتها , وكارثية استمرار تدحرجها واصطدامها بجدران حياة كل أوروبي وجميع قاطني القارة العجوز .
لا تبدو أن ملامح الصحوة ستلوح قبل تراكم الثلوج , فوسائل الإعلام الغربية , المساندة لحكومتها , والمروجة لسياساتها , تبدو وأنها تستمتع بأخبار أي إخفاقٍ , أوتراجعٍ للقوات الروسية , ولا ينتظرون رؤية تداعياته أوأهدافه , ولا يمنحون أنفسهم الوقت للحكم عليه وتقييمه استراتيجياً وعسكرياً , في سعيٍ واضح لخلق أوهام الإنتصار على روسيا , على الرغم من صعوبة الحديث عن نصرٍ سريعٍ – بعد نحو ما يقارب الـ 10 أشهر لإندلاع العملية العسكرية الروسية الخاصة -, وغياب المؤشرات عن قرب توقف الحرب , في وقتٍ قد يكون الحل الوحيد حالياً , هو التدخل الدبلوماسي العاقل , وليس المضي قدماً بالتسليح والتمويل , وبتزويد حكومة وقوات المتطرفين الأوكران بالأسلحة النوعية ومضادات الطائرات والصواريخ , والدبابات التي يشتهيها زيلنسكي.
وقد يكون بعض مؤيدي حكومة أوكرانيا , بحاجة للإنصات إلى ما تنشره بعض وسائل الإعلام نقلاً عن المتظاهرين ضد استمرار الحرب , كالتي نشرتها الـ فاينانشيال تايمز, ووكالة الأسوشييتد برس: “ألمانيا دمية لخدمة مصالح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي” , “سياسة “على دعاة الحرب في الناتو التوقف عن تأجيج الصراع بين ألمانيا وروسيا وبين أوكرانيا وروسيا” , “نريد السلام مع روسيا” , “للعودة أسعار البنزين والكهرباء إلى ما كانت عليه” , “هذه حرب بايدن” , ” أوقفوا التضخم والحرب والجنون”.
وإذا كانت معارضوا الحرب على روسيا , استطاعوا حشدوا حوالي 70 ألف متظاهر في براغ وحدها , فعلى واشنطن وقيادة الناتو والإتحاد الأوروبي وصناع القرار في العواصم الغربية , قراءة المشهد , قبل أن يتحول إلى احتجاجات وتظاهرات واسعة النطاق , على غرار ما حدث في جمهورية التشيك وسلوفينيا , حينها لن يستطيع أحد التكهن حول هوية الحكومات التي ستتم الإطاحة بها , وبأي الأثمان ؟.
أوقفوا هزائمكم والحرب على روسيا , ودعوها تملي شروطها , عاجلاً وليس اّجلاً , وتضمن حقوقها وأمنها القومي , وتهدئ من روع هواجسها , التي تعدت الهواجس وأصبحت حقائق لا يمكن التشكيك بها , وقبل تراكم الثلوج , وهي التي لن تتراجع دون تحقيق الإنتصار.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار