معاناة الناس وهمومهم في “ديستوبيا”.. المخرج المسرحي مأمون الخطيب: إرادتنا بالوجود عبر المسرح تذّلل كل الصعوبات

حوار- ميسون شباني:
هو الباحث عن الدهشة، لا يستكين لحظة ولا يمل.. شغفه المسرح وفضاء الخشبة يجعله  مهتماً بكل الأدوات التعبيرية المساعدة من إضاءة وديكور وأفعال سلوكية وأسلوبية للممثلين، ولأنه مسكون بالقلق وهاجس تقديم ما يلامس هموم الناس ويحاكي أوجاعهم وآلامهم، استلهم المخرج مأمون الخطيب فكرة عرضه المسرحي “ديستوبيا”  من نص عربي معاصر للكاتب السعودي عباس الحايك  يحمل عنوان “المزبلة الفاضلة”، الذي يقوم حاليا ببروفاته على خشبة مسرح الحمراء في دمشق، وسيقدم العرض خلال تظاهرة أيام الثقافة السورية، ويشارك فيه كل من: رنا جمول ، غسان الدبس، إبراهيم عيسى ، رامي خلو، وإبراهيم عتبة..
هموم وأوجاع
حول المسرحية واختياره لهذا النص يقول المخرج مأمون الخطيب لـ”تشرين”: الفكرة ملهمة وجذابة، وحققت لي ما كنت أبحث عنه، وهو وضعنا كأناس بسطاء ما بعد الحرب، وأنا أرغب بالحديث عن همومنا وآلامنا كسوريين أو عن مأساة الءنسان عموماً، ويضيف: عوالم النص مغرية بحد ذاتها وطبيعة الشخصيات وعوالمها وماذا تعمل؟!، وأقصد مرجعيتها العالمية، لأنني شعرت بأنني أعمل في عوالم “غوركي” ، وأتمنى أن تكون محاولاتنا عبر العرض تقارب هذا المستوى من ناحية الواقع ويلامسنا نحن كسوريين.
عنوان قاس!
وحول عنوان المسرحية ومعناه يؤكد المخرج الخطيب أن عنوان “المزبلة الفاضلة “عبر المسرح له دلالات وإسقاطات ومفاهيم معينة وسيميائية خاصة، لذا أحببت أن أغير العنوان إلى “ديستوبيا”، لأن العنوان قاس، وكان لي الحق كمخرج أن أعد دراماتوج العرض كاملاً و”تبييىء” النص بشكل كامل وجعله سورياً بشكل خالص، ففقمت بتغيير عنوان النص، وطلبت اذن الكاتب لأنني لا أريد أن أعطي إسقاطاً للعنوان على مضمون العرض، فاخترت “ديستوبيا”، فلها دلالات فكما اليوتيوبيا “المدينة الفاضلة “هي مدينة متخيلة أيضاً الديستوبيا ربما تكون متخيلة.
دعم الخريجين الشباب
وبخصوص خياراته للممثلين يجيب المخرج الخطيب بأن هناك اعتمادا واضحا على جيل الشباب، وأحد أهم أهدافه بالعمل المسرحي، هو تشجيع الشباب وخاصة الخريجين في المعهد العالي للفنون المسرحية أو من في حكمهم وليس فقط الممثلين، ويضيف : عبر هذا العرض يوجد ممثلان اثنان جديدان إضافة إلى فريق السينوغرافيا جميعهم من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، وانا أدعم هذه الخطوة التي أصر عليها، إضافة إلى وجود الشركاء متل الفنانة رنا جمول ، إبراهيم عيسى ، وغسان الدبس، فالشراكة مطلوبة بسبب هذا التفاهم الموجود فكرياً وأخلاقياً، وموضوع الالتزام بمضمون العرض وتبني فكرته، فالشراكة المسرحية تُغني وتوفر جهدا وبحثا عن شريك مناسب، وأنا أفضل العمل بنظام الفرقة، وأريد أن أنوه إلى أننا في مديرية المسارح والموسيقا نظامنا فرقة ، أي نحن موجودون ضمن فرقة المسرح القومي وهذا ليس جديداً، ومعظم المشتغلين من الممثلين يعملون مع هذه الفئة من الناس يحبون المسرح وهم موجودون معنا كفرقة، وأغلب المخرجين المشتغلين في المسرح القومي لديهم هذا النوع من الشراكات، وأعتقد أن نوع العرض يفرضه النص ، وهو يحتمل العمل بأساليب أداء متعددة في أكثر من مكان، وكأسلوب إخراجي لا أتوقف عند الواقعية، بل نذهب باتجاه التجريب والعبث بالأداء بحد ذاته، والإضاءة لها شكل خاص بها لكون شكل المكان المفترض قريبا من مكب أنقاض، وسنحاول أن نحيي هذا المكان عن طريق السينوغرافيا، وأتمنى أن نوفق بتقديم هذا الشيء خاصة أننا نعمل ضمن إمكانات مسرحية بسيطة، وإرادتنا بالوجود في المسرح تذلل كل الصعوبات ، وشغفنا به وإصرارنا هما سبب الاستمرار بعملنا بغض النظرعن الإمكانات و التدخلات التقنية، كما أسعى للوصول إلى عمق الحكاية المسرحية والظروف التي عاشتها شخوصها ، وإلى أين وصلوا، وهذا بالنسبة لي أهم من التفكير باستحضار التقنيات إلى العرض.
ديكتاتورية ديمقراطية
وعن وصفه كديكتاتوري في قيادة العرض وأسلوب تعامله مع الممثلين يجيب المخرج الخطيب ضاحكاً: أنا ديمقراطي إلى درجة معينة، وأسمح للممثلين بالارتجال، وأعمل مع الممثلين على المشهد وكيف يرتاحون ، وإلى درجة توافق المنطق وسياق النص، ولكن نصل إلى مرحلة ما بعد الإرتجال وهي التثبيت وإعادة إنتاج المشهد والإنطلاق تجاه العرض المسرحي بكل تفاصيله وأبعاده وكما هو مرسوم بما يتواءم مع الرؤية البصرية النهائية.