“جدارية الخيول” للنحّات هشام المليح تزيّن ضريح “زهر الدين”
رنا بغدان
تهاداها الملوك والسلاطين، وتبارى في اقتنائها الأمراء والنبلاء، وحرص المستكشفون على جلبها حيثما حلّوا، كما زيّنت جدران الكهوف منذ غابر الأزمان مخلّدة الوقائع والمآثر والأحداث.. إنها الخيول التي احتلت مكانة مهمة في الثقافات الإنسانية عند العديد من شعوب العالم وأضحت موضع اهتمام الإنسان الذي ارتبط بها لتكون خير رفيق في حلّه وترحاله لما تحمله من صفات خَلقية وخُلقية أنعم الله بها عليها ولتصبح مفردة تشكيلية قابلة للتجريب الإبداعي فريدة وممتعة بمظهرها ودلالتها الرمزية والجمالية لإبراز عمق أفكارٍ ورؤى وخيالات متعددة ضمن لوحات الخطاطين والحرفيين والفنانين من جميع المدارس التشكيلية عبر كل العصور.. من هنا انتهى مؤخراً الفنان التشكيلي والنّحات هشام المليح من إنجاز جداريتين فنّيتين زيّنتا ضريح الشهيد عصام زهر الدين في قرية “الصَورة الكبيرة” في محافظة السويداء.. عن هذا العمل الفنّي وتفاصيله تحدّث النّحات “المليح” في تصريح خاص لـ”تشرين” فقال: استغرق إنجاز هذا التشكيل الفني حوالي تسعة أشهر من العمل المتواصل فقد تمّ تنفيذه في دمشق من الصلصال ومن ثمّ من الـ”ريزين” وتقسيمه إلى مقاطع تشكل عند جمعها طول 14 متراً وعند انتهاء العمل تمّ نقل المقاطع إلى قرية “الصَورة الكبيرة” في محافظة السويداء وتركيبها وتعتيقها لتصبح أكثر جمالية.
ويتابع النّحات هشام فيقول: يتكوّن العمل من جداريتين على شكل جناحين يحيطان بالضريح تمتدّ كل منها على مسافة 14 متراً وعلى ارتفاع يصل في بعض نقاطه إلى 4 أمتار, وتمثل الأولى منها لوحة حروفية ضمت بيتين من الشعر يتحدثان عن الشهادة يقولان:
“خير المطالع تسليم على الشهدا
أزكى الصلاة على أرواحهم أبدا
فلتنحنِ الهام إجلالاً ومكرمة
لكل حرّ عن الأوطان مات فدا”
فيما تمثل الثانية لوحة فنّية لخمسة خيول في حالة جري.. فقد فرضت الخيل نفسها على الأعمال الفنية وتربعت بمظهرها الجميل ورموزها المتعددة على اللوحات العديدة فهي رمز القوة والجمال والحب والوداعة والصبر والدقة والسرعة والوفاء والإخلاص والاتزان كما تعدّ إرثا تاريخياً يتعلّق بالبطولة والوطنية بما تمتلك من الرونق والخيلاء والقدرة الهائلة على المقاومة والاحتمال وشدة الاعتماد على النفس.
يذكر أن الفنان النّحات هشام سليمان المليح خريج كلية الفنون الجميلة- قسم النحت 2005, مدرّس ومُشرف على مادة النحت في المركز التربوي للفنون التشكيلية وقد اقتنت وزارة الثقافة عدداً من أعماله كما نال العديد من الجوائز وشهادات التقدير منها الجائزة الأولى بالنحت في “معرض الربيع” 2016, وشارك في العديد من المعارض الجماعية داخل سورية وخارجها إضافة إلى المعارض والأعمال الفردية التي زيّنت مناطق كثيرة في دمشق منها نحت شجرتين لمشروع “حكاية شجرة” بارتفاع 16 متراً في حديقة المنشية تحت جسر السيد الرئيس, ونحت شجرتي “المرأة والكتاب” و”وجه مينرفا” في منطقة القصاع.. وله مشاركات عديدة محلياً وعربياً ودولياً..