“أماني” هل يحقق الطفل السوري .. أحلامه وتطلعاته في زمن الحرب!
ميسون شباني:
الطفولة ذاك العالم الغني بالحكايا والتفاصيل وأحلام المستقبل، غدت مادة دسمة للكثير من الكتّاب ومخرجي الفنون بمختلف أشكالها خاصة بعد ظروف الحرب الإر*ها*بية على سورية التي اختلفت فيها كثير من معطيات تعاطي الطفل مع المحيط به وأنهكت دواخله وباتت تحمل وجعاً بدلاً من حلم يصبو إليه، وجع بما يحمله من آلام الحرب التي عاش تفاصيلها، فهل غدت الأماني والأحلام بعيدة عن مناله؟.
الطفولة في زمن الحرب هي الحكاية التي تدور حولها قصة فيلم “أماني” للكاتب والمخرج السينمائي محمد سمير طحان في فيلمه الروائي القصير الأول، الذي قام ببطولته : أسامة الروماني، نجاح مختار، صباح السالم، مادونا حنا، مضر عساف، والطفل حمود أبو حسون والطفلتان أليسار نعمان وروسيل إبراهيم، ومن إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
حول فكرة الفيلم ومضمون ما يحمله؛ قال المخرج محمد سمير طحان لـ”تشرين” : إن العمل يأتي ضمن المشروع الثقافي والفني الذي أعمل عليه لإعادة بناء الإنسان السوري بعد سنوات الحرب، والفيلم الذي نال نصه جائزة سيناريو سينما الأطفال مناصفة العام الماضي في المؤسسة العامة للسينما يطرح مفهوم الأمان والأمنيات لشريحة الأطفال الذين فرضت عليهم الحرب ومفرزاتها ظروف حياة قاسية وحرمتهم من التعليم، كما يتطرق بالوقت ذاته إلى قضية عمالة الأطفال بمهنة تفتقد أدنى الشروط الإنسانية، من خلال قصة الطفل “كريم” الذي يجبره زوج والدته على العمل معه في جمع المخلفات من حاويات القمامة، ومن خلال الشريط يتم رصد قصة هذا الطفل بما يمتلكه من شغف وحماس لكل ما هو فني وجميل مع امتلاكه شعوراً عالياً بالمسؤولية تجاه طفلة لا يعرفها يحاول إنقاذها من سجنها الذي عرّف به من خلال رسالة مرمية في إحدى حاويات القمامة، ولكن المفاجأة تأتي في ختام الفيلم ليضع المشهد الأخير كل المعنيين بمستقبل الطفولة أمام مسؤولياتهم في صون هذه الفئة وأمانها وأمانيها ليكونوا عماد الوطن في المستقبل.
وبخصوص اختيار الممثلين نوّه المخرج طحان إلى أن الممثلين يجب أن يتبنوا مقولة هذا العمل ورسالته كي يكونوا جزءاً منه، كما لعب دوراً كبيراً في ذلك كل من الفنان الكبير أسامة الروماني الذي أبدى حماسه للنص والدور ورسالة الفيلم بشكل عام وتوجه العمل، والفنان جمال العلي تبنى مقولة العمل، وجميع المشاركين في الفيلم، خاصة أن الأطفال لهم وضع خاص فيه، والأجمل كانت حالة التناغم والتوليفة بين عدة أجيال اجتمعت في هذا الفيلم، وأعتقد أن الاقتراب من عالم الطفل كان هو المعيار في صوغ مشاهد الفيلم كلها لكونه يحاكي شرائح المجتمع كلها، وجمهورنا في هذا الفيلم ليس من شريحة عمرية محددة وإن كان ضمن قالب سينما الأطفال إنما لا يحاكي العالم السحري والبهرجة كالذي اعتادها الأطفال من أفلام إنما هو فيلم واقعي يقترب من عالم الطفل بنظرة واقعية قريبة من هذا العالم، بشكل أكثر التصاقاً ومن دون إغفال الواقع المحيط بقسوته.
وبخصوص اختيار مواقع التصوير يذكر: إنها كانت تخدم المشهدية التي أردتها، وتطّلب منا بحثاً كثيراً عن أماكن مناسبة سواء في بيت العائلة أو في البناء المفترض أن يقتحم الطفل للبحث عن الطفلة “أماني” ووجدت ما أصبو إليه وما يخدم الحالة الدرامية والبصرية للفيلم.
وعن التعديلات على أرض الواقع؟ يجيب طحان بأنه حاول المواءمة بين ما كتبه على الورق وبين ما تخيله على أرض الواقع بما ينسجم ويحقق الرؤية المطلوبة، وتبقى العمليات الفنية هي التي ستحكم على المنتج ومدى جودته لنخرج بالنتيجة التي نصبو إليها.
وأشار طحان إلى أن طرح قضايا كبيرة عبر السينما يجب أن يعتمد على تفاصيل صغيرة تلامس شغاف ووجدان الجمهور والمتلقي كي يوجد هذا التقاطع بينه وبين طرح القضية، لأن طرحها بشكل فج ومباشر قد لا يخدمها عبر العمل الفني، لأن العمل الفني يحتاج إلى تيمة وتشويق ومتعة وتفاصيل كثيرة، كي تشّد المشاهد، والقضية التي نطرحها تكون في الخلفية، وعبر اللاوعي نمرر ما نريده كقضية عمالة الأطفال، ورعاية الأيتام، ومحاربة تعنيف النساء وتمكينهن، ورعاية المواهب الصغيرة، والتعليم ومحاربة التسرب من المدارس، ومحاربة الأعمال غير الإنسانية، وأيضاً هناك قضية التصاق النخب بالواقع وألّا يكونوا منعزلين ومنظرين ونرجسيين وأنانيين بما يدعونه من شعارات تدّعي حماية التعبير عن الشعب، كل هذا تعرضنا له بطريقة غير مباشرة، إضافة إلى موضوع التنمر واللامبالاة كلها قضايا طرحت عبر هذا الفيلم بطريقة تحترم عقل المشاهد.