زيارة بيلوسي إلى تايوان تفتح أبواب جهنم في المحيط الحيوي للصين
ميشيل كلاغاصي:
تابعت وسائل الإعلام الدولية زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان بقلقٍ شديد, وسط التحذيرات الصينية شديدة اللهجة, وتحمّلت الصين لوم الكثيرين لعدم تنفيذ تهديدها , في وقتٍ لن تمنح فيه الصين العجوز الأمريكية الشمطاء فرصة جعلها “بطلةً الديمقراطية” في نظر الأمريكيين والعالم , وأظهرت “صبراً إستراتيجياً” حكيماً سيساعدها على استخدام أخطاء الولايات المتحدة لتغيير الوضع بشكلٍ جذري وسريع ، على غرار ما حدث في هونغ كونغ عبر عدة سنوات.
الصين تجنبت الانجرار إلى مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة , تحت عنوان قصف طائرة رئيس مجلس النواب الأمريكي, على الرغم من ثقة الصين بعدم قدرة واشنطن على تحمل نتائج الحرب, وفي وقتٍ لا تفكر فيه الصين بالانتحار وبتدمير العالم, كما تفعل الولايات المتحدة , من أجل الحفاظ على مكانة أشرارها في الدولة العميقة والبنتاغون والبيت الأبيض.
وعلى عكس ما رآه العالم وحدها العجوز نانسي بيلوسي , عدّت أن الهدف الرئيس لزيارتها تايوان هو “دعم الديمقراطية” “المشرقة والديناميكية” , وبأن بلادها تسعى إلى المزيد من الحوار والتعاون مع تايبيه , وبأنه يتوجب على بلادها دعم تايوان أمام ما سمته ” تهديدات بكين المتزايدة”.
في حين تحدثت الصين عن تدمير واشنطن للسلام في المنطقة من خلال تقويض مبدأ “الصين الواحدة” , الأمر الذي تعدّه خطاً أحمر , وتوجهت بتهديد ووعيد تايوان بـ “كارثةٍ كبيرة”, وأطلقت تدريباتها العسكرية في منطقة مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي .
مهما كان الهدف الحقيقي للزيارة , لكنها تأتي في سياق الجنون الأمريكي, محاولاتها لتصفية أعدائها, وأقله لإلهائهم بحروب محلية في مناطقهم, لإضعافهم وكسب الوقت على أمل وقف انهيار وتراجع الولايات المتحدة , أمام الصين بشكل خاص, والتي ترى فيها “العدو اللدود” .
وكي لا نتهم واشنطن جزافاً , تحدث الرئيس جو بايدن في بيانٍ أثناء زيارته لليابان مؤخراً : إن “الولايات المتحدة مستعدة للتدخل عسكرياً للدفاع عن تايوان” , كذلك قوله قبيل زيارة بيلوسي لتايوان :” إنه سيمنع الصين من تجاوز الولايات المتحدة لتصبح أقوى وأغنى دولة في العالم , وهذا لن يحصل في عهدي” , في وقتٍ يبدو فيه أن الأمر يتخطى شخص الرئيس الأمريكي, ويمس صلب العقيدة الإستراتيجية الأمريكية التي أعلنت أن الصين “عدوها اللدود” , وباعتبارها لا تستطيع إثبات تفوقها على الصين من خلال المقاييس الاقتصادية , فإنها تفعل ذلك من خلال تأكيد نفسها عسكرياً وسياسياً ، وللولوج إلى الداخل الصيني لمصادرة القرار السياسي والاقتصادي من داخل الحدود .
وقد دأبت الولايات المتحدة على توجيه الاتهامات للصين, وبأنها تقف عقبة أمام امتداد “الديمقراطية” إلى مناطق اّسيا الوسطى ومنطقتي المحيط الهندي والهادئ , وفي هذا السياق شنت إدارة الرئيس الأسبق دونالد ترامب حملةً قوية ضد الصين تحت عنوان “الكورونا الصيني” , واليوم تحاول دفعها نحو عملية عسكرية في تايوان تحت عنوان “الغزو الصيني” على غرار “الغزو الروسي” لأوكرانيا , لتشويه سمعة الصين, من دون أن تأبه بزعزعة أمن واستقرار المنطقة الاّسيوية والعالم , وبأنها قادرة على “الإفلات من العقاب” – بحسب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف .
من الواضح أن مرحلة ما بعد زيارة بيلوسي ستختلف عما قبلها , وتوقعت صحيفة الـ واشنطن بوست أن تكون “ردة فعل بكين على تايبيه تدريجية , على الصعيد العسكري والاقتصادي , الأمر الذي سيزيد من وتيرة وشدة التنافس بين الولايات المتحدة والصين ، وستقع تايوان وسط الحريقين “.
المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية , أكد أن زيارة بيلوسي “تنتهك سيادة الصين وسلامة أراضيها” وتقوض بشكل خطير الأساس السياسي للعلاقات الصينية- الأمريكية , فعلى الرغم من متانة العلاقات الأمريكية- التايوانية , لكنها تبقى غير رسمية , ويلخص البيان المشترك لجمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية لعام 1979 , اعتراف هذه الأخيرة بحكومة جمهورية الصين الشعبية باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين ، وبالموقف الصيني المتمثل بوجود صين واحدة وبأن تايوان جزء منها.
وعلى الرغم من تصريحات مسؤول الأمن القومي الأمريكي جون كيربي , بأن واشنطن “لا تدعم استقلال تايوان” , إلّا أن الزيارة تمثل انتهاكاً واضحاً للسيادة الصينية, وتقود نحو المزيد من التصعيد والتوترات في المنطقة والعالم , وتشي بمحاولات واشنطن للابتعاد عن نص اتفاق 1979 ونسفه, والدفع بالمزيد من الدعم للنزعة الانفصالية في تايوان, بما يهدد الأمن القومي الصيني . إن دعم فكرة الصدام المباشر بين واشنطن وبكين , يبقى محفوفاً بمخاطر تدمير الحياة على سطح الكوكب , فلجوء الصين إلى سياسة الضغط والحصار؛ الجوي , والبحري , والاقتصادي , سيدفع الدولتين النوويتين إلى حربٍ مفتوحة , في وقتٍ لا يبدو فيه أنه الهدف الحقيقي لكلا الطرفين.