ما قبل «سويفت»

مها سلطان

لنبدأ من عام 1922 من مدينة جنوة الإيطالية التي جمعت في نيسان من ذلك العام 34 دولة للتباحث في نتائج الحرب العالمية الأولى، وكان من بين مخرجات الاجتماع الاعتراف بمعاملة العملتين الأساسيتين آنذاك، البريطانية والأميركية، بالذهب كإجراء يعيد التوازن للسوق العالمية بعد سقوط معيار الذهب خلال الحرب. بعد عقد من الزمان، ظهرت الأحلاف النقدية. حلف الإسترليني (1931) ثم حلف الدولار (1933) ثم حلف الفرنك الفرنسي وغيرها.

بموجب هذه الأحلاف، كان أعضاء الحلف يودعون المبالغ في بنوك الدولة المركزية للحلف وبعملتها، لتقوم تلك البنوك بإدارة مدفوعات الأعضاء، التمويلية والتجارية. وكان على الدولة التي تريد أن تتعامل تجارياً مع دولة ما من خارج الحلف أن تحظى بموافقة «مركزه» لكي يتم إجراء تبادل العملات بناءً على وزنها الذهبي.

استند هذا الشكل النقدي بالدرجة الأولى إلى التوسع الاستعماري العسكري المباشر والهيمنة السياسية لكل من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا.

استمر هذا الوضع بعد مؤتمر«بريتون وودز» الشهير 1944 الذي تقرر فيه اعتبار الدولار عملة احتياطية تُستخدم للمدفوعات الدولية، وذلك على الرغم من الاعتراضات بسبب المخاوف من أن تنتقل مشكلات الاقتصاد الأميركي إلى الساحة الدولية، وهذا ما حدث فعلاً. ففي نهاية الخمسينيات، فاض ميزان المدفوعات للدول الأوروبية الغربية واليابان بعد أن استكملت عمليات بناء ما دمرته الحرب العالمية الثانية، إذ تراكمت الدولارات في خزائن هذه الدول، وهو ما يتعارض مع مبدأ «ندرة الدولار» المتفق عليه في بريتون وودز.

كيف حدث ذلك؟

الولايات المتحدة كانت تعتمد في انخراطها بالعمليات الإنتاجية خارج حدودها (بعد الحرب) على تصدير الدولار الورقي المرتبط بنشاط الشركات متعددة الجنسيات، أما عائد هذه الأنشطة، فأصبح لا يعود بالكامل إلى الولايات المتحدة، ليعوّم كله أو جزء منه في الخارج في دورة إنتاج جديدة أو في أنشطة المضاربة. هذا الفائض الدولاري العابر للحدود، فاقم الشكوك لدى الدول، فبدأت تطالب بإبدال احتياطيات الدولار بالذهب، أي استعادة الذهب من الولايات المتحدة وإيداعه في البنوك المركزية للدول المعنية لتقوم بمهام إصدار النقود، بهدف التحكم بحجم الدولار في الأسواق المحلية.

وبسبب عمليات التحويل، انخفض الاحتياطي الذهبي في الولايات المتحدة بمقدار 5.1 مليارات دولار مع نهاية الستينيات، وارتفع عجز ميزان المدفوعات لعدم القدرة على منافسة تدفق البضائع. وفي الوقت نفسه، لم يكن ممكناً تخفيض سعر الدولار مقابل الذهب باعتباره عملة احتياطية ووسيلة دفع دولية.

*** تأسيس سويفت

شكل هذا الأمر أزمة كبرى للولايات المتحدة خرجت منها عام 1971 عندما أعلن نيكسون فك ارتباط الدولار بالذهب وربطه بالنفط ليظهر بعد ذلك بعامين (1973) نظام سويفت الذي دخل حيز التنفيذ في عام 1977 في إطار فوضى لأسعار الصرف من جراء التعويم الصادم للدولار.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار