روايتنا والروايات المترجمة!
صحيح أن أغلب رواياتنا العربية قد لا تضاهي بشواغلها الفنية، ولا بشواغلها الفكرية، بعض الروايات الأجنبية، لكن هل أغلب القرّاء الذي يتباهون بعدم متابعة الروايات العربية يعرفون الفروق بينهما؟
ونستطيع الزعم أيضاً أن معظم القرّاء العرب للرواية لا يعرفون من هم كتّاب الرواية، ليس في بلدهم وحسب بل في مدينتهم حيث يعيشون، ومع ذلك تجدهم يتباهون بمتابعة الروايات المترجمة، قائلين لك ، إن اقترحت عليهم استعارة رواية عربية ما، هل هي جميلة ؟ وكأن واحدهم يعرف لماذا نقول عن الرواية جميلة أم لا، ناهيك بذلك أن ثمة كتّاباً من أجناس غير الروائيين، لديهم الفكرة ذاتها، أما النقاد فهم ينقسمون ويتوزعون بين مادح ومنصف وظالم. والمنصفون منهم هم القلّة، يشيدون بروايات الكتّاب بتعدد أجيالهم، بنقد موضوعي، لكننا لا نعدم وجود مشتركات بين بعض القرّاء وبعض النقاد غير الموضوعيين، في حالتي المديح والذم، فإن كانت الرواية لصديق أو قريب (كاتباً أو كاتبة) فإنك لتجد المديح يضعها في قمة الإبداع، رواية لا مثيل لها.
فالقرّاء الذين يفضلون قراءة رواية مترجمة على رواية عربية يشبهون الذين يفضلون السلع الإيطالية ويغرقون بمديح صناعتها على استخدام السلع الوطنية، رغم المفارقة التي ليست لصالح الأدب. فما يتوافر لصناعة سلعة من مستلزمات الحياة المادية لا يتوافر لصناعة سلعة من مستلزمات الحياة المعنوية، فلكل شروطها ومقوماتها. وربما نعزو مثل هذا التشنج في الإعجاب والرفض، إلى إقبال القرّاء على متابعة فن الرواية التي اهتمت بها دور نشر وجوائز عديدة من قبل بعض الهيئات، كما لم يتم من قبل سنوات لا تتعدى ربع قرن من الزمن، وهذا ما دفع بالعديد من الكتّاب إلى التوجّه لكتابتها فأنتجوا فيضاً من الروايات الرديئة التي أساءت لفن الرواية عامة، لكن من الظلم وضع كل المنتجات الروائية في كفة ميزان واحدة، والحكم عليها بأنها سلعة غير جيدة، من دون أن ننتبه إلى أن الرداءة في هذا الإبداع موجودة في ثقافة أي بلد تترجم منه روايات جيدة. فمن الذي أحصى، على سبيل المثال، كم رواية تصدر في اليابان وكم رواية ترجمت من لغته وكانت تستحق التقدير؟ فما يتوافر للروايات الأجنبية كما لمبدعيها، لا يتوافر لروايتنا ولمبدعيها، وخاصة من اهتمام دور النشر والمجلات والنقاد، وإرث لهذا الجنس الإبداعي.