التغيرات في الدخل
تتلقف الأوساط العاملة بالمؤسسات العامة والخاصة الأخبار المتعلقة بالأجور والرواتب بشغف، متطلعة إلى زيادة الوفورات في الموازنة العامة إلى مستويات تحقق بعض العدالة للأجور والرواتب للعاملين، ولاسيما بعد رفع أسعار وأجور الخدمات الأساسية من اتصالات وكهرباء ومياه وبنزين وغير ذلك.. فبينما تقف الأجور والرواتب عند حدود وخطوط لا يمكن تخطيها تجد الأسعار تحلّق من دون أي ضوابط أو توقعات، الأمر الذي يجعل الدخل غير ثابت من حيث قدرة الموظف على الشراء، فما تشتريه اليوم ويعادل طقم كؤوس شاي على سبيل المثال بعد عدة أسابيع الدخل نفسه تشتري به كؤوساً أقل بثماني أو سبع كؤوس بدلاً من عشر كؤوس، ويمكنك أن تقيس على ذلك ما تشاء .
هذه الفجوة في الدخل ليست وليدة أزمة راهنة وحسب بل هي بمنزلة معادلة أزلية؛ الراتب ضعيف ومتآكل وغير قادر على تلبية المتطلبات الأساسية للأسرة ولا حتى للفرد الأعزب .
والسؤال: هل يوجد اليوم من يتمنى أن يلتحق أبناؤه بالوظيفة العامة؟! غير من يعانون البطالة والعوز الشديد؟!
لقد مضت سنوات والعاملون في ترقب لبرنامج إصلاحي حقيقي للوظيفة العامة، ولعل خريجي المعهد الوطني للإدارة العامة كانوا من أوائل من حصلوا على ضمانات ووعود بإصلاح الوظائف العامة منذ تأسيس المعهد عام 2003 م ولا تزال الآمال معقودة على قوانين وتشريعات تعيد الروح للمؤسسات العامة والعاملين فيها.. ولا ندري هل الحصار والعقوبات يمكن أن تكون سبباً في تأخر هذه التشريعات؟ كل شيء ممكن!
وبالعودة إلى مطالبات رئاسة مجلس الوزراء الوزارات المعنية والمؤسسات التابعة لها بإعداد صكوك ومشاريع تتناسب مع طبيعة عمل كل جهة نفاجأ بأن هذه المشاريع والدراسات تقابل بالرفض.. والإعلام أنموذجاً!
والسؤال المهم: هل يمكن تخيل أوضاع المؤسسات العامة في حال تسرب العاملين من ذوي الخبرة والكفاءة؟ وهذا ما يحصل على مرأى ومسمع الجميع.
الإصلاح يبدأ من إصلاح الوظيفة العامة وأوضاع العاملين فيها.. والحديث عن التطوير وزيادة الإنتاج والحوافز عندما يكون الموظف غير قادر على إعالة أسرته ومثقلاً بالهمّ والحزن والدّين بات كأنه حبر على ورق.