تعزيز الشراكة الإستراتيجية مع إيران

اتخذت العلاقات السورية الإيرانية منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 بعدها الإستراتيجي من خلال تلاقي إرادتي البلدين وحرصهما على تعزيز التعاون في جميع المجالات ورفض الإملاءات الخارجية والتدخلات الأجنبية وتطابق الرؤى والتشاور المستمر لإيجاد الحلول لقضايا المنطقة والتأكيد على الحقوق العربية الثابتة في مقدمتها القضية الفلسطينية واستعادة سورية للجولان المحتل.
لقد أدرك الزعيم الراحل حافظ الأسد أن الثورة الإسلامية في إيران قد أعادت إيران إلى وضعها الصحيح في طليعة الدول الإسلامية التي تدعو إلى العدل والحرية ومكافحة الظلم وتحرير الشعوب.. واعتبر أن هذه الثورة تشكل إضافة نضالية إلى شعوب العالم المناضلة من أجل الحرية وتتحمل المسؤولية في مواجهة مؤامرات الاستكبار العالمي والصهيونية العالمية ضد العالم العربي والإسلامي.
لقد عارضت كثير من الدول العربية آنذاك التقارب مع إيران ولكن الزمن أكد صوابية القائد المؤسس والتي سار على نهجها السيد الرئيس بشار الأسد ونحن لسنا بصدد الحديث عن الماضي ولكن في ضوء التطورات المستقبلية والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية كيف سنبني قاعدة متينة لسورية للعبور إلى المرحلة القادمة.
نحن في المرحلة القادمة سنكون أمام تحديات تتمثل في قطاعات الكهرباء والنفط والإعمار.
الشركات الأجنبية التي كانت قبل الحرب سواء الكندية أو الأمريكية بالنسبة للنفط لن تعود مرة أخرى بقرار سوري والاستثمارات في هذا القطاع تحتاج رؤوس أموال كبيرة وهنا تطفو على السطح الشركات الإيرانية للدخول في هذا المجال بحيث تقوم وفق صيغ عقود تتضمن تخديم المناطق التي ستعمل بها من طرقات ومياه وصرف صحي وكهرباء أسوة بالشركة السورية لنقل النفط ABC في الخمسينيات.
لقد أثبتت الشركات الإيرانية جدارتها العالمية في مجالات البناء والطاقة ومنها شركة أزاراب ومبنى ونام فاران وغيرها من الشركات الإيرانية الرائدة، وبرأي سياسة الحكومة يجب أن تركز في المرحلة القادمة على زيادة التشبيك الاقتصادي مع إيران من خلال عدة مجالات في مقدمتها :
مجال الطاقة الكهربائية و توقيع عقود مع الشركات الإيرانية إما لتجديد وصيانة محطات الكهرباء القائمة أو إنشاء محطات جديدة بحيث تتيح للشركات الإيرانية بيع جزء من الإنتاج لاسترداد رأس المال، ومن جهة ثانية نكون في طريق الحل لمشكلة الطاقة الكهربائية جنباً إلى جنب مع الطاقات البديلة.
في مجال النفط أيضاً الدخول في شراكة تضمن الاستكشاف وإعادة الضخ وتطوير المصافي ويمكن أن تمتد الشراكة لثلاثية مع شركات صديقة أخرى في حال نقص التقنيات والتكنولوجيا لدى الجانب الإيراني بحيث يساهم بالتمويل ويمكن للجانب الإيراني الحصول على حصته من النفط الخام بشكل عيني.
في مجال البناء أيضاً يمكن الدخول في شراكة إستراتيجية لإنشاء تجمعات سكنية ضخمة ومخدمة وبيعها بالتقسيط الطويل المدى وليكن لثلاثين عاماً أو أكثر عبر الحصول على قرض تنموي طويل المدى، وهنا تكون الفائدة متعددة: الشركات الإيرانية ستعمل بأقصى طاقتها من جهة وستعتمد على اليد العاملة المحلية أي تخفيض البطالة من جهة ثانية وتشغيل الورش المحلية لإكساء وفرش الشقق أي تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وحلّ مشكلة الشباب العاجز عن الزواج في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات والمفروشات.
لقد أثبتت العلاقات السياسية والعسكرية الإيرانية السورية صلابتها ومتانتها خلال عقود من الزمن جعلتها تنجح في إفشال كل المخططات الخارجية والآن جاء موسم الحصاد الاقتصادي لهذه العلاقات فيجب العمل بكل سرعة باتجاه تعميق الشراكة الإستراتيجية الاقتصادية مع إيران.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار