اقتصاد البيع على الطرقات.. تجارة رائجة تفتقد التنظيم وبأسعار متفاوتة
رشا عيسى
اقتصاد على الطريق أو البيع على الطرقات تجارة قديمة جديدة لصغار التجار يعرضون منتجات زراعية تجد إقبالاً جيداً من أهالي دمشق نظراً لانخفاض أسعارها مقارنة بمحال بيع الخضار، وسط غياب لتنظيم هذه الأعمال وكذلك تفاوت بالأسعار من بائع لآخر، بالتزامن مع وجود نساء ورجال ابتكروا مهنة موسمية جديدة تقوم على فصل حبات الفول والبازيلاء مقابل مبلغ مادي للكيلو الواحد ويتواجدون وسط الأحياء السكنية.
تجارة تحولت إلى رائجة مؤخراً، حيث باستطاعة أي متجول في دمشق خلال هذه الفترة من السنة أن يشاهد السيارات الجوالة تقف على مداخل العاصمة أو أطرافها أو بالقرب من كراجات الانطلاق ، وتبيع منتجات زراعية موسمية كالفول والبازيلاء، ويتم البيع بصندوق كرتوني, حيث يصل سعر كيلو الفول إلى1800 ليرة والبازيلاء إلى 3000 ليرة, لكن الشرط أن يتم شراء الصندوق كاملاً ويبلغ وزنه وسطياً بين ١١ و١٣ كيلوغراماً وأحياناً يصل إلى 20 كيلوغراماً حسب سعة الصندوق الكرتوني.
أبو محمد أحد هؤلاء التجار يقف بسيارته المملوءة بالفول الأخضر على اوتستراد العدوي, يقول لـ«تشرين»: إنه يتشارك مع ابن عمه تكاليف النقل, حيث قام بشراء الفول من سعسع، وتشاركا معاً عملية التحميل في الشاحنة بمساعدة ولديهما لتقليص التكاليف ولتحقيق مربح جيد.
ويضيف: إنه يواظب على البيع بهذه الطريقة، وإن أسعاره منخفضة مقارنه بالسوق ولكنها أيضاً أعلى من السعر في سوق الهال، مبيناً أن بضاعته طازجة وتلقى رواجاً لدى زبائنه من السيارات المارة أو من القاطنين في تلك المنطقة، موضحاً أنه أحياناً يستعين بولده لإيصال هذه المنتجات إلى المنازل المجاورة بناء على طلبهم.
بدورها قالت السيدة إلهام عطا الله إنها اشترت من السيارات الجوالة بغرض المونة من الفول والبازيلاء , حيث وجدت الفول ممتازاً من حيث النكهة والكمية التي حصلت عليها بعد فصل حبات الفول عن قشورها ، أما البازيلاء فلم تكن بالجودة ذاتها, حيث وجدت الكثير منها فارغاً وبحبات صغيرة جداً.
إلى جانب هذه السيارات أيضاً ينتشر وجود رجال ونساء ابتكروا مهنة موسمية جديدة تقوم بالعمل على فصل حبات الفول والبازيلاء بسعر يتراوح بين 300 و 500 ليرة للكيلو حسب المنطقة، وتلقى رواجاً أيضاً لسرعة إنجاز هذه الأعمال وبسعر يعد مقبولاً نسبياً للراغبين بذلك.
وتقول السيدة أم أحمد إحدى العاملات بهذه المهنة إنها تجد الأمر ممتعاً وكذلك مدر لدخل إضافي, حيث تقصدها ربات المنازل لتجهيز حبات الفول والبازيلاء بغرض المونة، وكذلك بعض المحال التجارية التي تزودها ببعض الصناديق الكرتونية لفصلها ثم ليعاد بيعها مفرّزة لمن يرغب بذلك، وبعد فصل الحبات تعمل على فرزها حسب الحجم وإعادتها إلى التجار لتعبئتها بأكياس نايلون كل كيلو على حدة.
من جهته قال عضو اتحاد الغرف الزراعية الدكتور مجد أيوب لـ« تشرين»: إن البيع على الطرقات مهنة قديمة جداً في مدننا وشوارعنا وفي كل منطقة بلاد الشام.
مضيفاً: إن البائعين ليسوا مزارعين بل هم من صغار الكسبة الذين يبحثون يومياً عن رزقهم من خلال بيع ما يتوافر من منتجات زراعية طازجة في أسواق الهال.
و أوضح أنهم من صغار التجار الذين يتسوقون بضائعهم من أسواق الجملة أو من القرى والمزارعين المنتجين مباشرة وينقلون الإنتاج إلى شوارع المدينة أو مداخلها ومخارجها ويبيعون بسعر متوسط بين سعر سوق الجملة وسعر محلات بيع الخضار, والسبب هو عدم التزامهم بأجور محل أو فروغ أو حتى ضريبة دخل للدولة، وهم بذلك يحققون ربحاً قريباً من ربح تجار أسواق الجملة أو أصحاب محلات بيع الخضار.
وأكد أيوب أن المزارع لا يمكن أن ينقل إنتاجه بهذا الشكل ويبيعه بالمفرق لكونه مشغولاً بأرضه ومزرعته وإنتاجه المقبل.
وعن تنظيم هذا العمل قال أيوب: إن الأمر صعب لكون هؤلاء الباعة هم من العاملين في محال اقتصاد الظل والمتهربين من الضرائب وليست لديهم الرغبة بتنظيم أعمالهم، ولكن يمكن تنظيم العمل الزراعي بشكل أفضل في حال الاعتماد على أسواق الضيعة التي تستهدف عرض إنتاج المزارعين في تجمعات قريبة من مزارعهم ليتم البيع فيها سواء منهم أو من وسطاء من أبناء قراهم، ما يمكّن المصدرين من شراء الإنتاج بشكل أنقى وأكثر نظافة من الإنتاج المنقول لأسواق الجملة.