الوعي الجمعي
مشهد التسويات الذي ساد ويسود عدداً من المناطق والمحافظات في مختلف أنحاء الجغرافيا السورية، يعدّ من الإنجازات والانتصارات التي حققتها وتحققها الدولة السورية، وهو ليس دليلاً فقط على إصرار الدولة على إعادة الحياة إلى طبيعتها وترسيخ الأمن والاستقرار رغم أهمية هذا الأمر البالغة، إنما هو دليل أيضاً على السقوط المدوّي للمشروع الصهيو- أمريكي الإرهابي الذي قام على مراهنات خاسرة.
مشهد الإقبال اللافت على التسويات والرغبة الحقيقية لدى الشبّان في اللحاق بركبها لتصحيح أخطاء الماضي، أسقط كل الرهانات إضافة إلى مشاهد أخرى، فهؤلاء الشبّان كان العدو يراهن عليهم، مادياً، عبر استغلال حاجتهم للمال نتيجة ضائقة دفعت العديد منهم إلى الانجرار وراء ما سوقه العدو وقنوات الإعلام الغربي المضلّلة، وفكرياً، من خلال اللعب على توجهات إيديولوجية معينة وتشويه صورة الدولة، ورغم أن تلك الرهانات نجحت فترة من الزمن، لكن الوعي الجمعي لما يخطط للبلد كان المنتصر وأسقط كل ما عداه.
من غُرر بهم أدركوا ولو في وقت متأخر خطأ الانجرار وراء ما يُدبر ويخطط العدو الذي يبحث دائماً عن ثغرات ينفذ منها، وأدركوا أن تحت سقف الوطن يمكن التفاهم والبحث عن حلول والتوصل إلى نتائج، فرفضوا أن يكونوا أدوات في يد الأعداء، وأتت التسويات لتسد الطريق على ما يُخطط له هذا العدو ونتيجة مطالبات مُلحة من أولئك ومن وجهاء مناطقهم للعودة إلى ممارسة حياتهم بشكلها الطبيعي، والمساهمة في إعمار هذا الوطن وترميم ما خربه الإرهاب.
الدولة السورية لم تبخل يوماً على أبنائها، تمدّ يدها دوماً إليهم بمحبة، وكان باب المصالحات مفتوحاً دائماً، إيماناً منها بأنه لا يعمر البلد، ولا ينهض سوى بسواعد أبنائه، وأنه لابد من طيّ صفحة الماضي وفتح صفحات جديدة عنوانها التعاضد والتعاون لنهوض الجميع معاً، والتطلع لآفاق جديدة فاعلة ترقى لمستوى التضحيات التي قدمت والأرواح التي بُذلت في سبيل الحفاظ على سيادة واستقلال سورية، فعدم نسيان الماضي ورفض التعاون لا يفضيان إلا إلى أمور لا تحمد عقباها، وإغراق البلد في الفوضى.